أهلاً بكم إلى حلقة هذا الأسبوع من مرصد الجهادية نغطي فيها الفترة من ٢٠ إلى ٢٦ يونيو ٢٠٢١. إلى العناوين:

  • معارضو الهيئة يكشفون عن مخطط للتسميم أبي عبدالرحمن المكي، آخر الحرّاس.
  • داعش يعترف أخيراً بقتل شيكاو وسط فوضى المفاهيم والولاءات
  •  فمن هم اللاعبون في غرب إفريقيا؟ سؤال وأسئلة نطرحها على الدكتور جيكوب زين، المحاضر في جامعة جورجتاوين في واشنطن، المتخصص بالجماعات الإفريقية المسلحة، ومؤلف “كشف القناع عن بوكو حرام: استكشاف الجهاد العالمي في إفريقيا” الصادر في ٢٠٢٠.

آخر الحراس

نقل حساب رد عدوان البغاة المعارض أن هيئة تحرير الشام تخطط للتخلص من أبي عبد الرحمن المكي، القيادي في حراس الدين وعضو مجلس شورى التنظيم، المعتقل منذ أكتوبر الماضي. في مارس الماضي حُكم عليه بالسجن خمسة أعوام فيما وُصف بالحكم السلطاني، أي من دون محاكمة. في التفاصيل أن “جزراويين” ضغطوا على الجولاني لإخراج المعتقلين وعلى رأسهم المكي. فاقترح قياديون في الهيئة تسميم المكي بسمّ الريسين قبيل الإفراج عنه. وبهذا يكونون قد أرضوا الجزراويين وتخلصوا من الرجل الوازن “بطريقة نظيفة لا تثير الشكوك والمشاكل.” المكي من آخر قيادات الصف الأول من الحراس الباقين بعد تصفية العاروري والسوداني. سامي العريدي وأبو همام الشامي غائبان.
في المقابل، حساب أبو محمود الفلسطيني المناصر للهيئة اعتبر هذا الكلام “غلواً” واتهم رد عدوان البغاة “بالعمالة، وقلة الدين” على أساس أن الكلام عن السمّ يأتي في إطار “شائعات” يبثها الروس والنظام السوري بأن الهيئة تخطط لهجوم كيميائي وبالتالي يبررون هجوماً كيميائياً وشيكاً على المحرر.

جاسوسية الشام!

بدأ رد عدوان البغاة نشر أسماء أشخاص قال إنهم “جواسيس” زرعهم الجهاز الأمني التابع للجولاني في صفوف المهاجرين. وهدد بأنه سيكشف أسماء آخرين وصورهم “ليحذرهم الجميع.” الحساب أضاف إنهم يتحققون من الأسماء تباعاً. والحقيقة، يذكر هذا السلوك ب”الجاسوسية” التي فتكت بقاعدة اليمن.

غرب إفريقيا؟!

يبدو أن داعش اعترف أخيراً بقتل شيكاو زعيم بوكو حرام. مؤسسة الفرقان بثت كلمة للمتحدث باسم التنظيم أبي حمزة القرشي. في ٣٨ دقيقة، لم يقل أبو حمزة شيئاً سوى الإنشاء المعهود، باستثناء الفقرة التي تحدث فيها عن غرب ووسط إفريقيا. لم يقل كثيراً؛ وفي هذا الكثير حقيقة.

أولاً: توجه أبو حمزة بالحديث إلى “غرب ووسط إفريقيا”: وهاتان “ولايتان” مختلفتان. غرب إفريقيا يُفترض تحت ولاية أبي مصعب البرناوي. ووسط إفريقيا يقودها الصحراويان: أبو الوليد وعبدالحكيم (الجزار). غير معروف مدى الصلة بين المجموعتين.

ثانياً: قال أبو حمزة: “نثني على عملكم المبارك باستئصال وأد فتنة الخوارج.” غير معلوم أي فتنة. لكن من الواضح أن “الخوارج” هم جماعة شيكاو. أبو حمزة لم يسمّ أيّ اسم أو جماعة أو أيّ “أمير”. وهذا غريب بالنظر إلى الأنباء التي تواترت في العامين الماضيين عن وقوع خلافات وإعدامات داخل جماعة غرب إفريقيا؛ وبالنظر إلى التأخر في تأكيد خبر قتل شيكاو.

