الأوضاع في غزة بعد 100 يوم.. وبالأرقام: داعش يحتضر في العراق

  • كيف ستبدو هيئة تحرير الشام بعد القحطاني؟

تناولت الحلقة الجديدة من برنامج “المرصد“، الأوضاع في غزة بعد 100 يوم من الحرب، حيث لا تبدُ في الأفق ملامح لنهاياتها، فلا في الأفق إلا موت بالصواريخ أو المجاعة أو قلة الحيلة.

ففي عالم الجهادية، انقسامات تتفرخ بسبب علاقة حماس بإيران.. إلى التفاصيل.

وضيف حلقة الأسبوع، الأستاذ عروة عجوب، طالب دكتوراة في جامعة مالمو يدرس الجماعات الجهادية.

المقدسي وفخّ غزة

تداولت قنوات جهادية مقالاً نُسب إلى أبي محمد المقدسي. في تاريخ 6 يناير، نقل حساب باسم ”الخوستي“ المقال وإن لم يكن موقعاً باسم المقدسي. لكن الباحث آرون زيلين نقل نص المقال في تاريخ 9  يناير وكان موشحاً بتوقيع المقدسي.

وحساب أنباء جاسم نقل أيضاً نص المقال الذي قال إنه ”منسوب“ إلى المقدسي.

في المقال الذي جاء بعنوان ”عسى ولعل! بتدبير الله وألطافه وأقداره؛ لا بأهواء الذين لا يعلمون“ ما انفك المقدسي يوضح موقفه من حماس وإن كان يبدو أنه ضاق ذرعاً بالجماعة ومادحيها، بمن فيهم تنظيم القاعدة، مع استمرار الحرب على غزة.

في المطلق، يأخذ المقدسي على حماس موالاتها لإيران وعدم اتخاذها ”الشريعة“ حكماً. وصل هذا الموقف إلى حدّ التكفير بحسب ما ثبت فيما نشره الرجل في منبر التوحيد والجهاد منذ العام 2009.

المرصد 227| جهاديون: حماس "ورطتنا" في غزة

فكلما شنت إسرائيل حرباً على غزة في الأعوام الماضية، كان المقدسي يكرر موقفه من الجماعة بالعودة إلى السببين أعلاه – إيران والشريعة، معللاً ”الفرح“ بهجمات حماس بالتمييز بين جناحي الحركة العسكري والسياسي. إلا أن هذا التمييز لم يكن حقيقياً ما أوقع الرجل وجهاديين في تناقض صارخ.

المهم هنا هو أنه كلما هاجمت إسرائيل غزة أو الضفة الغربية، تعمّق مأزق الجهاديين فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية. فإن قيل إنها قضية محورية، اتضح أن ”مشروعهم“ فشل في إحداث أي اختراق من أي نوع. وإن قيل إنها ليست محورية، فقدوا مسوغاً من مسوّغات وجودهم التي ما انفكوا ينظرون لها.

في هذا المقال، ترتفع نبرة الرفض – بل الإحباط – لدى الكاتب. ويمكن اختصار هذا الموقف بجملة ”إن بُليتم فاستتروا.“ فلسان حال المقال: إن لم يجد الجهاديون بداً من أن ”يفرحوا“ لفعل حماس، فعليهم أن يضمروا ذلك الفرح ويمتنعوا عن المديح.

وعليه، يصف المقال هذا الموقف المساند للفلسطينيين في حرب 7 أكتوبر بأنه ”توريط“ جاء بالرغم من معرفة أن ”من أطلق الحرب (أي حماس) يخالفه (الكاتب) في الأصل وليس في الفرع،“ كناية عن جنوح حماس الشرعي؛ وبالرغم من جهل الكاتب بأسباب انطلاق هذه الحرب أو نتائجها.

وبالتالي فإن من ”يُطبل“ لحماس وكأنه ”ناطق باسمهم،“ من دون ”التحفظ على منهجهم“ أتى ”خليطاً من الحماقة والسذاجة والسفه.“

ومن قبيل ذلك ما فعله تنظيم القاعدة عندما عرض في إصداراتهم مشاهد لمقاتلي حماس ضمن ثيمة عامة هي ”الجهاد العالمي الذي تتبرأ منه حماس المقاومة! بل تعده إرهابا! أو تُحرض مِن خلال مقاطع مقاتلي القسام على طواغيت وأنظمة تواليهم أصلا حماس! أو تعتمد عليهم وتستمد بهم وتُمجد قتلاهم وتعدهم شهداء القدس!“

