القاعدة 2024: غياب على الأرض وسيف العدل يتصدر الإعلام الرسمي بحلّة إيرانية
أهلاً بكم إلى حلقة هذا الأسبوع من المرصد، في الجزء الثاني من حصاد نهاية العام 2024- نستعرض أهم أحداث الساحة الجهادية في هذا العام. وأبرز العناوين:
- هجمات ”خارجية“ موجعة يشنها داعش في روسيا وإيران وعُمان، و تحذير من صعود التنظيم في شرق إفريقيا
- القاعدة 2024: غياب على الأرض وسيف العدل يتصدر الإعلام الرسمي بحلّة إيرانية
وفيما تحتفي دمشق بعام جديد ”وإدارة“ جديدة، نواصل الحديث مع سوريين شاركوا في الحراك الشعبي منذ 2011. ماذا يقولون اليوم. ضيفة الأسبوع، الصحفية سيلفا كورية، التي كان لها دور في إبراز إعلام الثورة منذ البدايات.
داعش 2024.. قيادة غائبة
تميز العام 2024 بتواصل تآكل قيادات داعش على الأرض وتغيبهم الواضح في الإعلام الرسمي إلى حدّ غير مسبوق خاصة في النصف الثاني من العام.
إعلاميا، لم تظهر قيادة داعش في الإعلام الرسمي للتنظيم إلا مرتين. في 4 يناير، بثت مؤسسة الفرقان كلمة صوتية للمتحدث باسم التنظيم أبي حذيفة الأنصاري تتعلق بحملة ”غزوة واقتلوهم حيث ثقفتموهم“ التي أطلقها التنظيم رداً على الحرب على غزة. الحملة استمرت عشرة أيام فقط.
الكلمة الثانية كانت للأنصاري أيضاً في 28 مارس بمناسبة عشرية إعلان خلافة داعش المزعومة في 1 رمضان 1435 هجرية. أبو حذيفة دعا أتباع التنظيم إلى ”السمع والطاعة“ وسط خلافات تعمقت داخل مؤسسة الأنصار الإعلامية من قبيل التخوين والتكفير.
رغم هذا ظل الإعلام الرسمي على حاله من الخيلاء وأحلام اليقظة؛ فدعا إلى ”الهجرة والنفير“ إلى ”ربوع الدولة!“
على الأرض، تعرض التنظيم في العراق والشام تحديداً إلى خسائر بشرية قاسية.
في أكتوبر 2024 أعلنت القيادة المركزية الأمريكية سنتكوم أنها نفذت خلال شهرين 95 غارة ضد داعش في المنطقة أسفرت عن قتل 163 داعشياً واعتقال 33 آخرين بمن فيهم 30 من قادة التنظيم في مستويات عليا ومتوسطة.
أبرز الهجمات كان في الأنبار غرب العراق في 29 أغسطس حيث قتل أربعة قياديين بارزين في التنظيم هم أحمد العيثاوي مسؤول العمليات في كل العراق، وأبو همام مسؤول العمليات في غرب العراق، وأبو علي التونسي مسؤول التطوير التقني والمتفجرات، وشاكر العيساوي المسؤول العسكري في غرب العراق.
قبل هذا الحدث بشهرين تقريباً وفي يونيو 2024 أعلنت السنتكوم أنها نفذت غارة في سوريا قتلت فيها أسامة الجنابي المكنى بأبي ليث والمسؤول عن التجهيز والتسليح العام.
في أبريل 2024 قال الجيش في مالي إنه نجح في قتل أبي حذيفة أحد أهم قياديي داعش الصحراء الكبرى، المعروف باسم ”هيغو“، والذي تولى مع آخرين أمور التنظيم هناك بعد قتل أبي الوليد الصحراوي في أغسطس 2021.
في النصف الثاني من 2024 دار جدل حول مصير وهوية ”خليفة“ داعش المزعوم الخامس. في يونيو، قال مسؤولون أمريكيون إن غارة على شمال الصومال في مايو استهدفت عبدالقادر مؤمن زعيم داعش الصومال باعتباره”زعيم داعش العالمي“؛ ورجحوا أن يكون الرجل نجا من القصف. فُهم من هذه الإحاطة أن أمريكا تعتقد أن عبدالقادر مؤمن هو خليفة داعش.
في يوليو، نشرحساب قناة فضح عباد البغدادي والهاشمي المتخصص في كشف خبايا التنظيم أن عبدالقادر مؤمن هو فعلاً المكنى أبو حفص الهاشمي القرشي الذي نُصّب ”خليفة“ لداعش في أغسطس 2023 وأن الرجل لا يزال على قيد الحياة.
