سباق الحصول على لقاح مضاد لكورونا

في الوقت الذي تتسابق فيه دول العالم لتأمين وصول لقاح مضاد لفيروس كورونا من الشركات التي أعلنت فعالية لقاحاتها ضد الفيروس، تظهر إيران بمواقف متناقضة من سباق الحصول على اللقاح على الرغم من حجم الإصابات والوفيات لديها جراء الجائحة، مما يفتح الباب أمام احتمال أن تكون من أواخر الدول التي تحصل على لقاح مضاد للفيروس.

وفي تقرير أورده موقع “آسيا تايمز” الإخباري، فإن إيران التي تعتبر أكثر البلدان تضررا من الوباء في الشرق الأوسط، متأخرة بكل المقاييس في السباق العالمي للحصول على اللقاح، الأمر الذي أثار انتقادات جديدة للرئيس حسن روحاني الذي يُنظر إليه على أنه يفتقر إلى وضع خطط فعالة لمواجهة الجائحة.

كورونا - إيران قد تكون متأخرة في الحصول على لقاح مضاد للفيروس

الرئيس الإيراني حسن روحاني – رويترز

وحتى يوم الخميس الماضي، تجاوز عدد ضحايا الفيروس 53 ألفا في إيران.

كورونا حبر على ورق

اللافت أن إيران هي واحدة من 94 دولة وقعت اتفاقيات التزام مع منشأة (COVAX) التي يشارك في قيادتها (Gavi)، وهي عبارة عن تحالف دولي لابتكار لقاحات للأوبئة (CEPI) مع منظمة الصحة العالمية، ومع ذلك يرى مراقبون أن السياسة والأيديولوجيا تعيقان تقبل إيران للقاحات من دول غربية.

طهران بررت عدم الحصول على لقاح رغم اتفاقياتها السابقة، بأن العقوبات الأمريكية تعيقها للحصول على لقاح، وكتب عبد الناصر همتي، محافظ البنك المركزي الإيراني، على صفحته على إنستغرام في السابع من هذا الشهر، أن محاولات إيران لشراء اللقاح من خلال ترتيبات COVAX توقفت بسبب “العقوبات الأمريكية”.

في غضون ذلك، غردت وزارة الخارجية الأمريكية عبر حسابها على تويتر باللغة الفارسية يوم الخميس الماضي، أن الولايات المتحدة “لم تفرض قط عقوبات على قطاعي الصحة والطب والمساعدات الإنسانية والأدوية في إيران، ولن تفعل ذلك”.

كورونا - إيران متأخرة في الحصول على لقاح

مستشفى يعالج المصابين بفيروس كورونا في إيران – رويترز

تناقض

بدعوى أن العقوبات تؤثر على وصول إيران إلى اللقاحات الأجنبية، أعلنت وزارة الصحة، أن طهران تعمل على لقاح محلي من المرجح أن يتم الكشف عنه في يونيو 2021.

قال بايام تابارسي، رئيس قسم الأمراض المعدية في مستشفى “مسيح دانشفاري” بطهران وأحد الباحثين المشاركين في مشروع لقاح كوفيد الإيراني لصحيفة “همشهري” إن بعض المسؤولين “يصدرون أصواتًا غير ضرورية” من خلال الادعاء خطأ بأنهم اشتروا التطعيم من الخارج بينما إيران لا يمكنها التعامل بالدولار الأمريكي”.

وتابع: “حتى للحصول على لقاح الإنفلونزا، لم نتمكن من تحويل الأموال، يجب أن نقبل أننا تحت العقوبات ولا يمكننا نقل الأموال إلى الخارج، لذلك لا يمكننا شراء اللقاحات. نحن بحاجة إلى تطوير لقاح بأنفسنا”.

ومع ذلك، يستمر المسؤولون الإيرانيون بتكذيب بعضهم البعض، وإرباك الإيرانيين الذين كافحوا وعانوا من الوباء منذ ما يقرب من عام، وفق تقرير موقع “آسيا تايمز”.

ففي 8 كانون الأول/ديسمبر الماضي، قال “كيانوش جهانبور”، المتحدث باسم إدارة الغذاء والدواء الإيرانية (IFDA) لوكالة الأنباء الرسمية في البلاد، إنه “سيتم شراء ما مجموعه 42 مليون جرعة من لقاح كورونا لـ 21 مليون إيراني، من ضمنهم مليون لقاح ستحصل عليها البلاد عبر منشأة COVAX، وسيتم استيراد 21 مليونًا من شركات التصنيع الأجنبية مباشرة وسيتم إنتاج الباقي من خلال مشاريع مشتركة مع دول أخرى”.

بعد 4 أيام من إعلان جهانبور الواعد، ظهر مصطفى غني، رئيس اللجنة العلمية لفريق العمل الوطني لفيروس كورونا على التلفزيون الحكومي لصب الماء البارد على فكرة استيراد اللقاحات عبر آلية COVAX، وقال إن “إيران أخطرت COVAX بأنها لا تحتاج إلى لقاح فايزر لأن بلاده ليس لديها طائرات مجهزة لنقل للقاح جواً في درجات حرارة شديدة البرودة وتفتقر أيضًا إلى الثلاجات المتخصصة لتخزين اللقاحات عند درجات حرارة -70 درجة مئوية، وهو أمر ضروري لضمان فعالية اللقاح”.

