أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة (أمين دزيري)

إن كنت تكتب بأحرف عربية ولكن تنطقها بالقارلوقية، وان كنت محتلا، مضطهدا مهجرا  أو حتى مسجونا أيضا في مركز اعتقال أو تأهيل كما يسمونه ليس لجرم ارتكبته أو لفعل مشين قمت به ولكن لتغيير عقيدتك و التخلي عن صلاتك و صومك و معتقداتك.. انت كنت كل هذا و أكثر فانت حتما ايغوري.

أما ان لم تكن ايغوريا مثلي وتريد فهم أصل الحكاية مثلي ايضا فرافقني نبحر نحو أراضيهم و نعود في أزمنتهم البعيدة لنفهم بداية حكايتهم و أصل قصتهم .

كبسولة الزمن سترجع بنا لبداية العصر البرونزي أي حوالي العام 1800 قبل الميلاد أين وُجدت أول موميوات للايغور في رقعة جغرافية في قلب اسيا وتبلغ مساحتها  1.6 مليون كيلو متر مربع.

في هذه الحقبة التاريخية بدأت القبائل و القوميات تسكن المنطقة ليشكلوا مزيجا ثريا من الثقافات و الحضارات. الدراسات أثبتت أن الأويغور خليط من الأعراق، فبحسب الدراسة يمتلك الايغور حوالي 60٪ من الجينات ذات أصول أوروبية أو جنوب غرب آسيوية وحوالي 40٪ من أصول شرق آسيوية.

إذا كنت مهتماً بما كشفته قائمة قاراقاش، يمكنك معرفة المزيد عن محنة الإيغور في هذا التقرير الخاص الذي أعده جمال لعريبي من كازاخستان

الأطماع في السيطرة على المنطقة بدأت منذ القدم ، موقعها الاستراتيجي و تموقعها في طريق الحرير القديم جعل من السيطرة عليها يعد مكسبا عظيما ،خضعت المنطقة لاحقا لسيطرة العديد من الحضارات تاريخياً بما في ذلك الصين والمغول والتبت وغيرها من الحضارات القديمة في المنطقة.

نسافر في الزمن للقرن العاشر ميلادي حين بدأ الاسلام في الانتشار بقوة في المنطقة خاصة، عندما اعتنق زعيم الايغور آنذاك «ستوق بغراخان خاقان» الاسلام سنة 943، حينها دخلت نحو مائتي عائلة في الإسلام ، وبدأوا نشر الدين الإسلامي إلى المناطق المجاورة ليكتمل تحويل شعب الأويغور إلى الإسلام بشكل كامل في حدود القرن السابع عشرميلادي.

نرتحل للعام 1644، يمثل هذا التاريخ نقطة سوداء في ذاكرة المسلمين الايغور .. في هذا التاريخ استلمت اخر الممالك الصينية الحكم وهي مملكة تشينغ حيث حكمت من 1644 وحتى سنة 1912 لتواصل فصول معانات الايغور.. دخلت الصين الاقليم في البداية بطلب من مسلمي الأيغور لمواجهة المغول الذين دأبوا على العبث بالمنطقة. لينقلب السحر على الساحر فبعد النجاح في القضاء على الموغول بدأت الصين عمليات تهجير لعديد العرقيات من أراضيها و توطينهم بالمنطقة وعلى مدار قرنين استمرت محاولات الصين المستمرة لالسيطرة عليه وإخضاعه لحكمها شهد خلالها الايغوريين حملات ممنهجة من الابادة و التهجير.في عام 1875 احتلت الصين الإقليم، وظل خاضعاً لسيطرتها حتى عام 1931.

المسلمين الايغور كانت لهم محاولات للثورة على المحتل بعد ذلك و نجحوا في الاستقلال سنتي 1933 و1944 و لكن لفترات قصيرة وباعتبار أن البلاء لا يأتي فرادى ..تحالف صيني روسي بقيادة الزعيم السوفييتي جوزيف ستالين حينها قضى على جميع محاولات استقلالهم وانتهت بحملات تطهير عرقي ومقتل ما يقرب على 10,000 مسلم وفي المقابل مُنحت روسيا قدما للتنقيب على النفط في المنطقة.سنة 1949 بدأ فصل جديد من فصول معانات الايغور حين سيطر الحزب الشيوعي على الدولة بقيادة ماو تسي تونغ ليتخذ مزيدا من الإجراءات تجاه سكان الإقليم منها:

  • اعتبار الإسلام خروجاً عن القانون.
  • إلغاء الملكية الفردية.
  • استبدال مناهج التعليم الخاصة بالتاريخ الإسلامي بتعاليم «ماوتسي تونغ»، و الشيوعية.
  • جعل اللغة الصينية هي اللغة الرسمية.
  • قوانين لتحديد النسل.
  • المنع من السفر و غيرها من القوانين القمعية البغيضة.

لم يستسلم الايغوريون واستمر الكر والفر لسنوات مع الحكومة الصينية التي لم تدخر جهدا للتضييق علىهم في محاولات مستمرة تخللتها عمليات اعدام لناشطين سياسيين ومساجين ورقابة صارمة لكل عائلة ايغورية مسلمة وغيرها من الممارسات القمعية في حقهم لتنفجر قضية معسكرات إعادة التعليم في شينجيانغ سنة 2017  حيث وُثّق وجود نحو 500 معسكر وسجن تديرهم الصين لاحتجاز أفراد هذه العرقية المسلمة ومليوني شخص على الأقل محتجزون في هذه المعتقلات يتم إجبارهم فيها على التخلي عن ديانتهم والقسم بالولاء للحزب الشيوعي الصيني أو بمعنى أصح .

برأيك هل ستنتهي واحدة من أقدم فصول المعاناة و القمع على مر التاريخ؟