باحثون وصحفيون متخصصون شككوا في هذه المعلومة لملاحظات لا أقلها تحديد نسب عبدالقادر مؤمن الهاشمي شرطاً للخلافة. الصحفي اليمني محمد بن فيصل نقل في 2 يوليو أن الرجل هاشمي قرشي ينتمي إلى قبيلة تتصل بنسب عقيل بن أبي طالب.
داعش 2024… هجمات “خارجية”
النصف الأول من 2024 شهد هجمات دموية شنها داعش في مناطق بعيدة عن نشاطه المعتاد.
في 3 يناير، فجر انتحاريان من داعش نفسيهما في جموع مشيعين احتشدوا قرب قبر قاسم سليماني قائد فيلق القدس في كرمان ما أسفر عن قتل أكثر من 100 شخص. في يوليو، ألقت السلطات الإيرانية القبض على الداعشي عبدالله كويتا الذي قالت إنه مُدبّر الهجوم.
وفي مارس، هاجم داعش قاعة كروكاس سيتي هول في ضواحي العاصمة الروسية موسكو ما تسبب في قتل أكثر من 130 شخصاً.السلطات الروسية ألقت القبض على المهاجمين وقالت إنهم يحملون الجنسية الطاجيكية.
في 15 يوليو، وفي حدث مفاجئ من حيث الجغرافيا، هاجم داعش مسجد الإمام علي في منطقة الوادي الكبير في العاصمة العُمانية مسقط حيث أحيا المصلون ليلة عاشوراء.
من هنا جاء التحذير في 2024 من التراخي في التصدي لداعش بداعي انكساره في العراق والشام. الباحث آرون زيلين من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، لفت إلى أن ولايات داعش باتت تتعاون فيما بينها في إنتاج الإرهاب: فمنها ما يمول وآخر يخطط وآخر ينفذ.
من علامات الخطر أيضاً أن ذكرت الخزانة الأمريكية في فبراير 2024 أن تمويل داعش في شرق إفريقيا ”تعافى بشكل ملحوظ“ بالرغم من قتل مسؤوله المالي، بلال السوداني في 2023.
وفي أكتوبر، أصدرت اللجنة الأممية لرصد العقوبات على الصومال تقريراً قال إن فرع داعش الصومال توسع في بونتلاند بسبب تدفق لافت للمقاتلين الأجانب جاؤوا من سوريا واليمن وإثيوبيا والسودان والمغرب وتنزانيا.
زوجة “خليفة” داعش الأول
أصدر القضاء العراقي في يوليو 2024 حكماً بالإعدام على أرملة زعيم داعش السابق أبي بكر البغدادي. قرار الحكم أشار إلى تورط أم حذيفة أسماء الكبيسي في مأساة سبي الإيزيديات من قضاء سنجار في 2024 .
أسماء هي زوجة البغدادي الأولى، كانت ظهرت في فبراير 2024 في مقابلة مع قناة العربية السعودية؛ إلى جانب زوجته الثالثة نور إبراهيم وابنته أميمة.
القاعدة 2024.. خلاف القائد والجندي
مع استمرار الحرب على غزة، تعمقت الهوة بين أنصار القاعدة وقيادتها فيما يتعلق بالموقف من حماس. هو ليس موقفاً جديداً؛ لكن إطالة أمد الحرب وما رافقها من أحداث جسام في 2024 جعلت الخلل واضحاً وراسخاً. في قلب هذا الخلاف العلاقة بين القاعدة وإيران ومن يمثلها.
وهذه علاقة تتجاوز التخريج الفقهي لدى القاعدة من حيث التحالف مع إيران سياسياً كدولة لها تاريخ أسود في المنطقة العربية؛ أودينياً باعتبار مذهبها المخالف لمذهب القاعدة. المشكلة هنا تكمن في سلوك قيادة تنظيم القاعدة ممثلة بسيف العدل الذي يسكن طهران منذ أكثر من عقدين.
في 2024 نشرت القيادة العامة لتنظيم القاعدة بيانات أبّنت قادة حماس الذين قتلتهم إسرائيل في غزة وخارجها. البيانات لم تذكر حماس أو كتائب القسام، ولكنها أجزلت مدحهم وأعلت شأنهم كما جاء في بيان تأبين إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي السابق، ويحيى السنوار رئيس حركة حماس السابق والعقل المدبر لهجوم 7 أكتوبر.
هذا السلوك من قيادة التنظيم لا يتوافق مع طيف واسع من أنصاره ومريديه ممن يرون أن حماس لا تحكم الشريعة، بل وقتلت ”موحدين“ في مسجد ابن تيمية في 2009 ناهيك عن التحالف مع إيران.
القاعدة 2024.. سيف العدل يتصدر
انتهى العام 2024 ولم تحسم القاعدة مصير زعيمها أيمن الظواهري حياً كان أم ميتاً.
