طالبان تعجل في نهايتها بالتفرد في السلطة

أهلاً بكم إلى حلقة هذا الأسبوع من المرصد نغطي فيها الفترة من 20 إلى 26 مارس 2023، الموافق 4 رمضان 1444 هجري. في عناوين هذا الأسبوع:

  • طالبان وتضييع فرص التصالح والبقاء
  • الدكتور ذبيح الله مجددي، سياسي أفغاني مخضرم يقول إن طالبان يضيعون فرصة نادرة لتأسيس حكم سليم ويقصون الأصوات الوطنية. الدكتور مجددي يتحدث أيضاً عن التدخل الأجنبي في طالبان.
  • منشقون: إعلام داعش انتهازي يطمس الحقيقة ويثير السخرية شرعي من القاعدة في اليمن يستجدي ”المشايخ“ ويقول: ”عودوا إلينا“

طالبان وتضييع فرص التصالح والبقاء

ضيف الأسبوع، الدكتور ذبيح الله مجددي، هو مهندس وسياسي أفغاني مخضرم.

 

 

الدكتور ذبيح الله مجددي

الدكتور ذبيح الله مجددي

يرأس الجبهة الوطنية الأفغانية للتحرير، والمجلس الأفغاني للإصلاح والإرشاد، عمل سابقاً مستشاراً للرئيس الأفغاني في ملف التعليم، كان محافظ العاصمة كابول وكان نائب وزير التعليم العالي، الدكتور مجددي يحمل إرث والده البروفيسور صبغت الله مجددي رحمه الله وكان رئيس الحكومة الانتقالية في المنفى ورئيساً مؤقتاً للدولة الإسلامية في أفغانستان في 1992.

مجددي الأب كان أول من دعا إلى الجهاد ضد الاتحاد السوفييتي، فكان من كبار المجاهدين. والدكتور مجددي الابن معروف بانتقاده الحكومات الأفغانية السابقة بعد سقوط طالبان في 2002.

السلطان أخندزادة

في 25 مارس، نشرت معرفات طالبان كلمة ألقاها زعيم التنظيم هبة الله أخوند زاده فيما قالوا إنه جمع ضم كبار رجال الدين في أفغانستان. عقد الاجتماع في كابول. وعليه تكون هذه أول مرة ربما يغادر فيها أخوند زاده معقله في قندهار منذ سيطرة الجماعة على الحكم في أغسطس 2021.
ولهذا لم تُنشر صورة للرجل أو المحفل. كل ما نُشر كان كلمة صوتية.

على مدى ساعة تقريباً تحدث فيها أخوند زاده، برزت المسائل التالية. أولاً، يعتبر الرجل أن طالبان نموذج حوكمة لا يقتصر على أفغانستان وإنما هو ينسحب على العالم الإسلامي كله. هو يعتبر أن طالبان هم الجماعة الفضلى بين الجماعات الإسلامية وأن نظام حكمهم هو ما تصبو إليه شعوب العالم الإسلامي.

تفردُ طالبان بالسلطة سيُعجل نهايتهم

يعتبر أخوند زاده أن رجال الدين هم من يحكمون وعلى الحكومة تنفيذ ما يقولون. وعليه، يدعو إلى ”التناغم“ بين الحكومة ورجال الدين. وبهذا يعتبر أن “المعارضة“ باب من أبواب الفتنة؛ وأن الانتقاد بهدف النصح لا يكون إلا بالسر، على اعتبار أن مخالفة ”السلطان“ الحاكم هي مخالفة لأساس الدين.

في الآونة الأخيرة، طفت على السطح خلافات حادة بين معسكر أخندزادة وشبكة حقاني. في فبراير الماضي، وزير الداخلية بالإنابة سراج الدين حقاني وجه انتقاداً علنياً للرجل عندما قال إن الوضع في البلد لم يعد يُطاق بسبب هؤلاء الذين يستأثرون بالسلطة!

صفعة قوية لداعش

مساء الأحد 26 مارس، أعلنت دائرة الاستخبارات العامة التابعة لطالبان أنهم تمكنوا من القضاء على الرجل الثاني في داعش خراسان.

في التفاصيل، شنت القوات الأمنية غارة في محافظة بلخ شمال البلاد في 16 مارس، تمكنت فيها من قتل مولوي ضياء الدين المعروف أيضاً بمولوي محمد وأبو سعد الخراساني مسؤول القضاء في داعش خراسان. أبو سعد كان أيضاً في وقت من الأوقات زعيماً مؤقتاً للتنظيم قبيل تعيين الزعيم الحالي، الدكتور شهاب المهاجر، في 2020.