بعد أيام، نشر داعش فيديو من ولاية غرب إفريقيا بعنوان: “الآمرون بالمعروف: العودة إلى جماعة المسلمين في غرب إفريقيا.”

فيه متحدثون مجهولون يتحدثون عن عن “الاجتماع” بعد “الاختلاف.” هذا الاختلاف وقع في ٢٠١٦.

لم يظهر البرناوي الذي يُقال إنه ظهر في فيديو قبل أربعة أسابيع تقريباً. في الأثناء، بثت المنصات النيجيرية المزيد من فيديو باكورا الذي يقود الفرع الموالي لشيكاو في بحيرة تشاد. في الحلقة الماضية، توفرت لنا دقيقتان دعا فيهما أتباع شيكاو إلى “الثبات.” ظهرت دقيقة ثالثة يعرض فيها البيعة لداعش مقابل وساطة يتعرفون فيها على أس الخلاف مع البرناوي.

وكل هذه التطورات صعّبت الأمر على أنصار القاعدة وداعش فلم يعد أي منهم يعرف من هو مع من. باكورا مع شيكاو أو شيكاو مع القاعدة والبرناوي مع داعش أم يلعب وحيداً؟

تصفيات

انفجرت سيارة بعبوة ناسفة في سلقين شمال غرب إدلب، قُتل فيها المسؤول المالي في الحزب الإسلامي التركستاني: الشيخ جودت. غير مفهوم حقيقة دوافع هذا الاغتيال. الحزب الإسلامي التركستاني ينتمي تقليدياً إلى القاعدة؛ وقادته متنفذون في القاعدة المركزية في أفغانستان؛ لكن فرع الشام على ما يبدو انقلب على قاعدة الشام (حراس الدين) ووالوا الجولاني بدءاً من الصيف الماضي. من معالم ذلك أنهم تسلموا سلاح الحراس الثقيل أمانة ليعطوه لاحقاً للهيئة.

عطون

في موضوع متصل: موضوع الولاءات والسلاح، نشر مزمجر الثورة السورية صوتية قال إنها جديدة لأبي الخير والد عبدالرحيم عطون الشرعي العام لهيئة تحرير الشام. تساءل فيها الشيخ عن “ترسانة السلاح الثقيل التي صادرتها (الهيئة) من الفصائل العميلة على حد زعمكم.” وتحدث عن المتنفذين من خارج الشام في الهيئة مثل أبي مارية القحطاني. قال: “تساقون وتجرون وراء النكرات … من خارج أرضنا وبلدنا.”

أجانب الهيئة

نقلت قنوات معارضة أن هيئة تحرير الشام بدأت بإجبار المقاتلين الأجانب على تسجيل أسمائهم بالكامل ومناطق وجودهم مرفقة بصور شخصية لهم تحت ذريعة الإجراءات الأمنية. المعارضون يعتبرون “بنك المعلومات” هذا مقدمة لبيع البيانات للتحالف مثلاً.

الهول

نقلت الصحفية المتخصصة، الدكتورة فيرا ميرونوفا، أن “مافيا” من الأوروبيات تسللن إلى مخيم الهول وأن طاجيكيات وإيغوريات يخفينهن. الأوروبيات ممنوعات من الهول بحسب ميرونوفا التي أضافت أنه خلال الأيام الماضية، ضربن ضرباً مبرحاً روسيتين ولبنانيتين لأنهنّ يترددن على مستشفى الأكراد “الكافرة.”

قاعدة المغرب

بثت مؤسسة الأندلس التابعة للقاعدة في المغرب الإسلامي كلمة لأبي عبيدة العنابي زعيم التنظيم، بعنوان: “ولينصرن الله من ينصره.” غلاف الكلمة لفت انتباه الباحث الدكتور آرون زيلين الذي قال: “من لا يعرف أبا عياض التونسي، فحقيقة أنه على نفس مستوى أبي مصعب عبدالودود تشي بدوره في تنظيم قاعدة المغرب الإسلامي وقيادة القاعدة بشكل عام.” أبو عياض قُتل في قصف فرنسي في فبراير ٢٠١٩.