في المقابل، سيف العدل، ساكن طهران، حاضر في إعلام القاعدة الرسمي متابعاً للأحداث.
في النصف الأول من 2024 احتفى إعلام القاعدة بسيف العدل من خلال نشر السحاب أعداداً جديدة ضمن سلسلة ”هذه غزة“ التي أُمهرت بتوقيع المدعو سالم الشريف.
في العدد المنشور في 15 فبراير، أقرّت السحاب بأن سالم الشريف هو اسم مستعار آخر لسيف العدل، محمد صلاح الدين زيدان. وفي عدد منتصف يوليو، سردت السحاب جميع الأسماء المستعارة التي يتخذها القائد ”الفعلي“ للقاعدة وهي ”سيف العدل – حازم المدني – عابر سبيل – سالم الشريف – مهند سالم – أبو خالد الصنعاني.“
يلفت في هذه السلسلة خطاب سيف العدل المؤيد لإيران ووكلائها في المنطقة. في العدد المنشور في مايو 2024، أشاد سيف العدل بهجمات الحوثيين في البحر الأحمر وإن لم يذكر الحوثيين لفظاً.
وفي العدد المنشور في فبراير، بدا متحفظاً على أهداف حماس المعلنة من ٧ أكتوبر من قبيل ”تبييض“ السجون واعتبر أن الهدف الحقيقي يجب أن يكون ”التحرير؛“ وهو موقف يتشابه فيه مع فحوى مقالات صهره مصطفى حامد على موقع مافا السياسي الإيراني. في هذه المقالات يرى حامد أن تحرير الأسرى لا يعني شيئاً؛ وأن المهم هو تحرير الأقصى بل والسيطرة على البحر الأحمر: مكة والمدينة – وهذا مربط الفرس بالنسبة للسياسة الإيرانية في المنطقة.
شهد العام 2024 أحداثاً لافتة تتعلق بقياديي القاعدة العالميين والمحليين.
في يونيو، عرض برنامج ”مكافآت من أجل العدالة” التابع لوزارة الخارجية الأمريكية مكافأة تصل إلى خمسة ملايين دولار لمن يقدم معلومات عن حمزة صالح بن سعيد الغامدي، عضو مجلس شورى القاعدة والمرشح القوي لخلافة الظواهري.
وفي سبتمبر، وردت أنباء أن حمزة بن أسامة بن لادن حيّ يُرزق، بل ويحضّر لإحياء شبكة القاعدة بتنفيذ هجمات في العالم. تقارير استخباراتية قالت إن حمزة نجا من المحاولة الأمريكية لقتله في 2019، وأنه يعيش في أفغانستان في حماية القيادي المتنفذ في طالبان سراج الدين حقاني.
في مارس، أعلن تنظيم القاعدة في اليمن وفاة زعيمه خالد باطرفي وتعيين سعد بن عاطف العولقي خلفاً له. التنظيم لم يوضح سبب وفاة باطرفي.
وفي يونيو، رفعت محكمة العدل الدولية الحجب عن مذكرة اعتقال بحق إياد أغ غالي، زعيم جماعة نصرة الإسلام والمسلمين التابعة للقاعدة في مالي. رغم هذا سجلت الجماعة حدثاً استثنائياً للتنظيم محلياً وعالمياً بأن نجحت الجماعة في سبتمبر باحتلال مطار باماكو الدولي في مالي احتلالاً مؤقتاً.
طالبان 2024 .. صراع داخلي
في 2024، ظل المجتمع الدولي متوجساً من علاقة طالبان بالقاعدة. تقارير فرق رصد الجزاءات التابعة لمجلس الأمن الدولي وصفت هذه العلاقة ”بالوثيقة.“
في الأثناء، تواصل التوتر داخل مؤسسة الحكم في طالبان خاصة بين زعيم الجماعة هبة الله أخوندزادة وجماعة حقاني. في نوفمبر 2024، سحب أخوندادة سلطة السلاح من شخصيات وازنة هم سراج الدين حقاني وزير الداخلية، والملا محمد يعقوب وزير الدفاع، وعبدالله واثق مدير الاستخبارات العامة.
تعليقاً على هذا، قال الصحفي الأفغاني بلال صرواري على منصة إكس، إن القرار يتسق مع تحوّل أخوندزادة من صورة ”الزعيم الروحي ذي النفوذ المحدود على شؤون الحرب“ إلى الزعيم السلطوي صاحب الكلمة الفصل في القرارات الاستراتيجية الحاسمة. صرواري ربط هذا التحول بتأثير من قيادة تنظيم القاعدة ”التي تعقد اجتماعات دورية مع أخوندزادة لمناقشة قضايا استراتيجية.“