وهكذا فإن ”مشاركة المتورط“ في المعركة – معركة تأييد حماس – تعني أن المرء ”يرى فيها (المعركة) مصلحة للمسلمين؛ ويستشرف منها صحوة للأمة وإشعالا لجذوة الجهاد فيها.“

وفي هذه الجملة الأخيرة سؤال. هل يتحدث الكاتب عن نفسه؟ هل يرى أن الحرب في غزة ستفضي إلى ”إحياء الجهاد“؟ إن صحّ فمعنى هذا أن حماس التي أطلقت هذه الحرب نجحت حيث فشل الكاتب وفشلت القاعدة. لماذا يثور الكاتب إذاً على حماس؟ وإن كانت العبارة خاطئة ورأى الكاتب في هذه الحرب شراً، فلا بد من توضيح ذلك دون التذرع بالمصلحة والتمييز بين حماس السياسية والعسكرية.

حساب أنباء جاسم علق على التليغرام أن المقال ”مهم؛“ وقال: ”نحن بحاجة ماسة إلى منظومة جديدة تساعد أهلنا في غزة وفلسطين وتركز على العدو الصائل. ولكن للأسف حسابات حماس سياسية بامتياز … ونهج القاعدة اليوم يثبت انهم لم يتعلموا الدرس بعد.“

الحوثي وغزة ومعضلة الجهاديين

في 12 يناير، شنت أمريكا وبريطانيا هجمات جوية ضد مواقع للحوثيين في اليمن رداً على تعطيلهم الملاحة في البحر الأحمر لما قالوا إنه تأييد لغزة.

في أوساط الجهاديين ظهرت المواقف المنقسمة على ذاتها باعتبار تبعية الحوثيين لإيران؛ بل إن جهاديين تغاضوا عن تبعية حماس لإيران تشددوا في نقدهم الحوثيين بالرغم من تشابه الولاءات.

في تنظيم القاعدة، أطلق الإعلام الرديف ”حملة الوعي للخطر الرافضي.“ كما اعتبر أنصار التنظيم الهجمات ”مسرحية مفضوحة“ معللين بأن أمريكا أبلغت الحوثيين مسبقاً بإخلاء المواقع المستهدفة. بحسبهم، الحوثي يتبع إيران ويحظى بقبول أمريكا.

في أوساط مؤيدي هيئة تحرير الشام، ظهر انقسام المقسم. نائل الغزي الموالي كتب مقالاً طويلاً في حسابه على التلغرام ينتقد منتقدي اليد الإيرانية في غزة على نحو يشبه ما ذهب إليه مصطفى حامد أبي الوليد المصري عندما كتب في موقع مافا السياسي الإيراني مقال ” الموت على الطريقة الشيعية.“

الغزي يؤكد بداية أنه غير معني ”بتلميع“ النظام الإيراني. لكنه ينتهي إلى أن ”الشاب المسلم السني“ يجلس في ”عاصمة بلده السنية“ يشاهد الحرب بينما يقوم الحوثيون وحزب الله بما وصفه ”ببطولات.“

على الجانب الآخر، كتب أحمد موفق زيدان، الموالي للهيئة أيضاً تحت عنوان ”اليمن والحوثي والدروشة السياسية،“ أن ”نصر غزة لا يكون بالاصطفاف مع من قتل وهجر ستة ملايين يمني.“

وهذا موقف شبيه بما قاله معارضو الهيئة مثل أبي يحيى الشامي فكتب: ”فالحوثي وإن نصر غزة ببعض الصواريخ، إلا أنه قتّل أهل السنة في اليمن تقتيلا، ونصر النصيري وحزب إيران اللبناني ضد السنة في سوريا ولبنان.“

منظر الجهادية طارق عبدالحليم ذهب إلى أبعد من ذلك في توصيف العلاقة بين حماس وإيران. تساءل عن سبب ”مدح“ حماس إيران خاصة بعد أن قالت حماس إن ”السلاح الذي نستخدمه صنعته أيدينا.“ يسأل عبدالحليم: ”هل يجوز، من أجل العمل على تحرير فلسطين، أن نبدل عقائدنا، ونستحسن كفريات مذاهب خارجة عن ديننا، قاتلة لإخواننا؟! … يوشك الفاعل المادح على الردة إن لم يتب. فإن اخترنا بين الأمرين، فلا كانت غزة ولا فلسطين، وعذرا لأهلنا في غزة الذين يدفعون المرار في سبيل تحقيق حلم، لن يتحقق على أيدي مثل هؤلاء، إن لم يتوبوا.“

داعش الفوضى

أعلن داعش انتهاء حملة ما يُسمى ”غزوة واقتلوهم حيث ثقفتموهم“ بعد أن دامت 10 أيام – من 1 إلى 10 يناير؛ شنّ فيها التنظيم أكثر من 100 هجمة.

