أخبار الآن | البرازيل – أمريكا الجنوبية (غرفة الأخبار)

ليست أول مرة تحترق فيها غابات الأمازون، ولكنها أول حرائق تنذر بتأثيرات مخيفة قد تطالنا جميعا؛ فالحرائق المتزامنة معتادة في هذه الغابات الكثيفة، تشتعل أثناء فترات “التحريق”، وهي طريقة بدائية يستخدمها المزارعون للتخلص من أشجار المحاصيل القديمة تمهيدا لزراعة أشجار ثمار مختلفة، ويشتعل بعضها ذاتيا بفعل الجفاف أو البرق.

الخطير في هذه الحرائق ليس عدُدها البالغ 73000 ألف حريق، بزيادة تصل إلى 80% عن عدد حرائق السنوات الماضية. ولا يكمن الخطر في شدتها وسرعة إنتشارها، أو في الآثار المباشرة المؤثرة في الدول المتشاركة في أهم حوض غذائي ومائي في العالم.. فتبعات الأمر أخطر من ذلك بمراحل.

لفهم ما يحدث؛ ولكي نستطيع التنبؤ بما قد يحدث يجب أن نعرف أولا كيف تعمل الطبيعة وكيف لا تعمل.

الإختلالُ البيئي الناجم عن انبعاثات الكربون، تُوازنهُ الطبيعةُ عبر غابات مختلفة، أهمها وأكبرها غابات الأمازون، فهي تعمل كفلتر أو مصفاة، تمتص أول وثاني أكسيد الكربون وغازات ضارة أخرى من الجو، لتخزنها بداخلها، وتطلق الأكسجين عوضا عن ذلك.

القنبلة الموقوتة.

لكن عندما تحترق غابة عمرها ملايين السنين، فإنها تطلق إلى الجو مخزونا هائلا من الإنبعاثات السامة والضارة التي خزنتها على مدى تلك السنوات.. تطلقها في فترة قصيرة جدا بالنسبة إلى دورة الطبيعة، التي تتجدد ببطئ شديد.. الأمر أشبه بقنبلة انفجرت فجأة.

قنابل الطبيعة، إن صحت التسمية، تعمل وفق مبدأ الطبيعة، مبدأ كرة الثلج المتدحرجة، فالحرائق أدت إلى نفوق كثير من الحيوانات، وإلى تدمير مساحات شاسعة من المحاصيل الزراعية، وإلى تخريب الأرض المحروقة؛ وعدم امكانية زراعتها إلا بعد استصلاحها.. وفي حالة حرائق الأمازون، فالنتائج الفورية قد بدأت تؤثر في بورصات المواشي والغذاء حول العالم.

الغابات المطيرة في حوض الأمازون موطن آلاف أنواع الحيوانات، النادرةِ أو المهددةِ بالإنقراض، ويسكنها أكثر من مليون إنسان، هجرة الناجيين منهم، ستؤدي إلى عدم توازن في الأماكن التي ستستقبلهم، وستنشأ تأثيرات سلبية متتابعة؛ نظرا لقلة الموارد وزيادة الطلب من البشر، والحيوانات على حد سواء.

ويزيد من خطورة الأمر: التأثير العكسي، فبعد أن كانت غابات الأمازون أهم رئة طبيعية تنظف هواء العالم، وتنتج 20% من الأوكسجين حول العالم، أصبحت مصدرا للتلوث والإنبعاثات الضارة، وغدت عاملا مساعدا في استفحال مشكلة الإحتباس الحراري.. المقلقة للغاية.

معروف كذلك أن الغابات تجلب الأمطار، ولكن حرائق الأمازون باتت تنذر بإنخفاض معدل الأمطار العالمي!! الأمر الذي يعني طقسا أكثر حرارة وجفافا، وتقلبا.

للأمر تبعات أخرى مختلفة ومتداخلة، بعضها يمكن التنبؤ به ووضع خطط لاحتواءه، وكثير منها يجعل كثيرا من العلماء والباحثين يتخوفون من الأسوأ، بتسريع الاحتباس الحراري وآثاره المدمرة.

بالنسبة للكثير، قد يبدو الأمر مبالغة، او عصيا على التصديق، ولكن فكروا فقط، ماذا لو كانت النار مشتعلة في جزء حيوي من جسد الكائن الحي، وان لم يكن ذلك كافيا، فنحن نتحدث عن حريق كبير قد يمتد إلى 8 دول إذا لم يتم ايقافه.

بوليفيا والبرازيل وكولومبيا وإكوادور وغيانا وبيرو وسورينام وفنزويلا