أهلاً بكم إلى حلقة هذا الأسبوع من المرصد نغطي فيها الفترة من ١١  إلى ١٧ أبريل ٢٠٢٢ الموافق ١٦ رمضان ١٤٤٣هـ. إلى العناوين:

  • هل تتجه قاعدة اليمن إلى المحلية لتُحكم السيطرة على اليمن؟ كيف تواجه المعضلة الإيرانية إذاً – سيف العدل والحوثيين؟

  • داعش الرسمي يمتدح فرع غرب إفريقيا الذي يواجه أياماً صعبة في نيجيريا

  • لماذا انزعج كبار القاعدة من بيان نُسب إلى فرع المغرب الإسلامي؟ 

ضيف الأسبوع، الدكتور محمد مصباح مؤسس ورئيس المعهد المغربي لتحليل السياسات (MIPA). الدكتور مصباح هو زميل مشارك في معهد تشاتام هاوس-لندن وأستاذ زائر في جامعة مُحمد الخامس. صدر له أخيراً النسخة الورقية من كتاب ”الجهاديون المغاربة – جدل المحلي والعالمي“ .

المرصد 136| من هم سجناء القاعدة الفارّون من سيئون اليمن؟ نعرضُ صوراً خاصة

القاعدة تتوعد اليمنيين بحرب طاحنة

نشرت مؤسسة الملاحم الذراع الإعلامية لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب بياناً ”بخصوص إنشاء المجلس الرئاسي الجديد“ في اليمن الذي أُعلن عنه في ٧ أبريل الجاري بقرار من الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي، وذلك بعد مشاورات للقوى اليمنية في الرياض برعاية مجلس التعاون الخليجي. المجلس الذي يرأسه الدكتور رشاد العليمي يضمّ شخصيات تمثل شمال اليمن وجنوبه. ومن مهامه ”التفاوض مع الحوثيين لوقف إطلاق نار دائم في كافة أنحاء الجمهورية والجلوس على طاولة المفاوضات للتوصل إلى حل سياسي نهائي وشامل يتضمن مرحلة انتقالية تنقل اليمن من حالة الحرب إلى حالة السلام.“

ماذا تريد القاعدة؟

في سبع صفحات، هاجم التنظيم المجلس الرئاسي كفكرة وأشخاص وأهداف. واعتبر أنه ”إعلان الانهزام بتسليم الأمور للحوثي تحت عنوان المصالحة والسلام.“ في الأثناء، عتِب تنظيم القاعدة على حزب الإصلاح، ممثل الإخوان المسلمين في اليمن، والمقرب من علي محسن الأحمر، الذي عزله هادي من منصب نائب الرئيس في مقدمة الإعلان عن المجلس. اعتبر التنظيم أن الحزب قدّم ”تنازلات“ وأنه فوّت ”فرصة التمكين والاستخلاف في اليمن.“ ودعا ”شباب حزب الإصلاح وقواعده“ إلى أن ”يسعوا في تعديل المسار“ الذي اتخذته ”قيادتهم التائهة.“ 

وعليه، قدّم التنظيم ”رؤيته لحلّ“ في اليمن يقوم على ما يشبه ”الدولة الداعشية.“ فتعهد بمواصلة القتال. ”حتى نجتث المشروع الحوثي وكافة الأنظمة الجاهلية من أرض اليمن كلها، بغض النظر عمّا إن ”تصالح القوم أو لم يتصالحوا، وقفت حربهم أو لم تقف.“ 

ماذا نفهم من البيان؟

القاعدة في اليمن تقرر اليوم أن تفيق من سباتها حتى تساهم في إفشال المجلس الرئاسي، متذرعين بأنه يخدم الحوثيين؛ بالرغم من أن موقف الحوثيين من المجلس يكاد يكون متطابقاً مع موقف القاعدة. وهنا، لا بد من النظر إلى سلوك القاعدة في العامين الماضيين تقريباً. فالقاعدة في اليمن تمرّ في أسوأ أحوالها مع تعدد الولاءات فيها وتشتت أهدافها. فتخلت لصالح الحوثيين عن مناطق كانت تقليدياً معهم مثل قيفة والصومعة في محافظة البيضاء؛ حتى يبدو أن كل ما يفعلونه يصب في مصلحة الحوثيين بما في ذلك الهجمات الأخيرة في أبين وعدن التي يتفاخر بها أنصار القاعدة. 

