أهلاً بكم إلى حلقة هذا الأسبوع من المرصد نغطي فيها الفترة من ١٩ إلى ٢٥ ديسمبر ٢٠٢١. إلى العناوين: 

الموت يُغيّب جيسي مورتون الجهاديَ الذي هزم الإرهاب

مورتون أسس مع أنور العولقي مجلة (إنسباير) سيئة الصيت

وأمضى الأعوام العشرة الماضية في مكافحة التطرف والإرهاب

يتجدد الجدل حول هوية طالبان الجهادية. ضيف الأسبوع الدكتور هاني نسيرة الباحث المصري، صاحب كتاب: متاهة الحاكمية: أخطاء الجهاديين في فهم ابن تيمية. 

جيسي مورتون الجهادي الذي هزم الإرهاب

في الأسبوع الأخير من ديسمبر، توفي جيسي مورتون الجهادي السابق الذي يُعد من أهم العاملين في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف بحكم تجربته الشخصية وعلمه. جيسي كان رفيقاً لأنور العولقي وأسس معه مجلة Inspire سيئة الصيت. كان مُجنِّداً فذاً. أعدّ جهاديين ذهبوا لاحقاً إلى سوريا والعراق؛ قبل أن يصبح صوتاً للعدالة والتسامح. فأسس جمعية Parallel Networks التي توفر بيئة حاضنة لمن راجعوا أنفسهم عن التطرف. وهو صاحب Light Upon Light (نور على نور) – موقع في الفضاء الإلكتروني لكل من يرفض التطرف من جهاديين أو يمين أو يسار. هذا البرنامج استضاف جيسي رحمه الله في مايو ٢٠٢٠ في خضم أزمة الكورونا. تحدث فيه عن رحلته إلى الإسلام وقد كان يافعاً معنفاً خرج من بيت مفكك. قال: “في أول مرة سُجنتُ فيها وجدتُ الإسلام، ليس بتلاوة القرآن وإنما بقراءة السيرة الذاتية لـ مالكوم إكس. تفتحت عيناي على فكرة أنه يمكن للمرء أن يتحول من مجرم يعيش ذكريات طفولة مُعنّفة إلى محارب من أجل العدالة الاجتماعية. 

 جيسي مورتون

رأيت في مالكوم كل ما أريد أن أكون. وبدأت أتعرّف على الإسلام ليس من خلال الحديث والقرآن ورسالة الرسول محمد كما وصلتنا وإنما من خلال فهم مالكوم للإسلام بالقدر الذي أُتيح له لأنه قضى معظم وقته كمسلم في حركة Nation of Islam (أمة الإسلام) والتي لم تتقيد بأثر أهل السُّنة.  

كل هذا جعلني أهتم بالسياسة وأتعمق بأفكارهم الثورية عن المجتمع الأمريكي. في عام ٢٠٠٠ وقبل أحداث ١١ سبتمبر، وبعد أن قرأت القرآن اخترتُ نهج الروحانية واعتنقتُ الإسلام. شعرت بطمأنينة واستقرار لم أعرفهما من قبل. الإسلام منحني خمس صلوات في اليوم، وصوم شهر رمضان وتقديم جزء من ثروتي لفعل الخير. هذه الفروض كانت بمثابة منارات لي. أبعدتني عن المخدرات والكحول ووضعتني على الصراط المستقيم. تفتح عقلي. تعلمتُ الدين على رجل مغربي شارك في الجهاد الأفغاني ضد السوفييت. أخذني تحت جناحه وعلّمني كيف أصلي بالعربية. ثم قال لي إنه يجب أن أغتسل حتى أنطق الشهادتين وأصبح مسلماً حقاً. بعد أن اغتسلت، جلستُ إليه وآخرين كانوا معنا وأعطاني اسماً. قال لي إن خطاياي السابقة قد جُبّت وكأنني وُلدتُ من جديد فلا بد لي من هوية جديدة تعبر عن الدين الحقّ. أعطاني اسم (يونس عبدالله محمد).”