مينا اللامي، الخبيرة في الشأن الجهادي في BBC Monitoring، قالت إن هذا الرقم ”يفوق معدل هجمات التنظيم الشهرية طوال عام 2023.“

المرصد 227| جهاديون: حماس "ورطتنا" في غزة

ولاحظت أن الهجمات التي تبناها فرع التنظيم في الشام كانت الأكثر فسجل التنظيم 35 هجمة في 10 أيام. وقالت: ”آخر مرة تبنى فيها فرع التنظيم (في الشام) أكثر من 30 هجوماً في شهر كامل كانت في أبريل 2022.“

كان داعش أعلن هذه الحملة بعد كلمة المتحدث أبي حذيفة التي حملت نفس العنوان وافتتحها بتبني هجوم كرمان الانتحاري المزدوج في 3 يناير.

2023 موت داعش العراق

إذاً، فرع داعش في الشام كان الأكثر دموية في الأسبوع الأول من يناير هذا العام. في المقابل، فرع داعش في العراق لا يزال الأضعف حتى الاحتضار.

الباحث جويل وينغ في مدونته Musings on Iraq استدل على ”موت“ فرع التنظيم في العراق من خلال تتبع نشاطه منذ العام 2014.

في ذلك العام، سجل التنظيم 28 هجمة يومياً في المعدل أي أكثر من ١٠ آلاف هجمة في السنة. لكن مع التحول من الاستحواذ على الأرض إلى الدفاع في السنوات اللاحقة، استمر تقلص هجمات التنظيم حتى وصلت إلى أقل من هجمة في المعدل في 2023.

بل إن هجمات التنظيم في العراق في 2023 كانت ”دفاعية“ تهدف إلى منع القوات الأمنية والمدنيين من دخول مناطق ”وجود التنظيم“ وهي مناطق معزولة أصلاً.

يختم وينغ: ”تنظيم داعش في العراق لم يعد له أثر. قد يستمر التنظيم هناك سنوات على هذه الحال ولكن عودته تبدو بعيدة في أفضل الأحوال.“

المرصد 227| جهاديون: حماس "ورطتنا" في غزة

تبعات ”الانقلاب“

في آخر تطورات ”الانقلاب“ على هيئة تحرير الشام في إدلب، لا يزال مظهر الويس، القيادي في الهيئة ومسؤول التوجيه والارشاد الشرعي،”متوارياً عن الأنظار.“

فيما ترددت أنباء عن حلّ القوة الموحدة، وهي تشكيل عسكري في ظاهره يتبع الجيش الوطني وفي باطنه يوالي هيئة تحرير الشام. أعلن عنه في نوفمبر الماضي ليضم الجبهة الشامية وفرقة المعتصم وتجمع الشهباء. وكان لهذا التشكيل دور في ملاحقة أبي أحمد زكور رفيق القحطاني الذي انشق عن الهيئة.

حساب أبو هادي كشف عن أن خلافات بدأت في هذا الجسم الناشئ بسبب اعتراض بعض عناصر المعتصم على التبعية للهيئة. ويقول أبو هادي إن الهيئة حاولت إغراء المعتصم بالمال إلا أنها فشلت الأمر الذي أخّر حسم مصير هذه القوة التي تريدها الهيئة رديفاً في ريف حلب.

طالبان وقاسم سليماني

أثار تقرير لشبكة التلفزيون الإيرانية جدلاً في أوساط مؤيدي طالبان. في التقرير، ظهر مولوی فضل الهادی أحمد ممثلاً عن طالبان مشاركاً في مراسم عزاء في ذكرى قتل قاسم سليماني أقامتها القنصلية الإيرانية في جلال أباد.

من أنصار القاعدة من قال إنهم تواصلوا مع وزارة خارجية طالبان وإن من تواصلوا معهم أكدوا عدم معرفتهم بمولوي فضل الهادي أحمد.

والحقيقة أن مولوي فضل هو مسؤول الشؤون الخارجية في ولاية ننكرهار، التي عاصمتها جلال أباد.