بيان طالبان أضاف أن الغارة أسفرت أيضاً عن قتل أبو عمر أفريدي عضو مجلس شورى التنظيم هناك، وأستاد سلمان الطاجيكي خبير المتفجرات والعسكرة.
الصحفي الأفغاني عبد السيد علّق على تويتر: ”إذا صح هذا الخبر، فهذه صفعة قوية لداعش“

تفردُ طالبان بالسلطة سيُعجل نهايتهم

إعلام داعش يطمس الحقائق

لفت في العدد رقم 383 من صحيفة النبأ التي تصدر عن “ديوان الإعلام المركزي” في داعش، مقال عن سيرة أبي زيد الأنصاري العراقي الذي قالت عنه إنه كان “إدارياً في أحد مقاطع (التنظيم)” ثم انتقل إلى “المعهد الشرعي” في نينوى فتتلمذ على أبي علي الأنباري وتركي البنعلي ليصبح شرعياً لأحد قواطع ديالى.

حساب ”قناة فضح عباد البغدادي والهاشمي“ المتخصص في كشف خبايا التنظيم استنكر أن ينعى إعلام داعش ”التلميذ ولا ينعى معلمه،“ في إشارة إلى تركي البنعلي الشرعي العام لداعش ورئيس مكتب البحوث والدراسات فيه. البنعلي ختم حياته بخلاف مع ابي بكر البغدادي وجماعته وخاصة أبو محمد فرقان حول مسألة التكفير والعذر بالجهل حتى إن البغدادي أمر بسجنه. في مايو 2017 شن التحالف غارة على السجن الذي كان فيه وقتله مع آخرين. أنصار البنعلي اتهموا قيادة داعش بتسريب إحداثيات مكانه.

حساب فضح عباد البغدادي والهاشمي يعلق: “ولازال قوم النبأ يسبحون في الرمادي، يدلسون ويطمسون الحقائق عن جمهورهم حفاظا على المصالح. لكن الحقيقة أوضح من الشمس لمن أنار الله بصيرته.“
وبالحديث عن إعلام داعش، لفت منشور آخر من هذا الحساب بعنوان ”شهد شاهد من أهلها“ يعلق على منشور في حساب ”صوت الزرقاوي“ وهو من الحسابات الوازنة المناصرة لداعش. ينتقد صوت الزرقاوي ”فتوراً“ في قنوات المناصرين وما يصفه بـ ”اعتزال بالجملة.“

يقول حساب فضح عباد البغدادي والهاشمي إن المنشور يصف “ما آلت إليه الأمور في ميدان النصرة” وإن أنصار التنظيم “باتوا لا يفرقون بين الطيب والخبيث وبين الصادق والافاك وبين المناصر والمخابراتي”. ويذكر الحساب باعتزال مناصرين وازنين آخرين مثل ترجمان الأساوِرتي، ويختم: “سيرحل وسيعتزل آخرون”.

إعلام داعش يثير السخرية

نشر داعش في تاريخ 22 مارس إصدارًا مرئياً عن التنظيم في ”الساحل“ بعنوان “أبناء الكريهة”، استعرض فيه هجمات التنظيم ضد القوات المحلية والدولية وحتى ضد القاعدة. وختم باستعراض قياديين وأفراد قتلتهم تلك القوات هناك ومنهم اثنان من أبرز قياديي داعش في الساحل: أبو الوليد الصحراوي وعبدالحكيم الصحراوي.

حساب قناة فضح عباد البغدادي والهاشمي علق على احتفاء التنظيم بولاية إفريقيا بأنه “مثير للسخرية”؛ فاسترجع رسالة مؤرخة في 10 أكتوبر 2017 كتبها أبو مصعب البرناوي والي غرب إفريقيا إلى “مشايخ الشام” يصف فيها “الوضع المزري” في الولاية ويشتكي “عدم اهتمام البغدادي” بها معلقاً على “حالة نفسية مزرية للجنود” عندما يرون إصدارات ولايات أخرى تدل على “اهتمام المركز بتلك الولايات وإمدادهم لها بيد العون المالي والعسكري والشرعي”.

يعلق حساب فضح عباد البغدادي والهاشمي: “ولاية غرب إفريقيا بقيت ولاية مهمَلة ومنسية” حتى هُدم المركز في العراق والشام وعليه “عندما يتغنى ديوان الإعلام بولاية غرب إفريقيا ويعلن النفير إليها … يفضح انتهازيتهم وضحكهم على ذقون أنصارهم”.

لماذا يهجر ”المشايخ“ قاعدة اليمن؟

لفت هذا الأسبوع ثلاثة منشورات تتعلق بالقاعدة في اليمن تدل على تردي الحال في التنظيم هناك من ناحية معنوية وهذا أهم “للمجاهد” من النواحي المادية.
الملاحم الذراع الإعلامية للتنظيم نشرت بياناً صوتياً يحذر “الجواسيس” ويتوعدهم ويدعوهم إلى التوبة. وهذه ثيمة ليست جديدة في أدبيات التنظيم. الاختراقات على أوجها تصل إلى كبار القادة وكان آخرَهم حمد بن حمود التميمي المسؤول الإعلامي.