بدءاً من ٢٠٠٣، انضم جيسي إلى جماعة إسلامية متطرفة في نيويورك وكان منهم أنور العولقي. ومعه أعدّ نسخة لمجلة دعائية بالإنجليزية باسم ”مذكرات جهادية“ عن أعمال القاعدة. عندما انتقل العولقي إلى اليمن، أخذ معه قوالب تلك المجلة التي أصبحت إنسباير. 

يقول: “أعجبتهم كثيراً فكرة أن ينضم إليهم أمريكي اعتنق الإسلام، أبيض البشرة أزرق العينين، لأن هذا يعني أن الأمريكيين يؤيدونهم. 

أتاحوا لي المجال للتحدث مع الناس. أصبحت مشهوراً خاصة على الإنترنت. وأسست علاقات مع عدد كبير من المنُظّرين الكبار مثل أنور العولقي، عبدالله فيصل، عمر بكري محمد وأنجم تشودري. ويعتبر الغرب هؤلاء من أكثر المؤثرين في الأوساط الجهادية. تقدمت في صفوف الجماعة. وتركز اهتمامي على السوشيال ميديا التي أعتقدتُ أن الجهاديين لم يستغلوها كما يجب. شعرت أن اليوتيوب، والفيسبوك وحتى (ماي سبيس My Space) وقتئذ كانت ستشكل بيئة خصبة للتجنيد والتطرف. على سبيل المثال، هددنا كُتّاب المسلسل الكوميدي  South Park بسبب تصويرهم الرسول محمد في رسم كارتوني. كانت تلك طريقة جيدة استغلها الجهاديون والمتطرفون مراراً للتلاعب بالدين من أجل حشد الدعم الشعبي. وفعلاً نجحنا في إغلاق فيسبوك في باكستان وإندونيسيا عندما أعلن هؤلاء الكتاب عن يوم “ارسموا محمد”. زميلي أنور العولقي وسمير خان أطلقا العدد الأول من مجلة (إنسباير Inspire) على خلفية تلك الأحداث. قوالب (إنسباير) كانت نسخة عن مجلة دعائية أطلقتها في أمريكا بالإنجليزية باسم (مذكرات جهادية) عن أعمال القاعدة. أنا وسمير وأنور عملنا على هذه المشاريع في الغرب وعندما انتقلا إلى شبه جزيرة العرب أخذا القوالب معهما. “

أما جيسي، فأصبح ملاحقاً من الشرطة الفدرالية الأمريكية. هرب إلى المغرب واعتقل هناك في ٢٠١١، وكانت تلك بداية عودته عن التطرف. يقول: “عشت في الدار البيضاء سنة ٢٠١٠ مع بداية الربيع العربي. هناك، وحتى أكسب رزقي، عملتُ مدرساً لشباب وشابات ممن يرغبون في الالتحاق بجامعات في أمريكا وكندا وبريطانيا وأستراليا حيث يُطلب منهم امتحانات الكفاءة في اللغة الإنجليزية مثل ألـ g-mat وهي امتحانات معقدة. 

اندلع الربيع العربي وكان العالم يتحدث عن مستقبل الشرق الأوسط. ووجدتُ نفسي أتحدث مع هؤلاء اليافعين عن ذلك. وكم أذهلني حديثهم حتى إنهم كانوا السبب الرئيس الذي عرّاني أمام نفاقي: انا الذي أسعى إلى فرض نظام الخلافة الشمولي على ناس لا يريدون أكثر من الحرية في التعبير والتفكير وانتخاب ممثليهم – وهي جميعاً أمور كانت بالنسبة لي من المسلمات. في تلك الفترة كنتُ معزولاً عن الجهاديين الآخرين. كنتُ فارّاً من بلدي. ألقي القبض علي قبيل تحوّل الحرب الأهلية في سوريا إلى جهاد وفي أعقاب مقتل أسامة بن لادن. اعتقلت بعد قتله بأسابيع. اعتقلت في شوارع الدار البيضاء وسُجنت استعداداً لترحيلي إلى أمريكا ومواجهة السجن المؤبد. عقلي الجهادي قال لي إن هذا جزء من اختبار الصبر والاحتمال. كنت جاهزاً لمواجهة الامتحان الذي وضعه الله أمامي. لكنني في ذهني كان حديثي مع أولئك الشباب حاضر بقوة. في الحبس التقيت بـ محمد فزازي وهو مُنظر جهادي شهير كنا ترجمنا له محاضرات إلى الإنجليزية حتى يفهم الناس مبادئ علمه. أثناء الحبس في المغرب، تغيّرت أفكاره. خرج من الحبس وأنا هناك وبدأ يكتب رسائل في الصحف الوطنية عن خطأ اعتقاده السابق. كان ذلك أول لقاء لي مع سلفي جهادي خرج من دائرة التطرف وندمتُ على تبذير حياتي.” 