طالبان واتفاق الدوحة الموؤد

لا يزال تنظيم طالبان يزحف باتجاه كابول. في ٢٣ يونيو، نشر التنظيم بياناً “حول التحولات الأخيرة في البلد،” واصفاً ما يحدث بـ “التطهير.” حاول البيان طمأنة العرقيات الأخرى في أفغانستان فقال: “إننا نطمئن جميع المواطنين بأنه لن تتخذ أية خطوة تبغيض أو انتقام وأو استعلاء تجاه أي أحد.” معارضون تناقلوا فيديو يُضرف فيه رجل كبير السن قالوا إن الضاربين هم طالبان. آخرون عرضوا صوراً من رجم النساء وجلدهن تذكيراً بما كان. هذا الاجتياح من جانب طالبان يأتي مخالفة لاتفاق الدوحة الذي ينص على محادثات تشارك السلطة بينهم وبين الحكومة كشرط للانسحاب الأمريكي الذي بدأ أصلاً، وكأن الاتفاق لم يعد صالحاً باستثناء ما يتعلق بالجانب الأمريكي.

داعش غرب إفريقيا

نرحب بالدكتور جيكوب زين، المحاضر في جامعة جورجتاوين في واشنطن، المتخصص بالجماعات الإفريقية المسلحة، ومؤلف “كشف القناع عن بوكو حرام: استكشاف الجهاد العالمي في إفريقيا” الصادر في ٢٠٢٠.

(١) مرصد الجهادية: أسماء كثيرة تتردد من المنطقة: أبو مصعب البرناوي، شيكاو، باكورا، الصحراوي. غرب إفريقيا، وسط إفريقيا. لو نعود إلى الأساسيات: من يفعل ماذا هناك؟
د. زن: أبو بكر شيكاو كان زعيم جماعة بوكو حرام واسمها “جماعة أهل السنة للدعوة والجهاد،” لكن المعروفة لدينا باسم بوكوحرام. كان شيكاو زعيماً للجماعة في الفترة من ٢٠١٠ إلى ٢٠١٥ عندما بايع داعش. لكن في ٢٠١٦، سمّى داعش ابا مصعب البرناوي، ابن مؤسس جماعة بوكوحرام وزعيم الجماعة قبل شيكاو، سمّوه الزعيم الجديد وهو ما رفضه شيكاو متسبباً بالفوضى داخل الجماعة ما أدّى أخيراً إلى أن يحشد أبو مصعب البرناوي المقاتلين ويزحف بهم على معقل شيكاو لقتله وهو ما تحقق له قبل أسابيع عندما حاصروا شيكاو ففجر نفسه تجنباً للأسر.

(٢) مرصد الجهادية: لماذا سمّى داعش البرناوي زعيماً بدلاً من شيكاو؟
د. زن: بإختصار، سمّى داعش زعيماً مختلفاً أدّى إلى أن يترك شيكاو داعش في نيجيريا الذين أصبح اسمهم (ولاية غرب إفريقيا) هو أن شيكاو كان قاسياً لا يرحم حتى بالنسبة لجماعة مثل داعش. الإجابة المطولة هي أن شيكاو اعتمد تكتيكات لم يوافق عليها تنظيم داعش بل اعتبرها قاسية مثل أنه أرسل مئات البنات في مهمات انتحارية وهو أمر لا يفعله داعش؛ أو أنه كان يرسل أطفالاً في مهام من ذلك النوع مخالفاً تعليمات داعش. كان ذلك أسلوبه الذي تميّز به. بالإضافة إلى ذلك، كان شيكاو يعتقد باستعباد المسيحيين أو المسلمين الذين يرفضون الانضمام للجهاد مع جماعته. كان شيكاو يقول إن المسلم كافر إن رفض الانضمام إليه. داعش استعبدوا الإيزيديات في سوريا والعراق على أساس أنهم ليسوا من أهل الكتاب. لكنهم لم يستعبدوا المسيحيين والمسلمين ممن لا ينضمّون إليه. كان شيكاو متعجرفاً لدرجة أنه كان مقتنعاً بأن علمه وحجته كانت أكبر من داعش. كان زعيماً عنيداً لم يستطع داعش التعامل معه مقارنة بأبي مصعب البرناوي الأكثر اعتدالاً وهدوءاً.