تفردُ طالبان بالسلطة سيُعجل نهايتهم

المنشور الثاني كان بعنوان “رسالة إلى المشايخ الكرام” كتبه أبو عبيدة الحضرمي ويبدو أنه شرعي في التنظيم درس في “جمعية الحكمة” في اليمن. أحد المنشورات السابقة التي باسمه قدّمت له بأنه “الشيخ المجاهد”. نقلت رسالتَه مؤسسة كتائب الإيمان وهي إعلام رديف مناصر حديث انطلق في مارس.

ما يلفت في رسالة الحضرمي المؤرخة في 6 مارس، أنه يعدد أسماء مشايخ قُتلوا في اليمن من باب الاستدلال على وضع سيئ يتمثل في استنزاف الشرعيين وطلاب العلم. نقرأ الأسماء الواردة هنا ونتذكر أبا مريم الأزدي وكان قاضياً في التنظيم وشخصية جهادية مخضرمة قاتل إلى جانب أسامة بن لادن في أفغانستان. أبو مريم اتهم بالجاسوسية وأعدم في أكتوبر 2019. إعدامه كان من أسباب ما عُرف بالاعتزال الكبير الذي انشق بموجبه عن التنظيم قادة وازنون أهمهم أبو عمر النهدي.

هل لهذا علاقة باعتزال علماء التنظيم؟ ربما. بالعودة إلى رسالة الحضرمي، نجده يشكو من أن “كثيراً من المشايخ الصادقين تركوا اليمن بالكلية”، من دون أن يوضح الأسباب أو الظروف. وعليه، يدعو الحضرمي هؤلاء وآخرين إلى الهجرة مجدداً إلى اليمن ويقول: “قلوبنا مفتوحة لكم أيها العلماء قبل مناطقنا”.

المنشور الثالث جاء في حساب “وريث الريمي” على التلغرام بعنوان “خلاصة نصائح دفعنا ثمنها بالتجربة”، يقدمها إلى “نافرين” جدد انضموا إلى التنظيم. والحقيقة أن النصائح تتسق أكثر مع المنشور الأول حول الجاسوسية إذ تهدف إلى تجنب التتبع وبالتالي الاستهداف. النصائح المعروضة تتلخص عملياً في الانعزال التام عن الآخرين بحيث يظل المرء في حالة دائمة من الشك في الآخرين: هذا هو الهوس بوجود “جواسيس” وهو ما اشتكى منه أبو عمر النهدي وصحبه.

الجولاني حامي الأكراد؟!

فيما كان الأكراد يحتفون بقدوم الربيع في النوروز، قُتل أربعة منهم في جنديرس شمال غرب حلب التي تخضع للجيش الوطني السوري.
تبعات هذا الحدث ذكّرت بتبعات قتل محمد أبو غنوم في الباب في أكتوبر الماضي. في ذلك الوقت، وجدت هيئة تحرير الشام مسوغاً للانطلاق من إدلب باتجاه الشمال بحجة “الانتصار لمظلوم”، فسيطرت على عفرين وباتت قاب قوسين أو أدنى من اعزاز لولا التدخل التركي لصالح الوطني السوري وتحديداً الفيلق الثالث.

أمر مشابه حدث في جريمة قتل أكراد جنديرس.
الهيئة وأنصارها وضعوا اللوم على الجيش الوطني. زعيم الهيئة، أبو محمد الجولاني، وذراعه اليمنى أبو مارية القحطاني شاركا في عزاء الأكراد وتوعدا بملاحقة القاتلين. أنصار الهيئة نشروا فيديو قالوا إنه لأهالي الضحايا يطالبون فيه بتدخل الهيئة لصالحهم ضد الجيش الوطني.

ووردت أنباء فعلاً عن أن الهيئة اقتحمت جنديرس.
لكن معارضي الهيئة قالوا إن المسؤول عن القتل هم في حقيقة الأمر مجموعة موالية للجولاني تُعرف بمجموعة حسن الضبع وهم جزء من أحرار الشرقية. أما أحرار الشرقية فقد نفوا أي صلة بالواقعة.

وهكذا، اعتبر المعارضون أن الأمر كله ”مسرحية“ لتمكين الهيئة من التوغل شمالاً. أس الصراع في الشام قال إن ”ما حدث بجنديرس أمر دبّر بليل“ وإنه كان مفتعلاً وجاء فيما كانت أرتال للهيئة في المنطقة. وأضاف أن الواقعة جاءت بعد خمسة أيام من إبلاغ الهيئة بضرورة الخروج من هناك.“