وهكذا أصبح جيسي الذي قال إنه كان مستعداً في يوم من الأيام للموت من أجل أسامة بن لادن، أصبح قوة نور ضد الظلام ونجح في إنقاذ شباب وشابات. يقول: “عندما تنضم إلى الدوائر الأصولية، تتعلم أنك لا تتمتع بفهم كافٍ أو علمٍ كاف لتفكر وحدك وأنه لا بد لك أن تجلس عند قدمي العالِم وتتعلم منه. لكن هذا يعني أنك تعتمد بالكامل على إنسان قد يخطئ. وهذا يعني أنك تعتمد على تفسير هذا الإنسان وحده. في الحقيقة، ما فعلته المطابع في التاريخ هو أنها أتاحت للناس العاديين قراءة الإنجيل. نحن لم نواجه هذه المشكلة في الإسلام. فالقرآن يُحفظ غيباً ويتواتره المسلمون في جميع أنحاء العالم. لم نضطر إلى توزيعه مثلاً. لكن ما تعلمناه في الغرب هو أنه عندما منحوا قوة قراءة النصوص الدينية وتفسيرها إلى الناس العاديين ما حدث هو أن الناس باتوا قادرين على اتخاذ قراراتهم بأنفسهم. وهكذا تولدت الحريات الفردية. وفي الواقع هذه أمور ضمنها ديننا لنا. مع البحث في هذه الأفكار المعقدة وإعادة التفكير في المساحات السوداء والبيضاء التي رأيتها في فترة من فترات حياتي ووجود تلك المساحة الرمادية، بدأت أشعر بالذنب على ما فعلت. وبدأت أدرك خطر أن يتحدث شخص في أمر وكأنه عالم فيه من دون أن تتوفر له المعرفة الكافية. كنت متعالياً ومتكبراً في فهمي للسلفية الجهادية لأنني لم أملك من العلم ما يكفي. لم تكن لدي طريقة ملائمة لتعلم الإسلام وامتلاك الأدوات التي تؤهلني لإصدار فتوى. كنتُ متعالياً كرجل اعتنق الإسلام يشيع الفكر المتطرف بين الآخرين من دون أن أصغي بعناية إلى النصوص التي دحضت تلك الأفكار. وهكذا وجدتُ نسخة من الإسلام لاءمت رغباتي وكرهي الذي كان نتيجة كرهي لذاتي، فكان علي أن أتجاوز هذه الكراهية وأن أقتنع أن ليس عليّ إلا أن أغير ذاتي خاصة عندما كنتُ في السجن. “

بإمكانكم الرجوع إلى هذه المقابلة في الحلقتين ٣٦ و٣٧ على أخبار الآن. 

طالبان تصرّ على الأمم المتحدة

يتجدد هذا الأسبوع الجدل في أوساط الجهاديين حول رغبة طالبان في الانضمام إلى الأمم المتحدة. 

في ١٧ ديسمبر، غرد محمد سهيل شاهين، المسؤول في طالبان، مطالباً المنظمة الدولية بالحفاظ على مصداقيتها وحيادها ومنح مقعد أفغانستان لحكومة طالبان الحالية. مطلع ديسمبر، أعلنت لجنة تفويض الممثلين والمبعوثين إلى المنظمة إرجاء البت في الأمر. 

في سبتمبر الماضي وبعد أن سيطر طالبان على الحكم في أفغانستان وفي مقدمة اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة عين طالبان شاهين سفيراً للمنظمة الدولية وطالبوا بالتحدث إلى العالم من نيويورك، لكن الأمين العام رفض. 