(٣) مرصد الجهادية: إلى أي درجة داعش ومركزهم العراق لهم يد في إدارة ولاية غرب إفريقيا؟
د. زن: مسألة مهمة. بالنسبة لقادة ولاية غرب إفريقيا وشيكاو وجماعته بوكو حرام، داعش مهم جداً. كلما تحدث زعيم عن تاريخ الجماعة أو وضعها الحالي فلا بد لهم من ذكر أبي بكر البغدادي أو خليفته الحالي. لداعش دور كبير في التعامل مع كثب مع المجموعة فيما يتعلق بتسمية القادة وإصدار التعليمات المهمة مثل التحرك لقتل شيكاو لكنهم لا يتدخلون في تفاصيل الإدارة الدقيقة مثل مهاجمة هذه القاعدة العسكرية أو تلك. لكنهم في نفس الوقت يوصون باستراتيجية عامة في مهاجمة القوات النيجيرية. ولاية غرب إفريقيا يزعمون أن داعش أوصاهم بأن يهاجموا البلدات ويغادروها قبل أن يأتي الجيش؛ يهاجموا البلدات من دون أن يحتلوها أو يديروها على نحو ما فعلوا في سوريا. لهذا أعتقد أن داعش لديهم كلمة على مستوى التخطيط الاستراتيجي والقيادة.

(٤) مرصد الجهادية: كيف يتم التواصل بين جماعة داعش العراق وبين هذه الجماعات في غرب إفريقيا؟ من ينقل الأوامر أو الرسائل؟
د. زن: سؤال جيد. كيف نعلم أن داعش يتعامل مع هذه الجماعات. أفضل طريقة للتواصل هي الصوتيات التي يصدرها مجلس شورى الجماعات المختلفة. عادة ما لا تكون مخصصة للدعاية والنشر على الإنترنت؛ على تلغرام مثلاً كما هي الحال غالباً في قنوات داعش. نعرف عن هذه التسجيلات من خلال أعضاء يسربونها أو صحفيين وباحثين يحظون بطريقة للوصول إليها. في هذه الصوتيات الداخلية من مجلس الشورى نسمع كيف أن أبا بكر البغدادي مثلاً أعطى أمراً بقتل القائد الفلاني لأنه أخطأ في أمر ما أو أن داعش أعلمهم بأن يفعلوا أمراً أو يعالجوا مسألة. وأحياناً يقوم الأعضاء بكتابة مذكرات يناقشون فيها تعليمات البغدادي فتكون بشكل مكتوب تظهر بين الحين والآخر خاصة إن ألقي القبض على أحدهم. هذه هي افضل الطرق لفهم ديناميكية التواصل داخل الجماعة.

(٥) مرصد الجهادية: وأعتقد أنك مطلع على هذه التسجيلات.
د. زن: نعم. اطلعت على معظمها. لا يزال بعضها متحفظاً عليه لدى باحثين وصحفيين معينين وقد تخرج هذه التسجيلات الداخلية إلى العلن في أي وقت. وأسعى للحصول عليها. ومتى حصلنا عليها نقوم بتحليلها. وفي كتابي كما ذكرتِ أدرجت عدداً لا بأس به منها.

(٦) مرصد الجهادية: هل ميزت صوت أحد. تعرفت على شخصية نعرفها نحن في الشرق مثلاً؟
د. زن: بلى. ميّزت بعض الشخصيات في هذه التسجيلات. طبعاً أبو محمد العدناني، نائب البغدادي، والمتحدث سابقاً باسم داعش والذي كان له دور في البيعة للبغدادي. وكذلك البغدادي ذُكر أكثر من مرة. لكن فيما يتعلق بالوسطاء، فالإسم الأبرز هو شخص اسمه شيبة الحمد. ما أعرفه عنه وما استطعت أن أجده عنه هو أنه جزائري على أرجح تقدير وكان مقيماً في تونس ويعمل في جناح إعلامي تابع لداعش اسمه إفريقيا للإعلام ومقره تونس. كان من الوسطاء لدى داعش. كان يؤمن البيعات وينقل الرسائل. والغريب أنه في الأصل من عناصر القاعدة في المغرب الإسلامي وفي نفس الوقت كان يساعد في تجنيد مقاتلي داعش. فكان يغش القاعدة. في ٢٠١٥ اختلف مع داعش. وآخر مرة سمعت فيها اسمه كان في سوريا مقاتلاً مع القاعدة. إنها علاقات معقدة تظهر فيها أسماء وهمية لهؤلاء الأفراد، ولا يكشفون عن أسمائهم الحقيقية في تسجيلاتهم المعدة للدعاية. في كل مرة يبتكرون اسماً مختلفاً. وليس سهلاً فك هذه الطلاسم.

