أهلاً بكم إلى حلقة هذا الأسبوع من المرصد نغطي فيها الفترة من ١ إلى ٧ أغسطس ٢٠٢٢. إلى العناوين:

  • هل ترك الظواهري ”وصية“ تحدد هوية خليفته؟  
  • حساب مقرب من طالبان يتهم إيران وداعش بالتعاون مع أمريكا في تحديد مكان الظواهري
  • ولماذا يُصرّ سراج الدين حقّاني على توطيد العلاقة مع القاعدة؟

وضيف الأسبوع، الدكتور حسن سالم بن سالم، الباحث في شؤون الجماعات المتطرفة، صدر له أكثر من كتاب عن مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية. يحدثنا عن ”وصية الظواهري“ وعن علاقة القاعدة بجناح حقاني داخل طالبان.

المرصد 152 | هل ترك الظواهري "وصية" تحدد هوية خليفته؟

الدكتور حسن سالم بن سالم، الباحث في شؤون الجماعات المتطرفة

تخبط طالبان 

بعد مرور خمسة أيام على الغارة التي قالت واشنطن إنها قتلت زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري في وسط كابول؛ أصدرت حكومة طالبان بيانها حول الواقعة وذلك بتاريخ ٤ أغسطس.

ذبيح الله مجاهد المتحدث باسم طالبان وصف إعلان الرئيس الأمريكي جو بايدن استهداف الظواهري بـ ”المزاعم“. في نفس الوقت أشار إلى أن حكومة طالبان ”لا معلومات لديها عن وصول أيمن الظواهري إلى كابول أو إقامته فيها.“ وأضاف أن ”القيادة“ أمرت بالتحقيق في هذا ”الحادث“ كما وصفوه. 

مجاهد أكد أنه ”لا يوجد أي تهديد على أي دولة بما فيها أمريكا مصدره الأراضي الأفغانية“ وشدد على أهمية احترام ”اتفاق الدوحة؛“ مكرراً ما اعتبره سابقاً ”انتهاكاً“ أمريكياً للأراضي الأفغانية بتنفيذ تلك الغارة.

ثمة تخبط في تصريحات طالبان. 

صباح الأحد ٣١ يوليو، وقع انفجار في منزل بالحي الدبلوماسي في كابول. وزارة الداخلية التي يرأسها سراج الدين حقاني نفت أن يكون الانفجار ناجم عن غارة بطائرة مسيرة مؤكدة أن الانفجار وقع في منزل غير مأهول. 

مساء الاثنين ١ أغسطس قبل ساعة أو ساعتين من إعلان واشنطن قتل الظواهري، أصدر طالبان بياناً يؤكدون فيه أن الانفجار كان فعلاً ناجماً عن طائرة أمريكية مسيرة من دون الإفصاح عن هوية الهدف. 

ما المشكلة في بيان طالبان؟ ثمة أمران: التوقيت والمحتوى. فلماذا ينتظر طالبان يومين بعد إعلان بايدن لنفي علمهم بوجود الظواهري؟ إما أنك تعلم أو لا تعلم. ولو كان الهدف في حي شعبي أو في أطراف كابول، لكان لكل مقام مقال، أما أن يكون الهدف في الحي الدبلوماسي قرب منزل قائد شرطة كابول فهذا أمر يُفترض ألا يمر بسهولة.

حساب أبو يحيى الشامي على التلغرام، وهو من الحسابات المتحمسة لطالبان، وصف البيان بأنه ”ضعيف؛“ ”(فـ)كيف لمن يمثل إمارة إسلامية ويدعو إلى الاعتراف بهذه الدولة أن يصف نفسه بالضعف المعلوماتي وينكر حقيقة وصل إليها الأمريكان؛“ مستنكراً التفافهم ”المكشوف“ حول الحقائق.“ 

لكن نائل الغزي، الموالي لهيئة تحرير الشام دافع عن البيان، واعتبر أن الاعتراض عليه يمثل معرفة ”سطحية غير مضبوطة بقواعد العلم.“ 

والعجيب أن الغزي يتوافق في هذا مع خصمه العنيد منظر الجهادية أبي محمد المقدسي، الذي برر في حسابه على تويتر: ”نحن لا نرقع لا لطالبان ولا قاعدة ولا غيرهم … بل نناصح سراً وعلناً ونصبر على من يتقبل النصح.“

المقدسي كان أعطى طالبان صكّ غفران غير محدد الأجل لما تقدم من قولهم وتأخر معتبراً وجود الظواهري بين ظهرانيهم ”حنكة“ وإن قُتل على هذا النحو. 

ردّ متابع على المقدسي ولفت إلى تناقضه. يقول: ”سنوات وأنتم تكفرون جهاز أمن الهيئة (هيئة تحرير الشام) وتصفونهم بعملاء أمريكا والتحالف لأنه تم اغتيال بعض القادة في إدلب، حتى تم اغتيال قائدكم الأكبر الظواهري .. في كابل في حضن طالبان.“

آخر قال: ”لو وددت يا شيخ أن تصدع بالحق فيما يخص حقيقة طالبان ولا تخاف في الله لومة لائم لكني محتار فيك.“

وفي قلب هذا الجدل المقاربة بين طالبان وهيئة تحرير الشام. 

وهنا، يعود المقدسي وأنصار القاعدة إلى التذكير بأن هيئة تحرير الشام تختلف عن طالبان منذ ”نقضوا“ البيعة للقاعدة بالإشارة إلى فك الارتباط في ٢٠١٧. 