جيّد أن أقرّ التنظيم في بيانه هذا بأن الحوثيين يمثلون مشروعاً ”تبعيته للمشروع الإيراني  … يهدف للتوسع والتمدد الإقليمي للمذهب الشيعي ومعتنقيه بقيادة إيران على حساب أهل السنة.“ لكن، هل التنظيم مستعد لمواجهة حقيقة أن واحداً من القلائل المخضرمين في القاعدة، سيف العدل، يقيم في إيران ويعيش هناك بحرية؟ وأن سيف العدل لا يزال يدير جزءاً لا يُستهان به من شؤون التنظيم؟ 

تحصيل حاصل

ينتهي البيان بتعهد القاعدة بمواصلة الحرب ”تصالح القوم أو لم يتصالحوا، وقفت حربهم أو لم تقف“ في حكم ”تحصيل الحاصل“ بعد أن نجحت القاعدة ومعارضو المجلس الرئاسي في تهريب عشرة عناصر من سجن سيئون يوم الخميس ١٤ أبريل. عارفون وصفوا بعض هؤلاء بأنهم ”قياديين.“ 

مصدر قريب من مكافحة الإرهاب في حضرموت أرسل لنا صوراً قال إنها للفارّين المذكورين في البيان الحكومي الصادر عن وزارة الدفاع اليمنية. لم نستطع التحقق من هذه الصور عن طريق مصدر مستقل؛ فنعرضها كما وصلتنا. 

فِرار سجناء القاعدة لا يُبشر بخير. في اليمن، تمكن تنظيم القاعدة من تهريب ١٦٠٠ عنصر في أربع هجمات بين العامين ٢٠١١ و٢٠١٦ وهي الفترة ”الذهبية“ للتنظيم. المصدر يعتقد أنه سيكون لهؤلاء شأن في شنّ هجمات تُعطل تقدم المجلس الرئاسي وتُثخن جراح اليمنيين في المناطق المحسوبة على السنة وخاصة في عدن وبوابتها إلى العالم: المطار. 

المحلي والعالمي

في التعليق على البيان، لفت ما كتب أبو محمود الفلسطيني تلميذ منظر الجهادية أبي قتادة؛ والمعروف بمناصرته هيئة تحرير الشام التي انسلخت عن القاعدة وتوجهت إلى المحلية. يعتبر أبو محمود أن على قاعدة اليمن حتى ”تحقق أي إيجابية“ في مسعاها بالتركيز على الداخل اليمني، يجب أن تعمل على ”فك الارتباط بالخارج وحل التنظيم والانخراط مع القبائل، والبدء ببناء مشروع حقيقي قابل للحياة والاستمرار“ على أساس أن ”مشروع القاعدة التقليدي لم يعد له أي وجود على الأرض لأن الواقع تجاوزه وأصبح خارج التاريخ والجغرافيا.“ 

جديد داعش؟!

بثت الفرقان، الذراع الإعلامية المتخصصة في كلمات قيادة داعش، كلمة هي الثانية في خمسة أسابيع للمتحدث الجديد أبي عمر المهاجر بعنوان: (قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ). 

ماذا قال فيها؟ أعلن التنظيم ما أسماه ”غزوة الشيخين“ انتقاماً لقتل الخليفة السابق أبي إبراهيم ووزير إعلامه أبي حمزة في إنزال أطمة في فبراير الماضي. 