مسألة الانضمام إلى الأمم المتحدة تشكل انقساماً بين الجهاديين خاصة من أتباع القاعدة. في المرئي الأخير لمؤسسة السحاب التابعة للقاعدة المركزية بعنوان ”نصيحة الأمة الموحدة بحقيقة الأمم المتحدة“ والمنشور في نوفمبر، استرسل زعيم التنظيم أيمن الظواهري في إثبات أن الانضمام إلى المنظمة الدولية هو بمثابة كفر. 

أنصار طالبان من خارج دائرة القاعدة يعتبرون عضوية الأمم المتحدة سياسة عملانية لا بد منها. 

نأتي إلى المقدسي الذي يبدو أنه الوحيد بين المنظرين يتحدث في هذه المسألة وإن كان على مضض. فالمقدسي لا ينفك يبرر لطالبان حتى إنه نشر سلسلة ردود على ما اعتبرها ”شبهات الغلاة“ في حق طالبان. ولنذكر أن المقدسي، كما الظواهري، يكفر الانضمام إلى الأمم المتحدة. ولكن عندما أثيرت المسألة أول مرة في سبتمبر اعتبرها ”منزلقاً.“ فالرجل لا يزال يعول على أن كل فعلِ طالبان المشبوه هو ”تكتيك.“ 

واليوم، بعد أن جدد شاهين رغبة طالبان الانضمام إلى الأمم المتحدة، رد المقدسي بعتاب، وقال: ”استجداء الأمم الملحدة للحصول على المقعد لا يليق بإمارة فرضت نفسها على العالم.“ 

وفي موقع آخر ذكّر بأنه: ”حين تقدمت طالبان زمن الملا عمر لعضوية الأمم المتحدة كنت فيمن ناصحهم؛ وأرسلت مع من أرسلوا رسائلهم إلى الملا عمر … وقلت في رسالتي:أنتم مَن يجب أن لا يعترف بهذه المنظمة … وجاءنا الجواب:…لن نتقدم لعضوية هذه المنظمة.“ 

والحقيقة أن طالبان تقدموا بطلب العضوية في فترة حكمهم السابق من ١٩٩٦ إلى ٢٠٠٠ وكانت لجنة تفويض الممثلين ترجئ طلبهم. 

رد أحدهم على المقدسي وقال: ”يا شيخ حتى لو كسبت طالبان المقعد … ستجد لها ترقيعة كما عودتنا.“ 

شبكة القاعدة في البرازيل

أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية أنها أضافت إلى قائمة الإرهاب شبكة في البرازيل تعمل على تمويل القاعدة. 

في التفاصيل، وضع ثلاثة أفراد ومؤسستان على قائمة الإرهاب. الثلاثة هم: هيثم أحمد شكري أحمد المغربي وعُرف عنه أنه وصل إلى البرازيل في ٢٠١٥ وكان باكورة شبكة القاعدة هذه إذ عمل في نشاطات تجارية مختلفة منها شراء العملات الأجنبية. الثاني هو محمد شريف محمد عواد الذي وصل إلى البرازيل في ٢٠١٨ ويدير شركة لبيع المفروشات وضعت أيضاً على قائمة الإرهاب. 

أما الثالث فهو أحمد الخطيب الذي قالت عنه وسائل إعلام برازيلية إنه رجل دين يعيش في البرازيل منذ ٣٢ عاماً ويعمل في مؤسسة خيرية وضعت أيضاً على قائمة الإرهاب. 

بعد أحداث سجن الحسكة

نشر المركز الإعلامي التابع لقوات سوريا الديمقراطية تسجيلاً مرئياً ظهر فيه رجل قالت عنه إنه من أخطر قيادات داعش الهاربة والمسؤول عن هجمات إرهابية عديدة. 

محمد عبد العواد الملقب بـ ”رشيد“ كان مكلفاً من قبل داعش بالتخطيط لاقتحام سجن الغويران في الحسكة في نوفمبر الماضي. الخطة لتحرير سجناء داعش كانت تتضمن هجوماً باستخدام مفخختين و ١٤ انتحارياً. 

بحسب قسد، العواد انضم إلى جبهة النصرة في ٢٠١٣، ثم التحق بصفوف داعش بعد الخلاف بين الجماعتين.