ومما زاد من تعقيد الموقف رد وزير الطرق والتنمية  محمد إسلامي في 17 ديسمبر، أنه لا توجد صعوبة فيما يتعلق بنقل اللقاحات جواً، وبمجرد أن تحدد وزارة الصحة بلد المنشأ ستكون الطائرات الإيرانية قادرة على تسلم دفعات من اللقاح.

كما أكد رئيس منظمة الطيران المدني الإيرانية، تراج دهقاني، أن هناك شركتي طيران، هما “إيران للطيران” و”ماهان إير”، مستعدتان للمساعدة في توصيل اللقاحات.

نظرية المؤامرة

وبعيدا عن الأمور اللوجستية والعقوبات، يرى موقع “آسيا تايمز” أن المتشددين في إيران، استندوا كعادتهم إلى نظريات المؤامرة إلى عدم تسويق الحصول على لقاح، وخاصة أنهم مع بدء تفشي الوباء، انتقدوا اتباع الإرشادات الصحية وسخروا من منظمة الصحة العالمية.

ففي السابع من الشهر الجاري، حرفت زهرة شيخي، العضوة المحافظة في البرلمان الإيراني، اقتباساً عن الملياردير “بيل غيتس” وادعت أنه يعتزم القضاء على 15% من سكان العالم من خلال لقاح فيروس كورونا.

كما اتهمت منظمة الصحة العالمية بأنها “داعية للإجهاض”، ملمحة إلى ضرورة أن لا تطلب إيران لقاحات من الخارج.

مؤخرا، أكد ممثل منظمة الصحة العالمية في إيران الدكتور كريستوف هاملمان، للإيرانيين، أن قواعد ولوائح العقوبات لن يتم تطبيقها عند شراء لقاحات من COVAX وأنه يمكن للإيرانيين الحصول على نصيبهم العادل من اللقاح.

من جانبه، حذر عالم الأوبئة في جامعة أكسفورد “ماهان غفاري” من أن حصيلة الوباء قد تتفاقم إذا تباطأت إيران وفشلت في شراء التطعيم بالكميات اللازمة لتحصين السكان الذين لا يزالون معرضين بشدة للعدوى، وقال “أعتقد أن عدم شراء لقاحات من COVAX سيؤدي إلى تأخير استجابة الصحة العامة.. علينا أن نتذكر أننا ما زلنا في منتصف الجائحة وأن نسبة كبيرة من الشعب الإيراني لا تزال عرضة للإصابة كوفيد – 19”.

وتابع في تصريحات لموقع “آسيا تايمز”: “يمكن أن يكون لمثل هذه التأخيرات عواقب وخيمة على الصحة العامة وقد تؤدي إلى ارتفاع عدد الوفيات المحتمل في الأشهر المقبلة بينما لا يزال الإيرانيون ينتظرون أن تؤتي لقاحاتهم المحلية نتائج مثمرة في التجارب السريرية”.

كورونا - إيرام متأخرة في الحصول على لقاح

صورة لأحد المرافق الطبية في إيران – رويترز

المواطن الإيراني خارج حسابات الدولة

في الوقت الذي بات شغل المسؤولين الإيرانيين الإدلاء بتصريحات متناقضة حول استيراد اللقاحات الدولية، يخرج البعض منهم ليقنعوا الإيرانيين بالثقة في اللقاح المحلي المعتزم إنتاجه، ويقول الخبراء إن السياسة والأيديولوجية تدعمان مقاومة إيران الواضحة للقاحات الأجنبية.

وقال مصطفى شكوحي عالم الأوبئة: “من الصعب جدًا تحديد الأسباب الرئيسية التي قد لا تكون إيران على استعداد لاستيراد لقاح فايزر واستخدامه، لكنني لن أشعر بالصدمة إذا عزى أحدهم سبب ذلك إلى الأيديولوجية التي تحكم إيران”.

وتابع: “إيران محقة في أن بعض اللقاحات تتطلب مرافق خاصة للحفاظ على اللقاح آمنًا وخاصة اللقاح من شركة فايزر، ولكن ماذا عن اللقاح الذي ابتكرته شركة مودرنا والذي لا يتطلب مثل هذه المرافق؟! نحن نعلم أن اللقاح الأخير يحتاج ما بين درجتين إلى ثماني درجات مئوية للحفاظ عليه.. كما ترى، لا يتعلق الأمر بشراء بعض المرافق أو المواد الأخرى، إنها مسألة شيء آخر لا ندركه تمامًا”.

في غضون ذلك، صرح المتحدث باسم Gavi وهي شراكة صحية عالمية بين القطاعين العام والخاص ومقرها جنيف، لـ”آسيا تايمز” أنه “تم الحصول على ترخيص من مكتب مراقبة الأصول الأجنبية الأمريكي، لذلك لا يوجد عائق قانوني أمام إيران لشراء اللقاحات من خلال منشأة COVAX.”