ونسأل، ماذا يقول المقدسي في إصرار طالبان على أن لا بيعة بينهم والقاعدة؟ الظواهري قدم البيعة للملا أخندزادة في ٢٠١٦، لكن لم يُعلن في أي وقت أن طالبان قبلوا البيعة. وعندما سألنا الناطقين باسم طالبان عن الأمر أنكروه غاضبين معتبرين أن هذا السؤال تحامل عليهم. 

ولنعد قليلاً إلى كلام المقدسي عن نقض البيعة للقاعدة سواء من قبل الجولاني أو أبي بكر البغدادي زعيم داعش. ولنُذكّر أن الظواهري كان سبب هذا الإشكال. في ٢٠١٣، الظواهري انتصر للجولاني على حساب البغدادي علماً أن الجولاني كان تابعاً للبغدادي. وهذا بتأكيد الثلاثة. البغدادي هو من أرسل الجولاني إلى الشام ومدّه بالمال والرجال. في نهاية الأمر، انقلب الجولاني على البغدادي والظواهري أيد هذا الانقلاب محدثاً أكبر شرخ في تاريخ الجهادية. 

لماذا مهم أن نُذكر أنصار القاعدة بهذا؟ 

مهم لأنكم جميعاً: قاعدة وطالبان وداعش وهيئة… تضعون أنفسكم في مقام المؤتمن على دنيانا وآخرتنا. وأنتم في الحقيقية لا تقلّون بطشاً ورياءً عن غيركم ممن تعتبرون أنهم في الدرك الأسفل. 

في موقع جهاديكا الشهر مقال شامل يجيب عن سؤال: هل كان الظواهري ناجحاً في قيادة القاعدة؟ 

يتحدث فيه عن مسؤولية الرجل عن الخلاف مع البغدادي؛ كيف ضيّع الشام بسبب سوء إدارة ملف الجولاني؛ كيف أساء إدارة ملف اليمن؛ وكيف غامر بالإقامة في كابول وهو يعلم يقيناً الخطر الذي يشكله ذلك على طالبان وأفغانستان.

الظواهري والإخوان المسلمين

يواصل أنصار القاعدة الكبار نعي الظواهري. لفت نعي نشره أبو حفص الموريتاني محفوظ بن الوالد الذي كان مفتي القاعدة قبيل ١١ سبتمبر، وكان ممن لجأ إلى إيران بعد الغزو الأمريكي لأفغانستان في ٢٠٠١. 

في الأثناء، لا يزال بعض أنصار القاعدة ينتظر التأكيد الرسمي من السحاب. 

قتل الظواهري يثير جدلاً من حيث: العلاقة مع طالبان، والعلاقة مع إيران، والعلاقة مع الرجل نفسه. 

لفت في هذا الجانب، أن أفرد هاني السباعي منظر الجهادية المقيم في لندن مساحة واسعة للرد على اليوتيوبر عبدالله الشريف الذي ينشر عادة ما يُعجب أنصار القاعدة. لكنه هذه المرة قال في الظواهري ما لم يعجبهم. حساب باسم ”كريم النكادي“ الذي يُعرّف عن نفسه بأنه باحث من المغرب، قال إن الشريف أشار إلى تكفير الظواهري جماعة الإخوان المسلمين.  وفي منشور طويل دافع النكادي عن العلاقة التي جمعت بين الظواهري والإخوان. 

وعن علاقة القاعدة بإيران ومعضلة القادة الموجودين هناك خاصة سيف العدل، ينشر موقع أخبار الآن سلسلة مقالات تحت عنوان ”متلازمة طهران“ انطلاقاً من فكر مصطفى حامد أبي الوليد المصري صهر سيف العدل: كيف تأثر الرجل بإيران وكيف نقل على الأرجح هذا الأثر إلى سيف العدل؛ وبالتالي لأي درجة ستستحوذ إيران على القاعدة في حال تزعمها سيف العدل؟ 

مصطفى حامد لم يكن من تنظيم القاعدة كان أقرب إلى طالبان لكنه كان مؤثراً وكان من القلائل الذين رتبوا خروج العائلات من أفغانستان إلى إيران. والأهم طبعاً أنه والد زوجة سيف العدل وربما الرجل الأكثر تأثيراً في حياته. 

حقاني يتجول

في ظل كل هذا، أعلنت وزارة الداخلية في حكومة طالبان أن الوزير سراج الدين حقاني جال في إقليم هلمند جنوباً وأنه سيتابع جولاته بهدف التواصل مع القبائل.

اتهام إيران وداعش

عوداً على بدء، نفي طالبان العلم بوجود الظواهري في كابول – نشر حساب ”وكالة أنفال الأفغانية“ على التلغرام ما قال إنه معلومات حصرية عن ذلك الهجوم محاولاً تبرئة طالبان من الضلوع في قتل الرجل. 

فاتهم داعش وإيران بالعمل لمصلحة أمريكا في تعقب الظواهري. 

يقول الحساب إن شهاب المهاجر زعيم داعش خراسان انشق عن التنظيم وحاول التقرب من القاعدة فأرسل للظواهري كتاب ولاء كان ”ملوثاً“ بما قد يمكن أمريكا من الكشف عن مكانه! وبحسبهم، اضطر  الظواهري إلى أن يختبئ في المدينة من باب الخديعة، فرحل إلى كابول. 

تبعته عائلته التي كانت في إيران. ومن هنا تمكنت أمريكا من تعقب الرجل من خلال عائلته. تماماً كما تعقبت أسامة بن لادن من خلال زوجته التي كانت في إيران أيضاً، بحسب ما جاء في هذا الحساب.