من بين ”ولايات“ التنظيم، خص أبو عمر ولاية غرب إفريقيا بالتحية والثناء. داعش غرب إفريقيا – في نيجيريا تحديداً – يواجه أياماً صعبة إذ يقاتل فلول بوكو حرام الرافضين الانصياع لأوامر التنظيم بعد قتل شيكاو في مايو الماضي، وفي نفس الوقت يعانون ضربات متتابعة يشنها تحالف جيوش المنطقة. 

كما يتوعد التنظيم الذين كانوا يعيشون في كنفهم وتخلوا اليوم عنهم. وهذا يُظهر تآكل بل انعدام الحاضنة الشعبية للتنظيم الذي دخل بالقتل وخرج بالقتل. ويرفض التنظيم أي مساع للتقريب بين السنة والشيعة ويعتبرون الشيعة كفاراً؛ بل يكفّرون كل من لا يحكم بما يعتقدون هم أنه حق. 

ما الذي لم يقله التنظيم؟

كالعادة، لم يكشف عن شيئ يتعلق بهوية زعيمهم الخليفة المزعوم أبي الحسن الهاشمي القرشي. 

في التعليق على الكلمة، كتب أبو يحيى الشامي في حسابه على التلغرام: ”كلمة طويلة … عنوانها الثأر لزعيمهم الذي قُتل في أطمة بإنزال أمريكي. (المتحدث) تحدث عن عدة مواضيع أخرى غير مقتل الزعيم المتواري.“ 

أبو حفص الموريتاني: عود على بدء

نعود هذا الأسبوع إلى كتاب شذرات من تاريخ القاعدة لخبيب السوداني القيادي في تنظيم قاعدة اليمن والمنشور في سبتمبر الماضي. 

الدكتورة إليزابيث كيندال المتخصصة في الشعر الجهادي في جامعة أكسفورد البريطانية لفتت إلى جزء من قصيدة وردت في الصفحة ٢٨٣ نُسبت إلى أبي حفص الموريتاني، مسؤول اللجنة الشرعية في القاعدة إبّان هجمات سبتمبر. اللافت هو أن القصيدة فيها مدح للهجمات بالرغم من أن أبا حفص، الذي يعيش حراً طليقاً اليوم في بلده الأم، ظل يقول إنه كان ضدها، بل إنه استقال من التنظيم بسببها. 

يكتب السوداني: ”وبالرغم من أن الشيخ أبا حفص كان قد قدّم استقالته من جماعة القاعدة، إلا أنه لما علم بحجم الضربات، امتدحها بقصيدة رائعة.“ القصيدة كاملة من ٧٦ بيتاً نُشرت في منتديات على الإنترنت في عام ٢٠٠٩.

ممّ تخاف القاعدة؟

وهذا الأسبوع، يعود حساب أنباء جاسم على التويتر إلى مجلة ”صوت القارة السمراء“ التابعة لجماعة أنصار المسلمين في بلاد السودان التابعة للقاعدة في شمال إفريقيا، والتي صدر منها العدد الأول في أواخر مارس الماضي. 

في ذلك العدد زاوية صغيرة بعنوان كبير: ”اللامركزية الإجبارية لتنظيم القاعدة،“ جاء فيها أنه ”من الظلم تحميل تنظيم القاعدة كامل المسؤولية عن جميع تجاوزات أفرعه الممتدة في مشارق الأرض ومغاربها وانحرافاتهم.“

يتساءل حساب أنباء جاسم إن كان هذا رداً على الرسالة التي نشرها من تنظيم القاعدة في بلاد المغرب مطلع مارس وفيها استمزاج لتحالف مع تركيا في إفريقيا. على ما يبدو أن الرسالة لم تلقَ ترحيباً من أنصار القاعدة الذين لا يزالون يتوهمون الخير في التنظيم الأصل والفروع. 

حساب أنباء جاسم هو الذي كشف عن قتل أبي محمد المصري في طهران في أغسطس ٢٠٢٠.