(٧) مرصد الجهادية: أفردت في كتابك فصلاً للحديث عن انفصال شيكاو عن داعش وكيف أن شيكاو لم يكن يرغب في أن يسيطر عليه البغدادي. كان يسعى لنوع من الاستقلالية وفي نفس الوقت في التسجيل الصوتي المنسوب لشيكاو قبل موته تحدث عن خلافات على المال بينه وبين خصومه. كيف كان المال سبباً في كل هذا؟
د. زن: مسألة المال مختلفة قليلاً عن مسألة البيعة للبغدادي لكن فهم المسألتين يساعد في فهم الديناميات داخل الجماعة. بالنسبة لمسألة المال، في التسجيل الأخير لشيكاو قبل موته ذكر أموراً لم يعرفها كثيرون وأهمها أنه بايع القاعدة. كنا نعلم أن بوكوحرام متحالف مع القاعدة ولكن بعد التسجيل عرفنا أن شيكاو بايع القاعدة فعلاً. القاعدة في المغرب الإسلامي أعطوا بوكوحرام مبلغ ٢٥٠ ألف دولار وأرادها شيكاو لنفسه يتصرف فيها كما يريد لأنه سلطوي. لكن قائد عسكري آخر يتقن إدارة العمليات اسمه خالد البرناوي أراد أن يتصرف بالمال لأنه يعرف الوسيط. وهكذا اختلف الاثنان على المال. وزيادة على ذلك كانت بين الرجلين اختلافات في العقيدة والمنهج. شيكاو كان يقتل المسلمين الأبرياء بعكس تعليمات القاعدة في المغرب الإسلامي. هذا الخلاف على المال والمنهج أدى إلى أول صدع في الجماعة عام ٢٠١٢ عندما وافقت القاعدة في المغرب الإسلامي على تشكيل فرع أنصار المسلمين في بلاد السودان. لا يزال هذا الفرع موجوداً موالياً للقاعدة لكنه فرع صغير جداً. بعد سنوات من الانشقاق الأول، ظهرت مسألة البيعة ومشاكل أدت للانشقاق الثاني. في ٢٠١٥، عندما بايع شيكاو داعش، كان يخشى أن يحكم البغدادي السيطرة عليه ويسحب منه النفوذ فاضطر إلى الإصغاء إلى مؤيدي البغدادي. لأنه كان يخشى منافسيه في الجماعة الذين استغلوا ذلك الوقت في طرح أسئلة في العقيدة والمنهج على جماعة البغدادي. وكان البغدادي يحكم لصالح المنافسين المعتدلين بالنظر إلى قسوة شيكاو في بعض الأمور. أعتقد ان شيكاو كان خائفاً من أن يطيح به جماعته في انقلاب داخلي. وكان محقاً وهذا ما حدث في ٢٠١٦ عندما قررت قيادة داعش إزاحة شيكاو وحكم العدناني بأن إرسال شيكاو انتحاريين وانتحاريات تحت سن ١٣ سنة لم يكن لائقاً وكان لا بد من الإطاحة به. شيكاو شكى أيضاً من أن منافسيه كانوا يمنعون رسائله من الوصول إلى البغدادي وكانوا يعترضون رسائل البغدادي إليه. كان مقتنعاً أنهم يخدعون البغدادي ويخدعونه. هذه هي التجاذبات التي أحاطت بالبيعة.

