أكثر من 24 مليون ناخب جزائري مدعوون يوم الأحد 1 نوفمبر 2020 للإدلاء بأصواتهم حول استفتاء تعديل الدستور تحت شعار “نوفمبر 1954: التحرير…نوفمبر 2020: التغيير”، استفتاء تاريخي يأتي في ظروف استثنائية فإضافة لجائحة كورونا التي تعقد حياة وحركة المواطنين في كل دول العالم بما فيها الجزائر … فإن هذا الاستفتاء على تعديل الدستور الجزائري يأتي في ظل غياب القاضي الأول في البلاد الرئيس عبد المجيد تبون الذي يخضع حاليا للعلاج خارج البلاد.

يقبل الجزائريون على الاستفتاء في يوم يغيب رئيسهم عبد المجيد تبون عن البلاد بعد أن نقل مؤخرا إلى ألمانيا للعلاج . وكانت رئاسة الجمهورية أعلنت الخبر رسميا ، قبل أن تطمئن الجزائريين بأن حالة الرئيس مستقرة . وتفاجا الجزائريون بنقل رئيس بلادهم لألمانيا لتلقي العلاج وليس لفرنسا ، الوجهة الاستشفائية المفضلة لمن سبق تبون في حكم الجزائر . وأعلنت الرئاسة الجزائرية أن  الرئيس سيخضع لفحوصات طبية معمقة في أحد أكبر المستشفيات الألمانية المتخصصة ، وأن فريقه الطبي متفائل بنتائج الفحوصات وأن الحالة الصحية للرئيس “مستقرة ولا تدعو للقلق ” .

وإن طمأنت الرئاسة الجزائريين بخصوص صحة رئيسهم … إلا أن هناك أمور أخرى تثير قلقهم ، فمخاوف عدوى كورونا لا تزال شائعة ، مع استمرار تسجيل الجزائر مئات المصابين يوميا ، ولطمأنتهم أعلن محمد شرفي رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات عن بروتوكول صحي تم اعتماده خصيصا خلال فترة الاستفتاء لحماية المنظمين والناخبين . ويتضمن البروتوكول تعليمات صحية إلزامية داخل قاعات المحاضرات والمكاتب وقاعات العمل التي سيتم تزويدها بمحلول كحولي للتعقيم ، مع إلزامية وضع الأقنعة الوقائية واحترام مسافة التباعد الاجتماعي وتفادي التلامس الجسدي بين الأفراد ولا يسمح بالتواجد داخل المكتب إلا لشخصين أو ثلاثة فقط وما بين 5 و7 أعضاء بقاعة العمل حسب مساحتها.

1 نوفمبر …

واجتهدت السلطة قدر الإمكان لإنجاح الاستفتاء ، فهي اختارت له يوما مميزا جدا في تاريخ الجزائر ، وهو الفاتح من نوفمبر المصادف لذكرى انطلاق الثورة الجزائرية التحريرية الكبرى التي انطلقت في 1954 واثمرت بطرد المستعمر الفرنسي من الجزائر ، وهي ذكرى عزيزة على كل جزائري ، موعد قال متابعون إن السلطة اختارته لحمل الجزائريين على مشاركة قوية في الاستفتاء . وفي هذا الإطار أعلن الناطق باسم الحكومة الجزائرية وزير الاتصال عمار بلحيمر أن مشروع تعديل الدستور” أحدث تغييرات جذرية في مفهوم مجمل الحقوق والحريات”، وحمل تعديلات  “مستوحاة من روح بيان أول نوفمبر1954 ومعبرة عن طموحات الشعب “.

لكن في نفس الوقت توعد الناطق الوزير من اعتبرهم معطلين للقرارات الحكومية بغية منع مسار الإصلاح في البلاد، بالعقاب اللائق بهم . وسبق لتبون أن تحدث عما اسماها ” ثورة مضادة ” . وقال بلحيمر ب: ” إن المعطِّلين جميعهم سينالون الجزاء نفسه، إذا ما استمروا على منهاج التعطيل… إلا من تاب وعاد إلى جادّة الصّواب، فالجزائر تسعُ الجميع”.

انطلاق عملية التصويت

اختتمت الحملة الاستفتائية التي انطلقت يوم 7 أكتوبر الجاري ودامت 22 يوما ، لتنطلق بعدها صباح الجمعة عملية التصويت عبر 15 مكتبا متنقلا لتمكين سكان المناطق النائية وتجمعات البدو الرحل بولاية النعامة من أداء واجبهم الانتخابي في إطار الاستفتاء حول مشروع تعديل الدستور .

وكانت حملة الشرح والاقناع بمزايا وأهمية الإستفتاء انطلقت قبل أسابيع ، بمشاركة أفراد الطاقم الحكومي ومستشاري الرئيس إضافة لرئيس أركان الجيش ، دعوا جميعهم المواطنين الجزائريين للاقبال بكثافة على مراكز الاقتراع . بدوره الوزير الأول عبد العزيز جراد نشط عشية انتهاء الآجال القانونية للحملة، لقاء بالجزائر العاصمة أكد فيه أن دستور نوفمبر 2020 جاء ليستكمل مسيرة “بناء الدولة الوطنية”، معربا عن يقينه بأن الشعب الجزائري “سيدعم هذا المشروع الذي يستجيب لتطلعاته”.

وبالموازاة مع نشاط الطاقم الحكومي المروج لأهمية التعديل الدستوري ، ظهرت أصوات رافضة للتعديل ، لكن اصحاب هذه الأصوات – وفق نشطاء – منعوا من تنشيط تجمعات لشرح أسباب رفضهم للتعديل وموقفهم من الاستفتاء ، فاكتفى أغلبهم بصفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي أو تصريحات لوسائل إعلام عربية أو أجنبية على الأغلب .

لأول مرة في تاريخ الجزائر …

وكعادتهم  مع كل موعد انتخابي  … يتحدث جزائريون عن تزوير يطال الاستفتاء  … أحاديث خبرتها السلطة في الجزائر ، وردا عليها كشف اليوم السبت محمد شرفي رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات أنه ولأول مرة منذ الستينات أصبحت الكتلة الناخبة تحت السيطرة الكاملة للسلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، بعيدا عن هيمنة الإدارة ووزارة الداخلية.

فهل قدمت السلطة بالجزائر ما يكفي من ضمانات لحمل المواطن الجزائري على التوجه لمكاتب الإقتراع ؟ أم مازال الطريق طويلا ليستعيد الجزائريون ثقتهم في ” صندوق ” التغيير ؟ الإجابة لن تطول فيوم الأحد إستفتاء وبعدها إعلان للنتائج .