(٨) مرصد الجهادية: لا شك أنك اطلعت على الفيديو الذي ظهر فيه رجل اسمه باكورا يؤكد وفاة شيكاو ويتعهد بالانتقام له وفي نفس الوقت يعرض البيعة على داعش. الفيديو غريب. ماذا نعرف عن هذا الرجل؟
د. زن: حسبما نعرف، ثمة رجلان اسمهمها باكورا. أحدهما قائد عسكري والآخر شرعي وهو الذي ظهر في الفيديو مؤكداً موت شيكاو. هذا اسمه سحلبة باكورا يتحدث العربية الفصحى وأعترف بموت شيكاو، وأكد ف ينفس الوقت أن الجماعة لا تزال وفيّة لداعش لان الجماعة حقيقة بمن فيهم شيكاو نفسه لم يرفضوا البيعة لداعش. قالوا إنهم خُدعوا ولو أن قيادة داعش تتفهم وضعهم في نيجيريا عندها ستحكم هذه القيادة لصالح شيكاو من دون شك. هذا القائد الذي يدير فرع تشاد كان يحضّ فرع غابة سامبيسا على مواصلة القتال ضد ولاية غرب إفريقيا بقيادة أبي مصعب البرناوي وطلبوا من داعش المركزي أن يفتي في المسألة وأن يسمي فرع شيكاو القادة الفعليين لداعش في المنطقة. وأن يمتثل الجميع بمن فيهم أبو مصعب البرناوي لما يقوله سحلبة الذي خلف شيكاو، ولكن هذا الأمر بعيد المنال. لكن أسلوب التصوير والفيديو هو أسلوب شيكاو: مقاتلين في لباس معين يحيطون بالمتحدث. هذا هو الأسلوب الذي ميّز شيكاو؛ وإن لم يظهر لوغو جماعة شيكاو على الفيديو. وأمر آخر أود الإشارة إليه هو أن باكورا في تشاد يسير على نهج شيكاو أما المقاتلين في سامبيسا فمعظمهم انضمّ إلى ولاية غرب إفريقيا وهذا يعني أن باكورا سيكون وحده معزولاً.

(٩) مرصد الجهادية: كيف يمكن أن نميز بين الرجلين؟
د. زن: كلاهما يعيش في منطقة بحيرة تشاد وينتميان إلى نفس الفصيل لكن أحدهما عسكري والآخر هو إمام وهو سحلبة. ولست متأكداً من أن الآخر قُتل كما أشيع.

(١٠) مرصد الجهادية: وبالتالي، بيعة من هي التي قبلها المتحدث باسم داعش؟
د. زن: أعتقد أن البيعة التي قبلها المتحدث باسم داعش أبو حمزة القرشي كانت من مقاتلي جماعة شيكاو في غابة سامبيسا في ولاية بورنو. على الأرجح أنهم جددوا البيعة وأعلنوا الطاعة لأبي مصعب البرناوي زعيم الجماعة وإلا فسيعتبرون متمردين وأتباع شيكاو. إن رفضوا البيعة لداعش فعلى الأرجح سيبايعون باكورا ولكن معظم المقاتلين في سامبيسا قبلوا أوامر داعش وتبعوا أبا مصعب البرناوي زعيم ولاية غرب إفريقيا. أما سحلبة فلا يزال يريد أن يتم الاعتراف به قائداً وأن يتبعه بالبرناوي ولم نرى أثراً لأي احتمال أن داعش سيوافق على هذا أو أن المقاتلين في سامبيسا سينضمون إليه. كل الصور والفيديوهات التي نراها تظهر مقاتلي سامبيسا التابعين ليشكاو وهم يهاجمون القوات الحكومية مع داعش في ميدغوري عاصمة إقليم بورنو.

(١١) مرصد الجهادية: في ظل كل هذا، كيف ترى العلاقة الآن بين داعش والقاعدة في غرب إفريقيا؟
د. زن: ممثل القاعدة الرئيس في غرب إفريقيا هم جماعة نصرة الإسلام والمسلمين في مالي وهم أقوياء ويتفوقون على داعش في منطقة الساحل. ومع الأنباء عن الانسحاب الفرنسي من الساحل، فإن القاعدة ستزيد قوة. جماعة أنصارو لا يزالون حاضرين في شمال غرب نيجيريا حيث أسس شيكاو علاقات له أيضاً. داعش وباكورا ينشطون في بحيرة تشاد وكلهما يعادي القاعدة هذه الأيام. فلا أتوقع أن تحدث القاعدة اختراقات في تلك المنطقة البعيدة عن مالي. ولكن ثمة احتمال أن يدخل مقاتلو القاعدة من مالي إلى نيجيريا عبر شبكات الهجرة والرعي من المنطقة الشمالية الغربية. داعش هناك ليس قوياً وقد تجد القاعدة موطئ قدم بعكس المناطق الداخلية التي تحتلها داعش غرب إفريقيا في شرق نيجيريا وفي بحيرة تشاد.

لمتابعة النسخة التلفزيونية من مرصد  الجهادية: