أهلاً بكم إلى حلقة هذا الأسبوع من مرصد الجهادية نغطي فيها الفترة من 30 مايو إلى 5 يونيو 2021. إلى العناوين: 

– وثائقي (الجهادي) يدين الجولاني، وأنصاره يقولون: نحن لم نسع إلى المقابلة 

– المقدسي ينتقد القاعدة المركزية ويسأل: “هل تغيّر المنهج؟” 

– تقرير أممي يقول إن ثمة توتر بين الجناحين السياسي والعسكري في طالبان حول السلام وتوزيع إيرادات المخدرات

ضيف الأسبوع، حسام جزماتي، الكاتب السوري للحديث عن الجولاني. جزماتي كان من أول من كشف عن الاسم الحقيقي للجولاني وتاريخ عائلته.

المرصد 91 | المقدسي ينتقد القاعدة المركزية ويسأل: "هل تغيّر المنهج؟" 

وثائقي (الجهادي The Jihadist)

إذاً، عُرض وثائقي (الجهادي The Jihadist) الذي أعده الصحفي الأمريكي مارتن سميث على PBS خدمة البث العام الأمريكية. الفيلم يختلف عن المقابلة التي نشرت PBS نصها كاملاً. الفيلم يدين الجولاني وليس فيه تلميع. سميث أضاف محتوى يتحدى إجابات الجولاني الذي حاول أن يُبرئ نفسه من قتل الأبرياء والأمريكيين ومن التعذيب. وربما كان مربط الفرس في الفيلم هو الدقيقة الأخيرة التي تحدث فيها السفير الأمريكي جيمز جيفري. جيفري كشف عن رسائل تلقاها من هيئة تحرير الشام تريد علاقة صداقة طبيعية مع أمريكا. وقال إنه لم يناقش هذه الرسائل مع الإدارة الأمريكية معلقاً: لماذا أضع نفسي في موقف صعب بأن أسعى لإسقاط شخص من قائمة الإرهاب؟ 

أنصار الهيئة دافعوا بأن سميث هو من طلب اللقاء وأن الجولاني لم يطلبه أي أن الجولاني لم يسع إلى المقابلة وبالتالي لم يسع إلى “التلميع” وإيصال رسالة إلى الأمريكيين والغرب. مظهر الويس القيادي في الهيئة قال: ولو لم ينجح اللقاء إلا في كسر العزلة وجعل العالم مضطراً للوقوف والاطلاع على قصة هذه الثورة والاستماع من أهلها الحقيقيين لكفى بذلك

معارضو الهيئة بينوا التناقض في كلام الجولاني اليوم وأمس. اليوم يقول إنه لم ولن يهاجم الغرب. وأمس يستنكر من يستجدي الغرب. 

صديق الأمس

وفي المقابلة المشؤومة، أنكر الجولاني وجود تعذيب في سجون الهيئة. لكن بلال عبدالكريم، الصحفي الأمريكي، الذي استقر في إدلب منذ سنوات، اختار هذا التوقيت ليتحدث عن التعذيب من وحي تجربته.

بلال اعتقل في أغسطس الماضي وأطلق سراحه في فبراير وفرض حظر عليه وعلى قناة OGN فترة انتهت الأسبوع الأخير من مايو. هذا الأسبوع، خرج بلال إلى مناطق غصن الزيتون الخاضعة للجيش الوطني المدعوم تركياً. ومن هناك تحدث: من حيث طرد الأتراك الأكراد من عفرين وما حولها.

عقدة البيعة

ومما رشح عن فيلم الجولاني، ما تعلق بعلاقته مع داعش والقاعدة؛ ما تعلق بالبيعة لأحدهما أو كليهما. أنصار القاعدة خاضوا في هذا للبرهان على خيانة الجولاني العهد والبيعة. لكن حقيقة انقلب السحر على الساحر. نقل أنصار القاعدة قولاً للظواهري فيه: “إن العقود والبيعات من الأمور العظيمة، التي لا يجب التلاعب فيها.” ويسألون أنصار الجولاني: “هل برأتم ذمتكم من قيادتكم التي بين أميرها (الظواهري) أنه لم يحللكم من البيعة وأنكم وقعتم في معصية لما أعلنتم انشقاقكم عن جماعتكم الأم (القاعدة)؟” 

وهنا نسأل: ما موقف القاعدة إذاً من كلام شاهين المتحدث باسم طالبان عن عدم وجود بيعة بين طالبان والقاعدة؟ بنفس المنطق نسأل أنصار القاعدة: هل أحلّكم طالبان من البيعة؟ أم هم يتلاعبون بكم كما تلاعب الجولاني بأميركم؟

مرة أخرى، بحسب أنصار القاعدة، فإن الجولاني خائن لأن القاعدة هي التي ثبتته في الشام. يقولون: “لو لم يوجد (تنظيم القاعدة) لَبقِيَ الجولاني في العراء، والذي حماه من البقاء في العراء هو التصاقه بتنظيم القاعدة.” 

وهذا يكفي للبرهان على أن القاعدة والظواهري شخصياً مسؤولين عن كل ما يحدث في الشام اليوم. هم شركاء الجولاني. وإن أعادوا النظر اليوم، فهو لقصر نظرهم أصلاً. وليس ثمة جدوى من البراءة بعد أن وقعت الفأس بالرأس. 

بداية النهاية؟

نشرت القاعدة المركزية العدد ٣٥ من نشرة “النفير” التوعوية التي خصصت للحدث الفلسطيني بعنوان: “من معركة سيف القدس إلى معركة المساجد.” لم تختلف النشرة عن بيان القيادة العامة المنشور في ١٧ مايو بعنوان: “حُبٌ وإجلال ونصرة لأهلنا في فلسطين.” وفيه مدح قادة حماس العسكريين والسياسيين. صورة محمد الضيف، القائد العسكري لكتائب القسام، طبعت على الصفحة الثانية التي ذُيلت بثلاث صور واقتباسات: أسامة بن لادن، الظواهري وبينهما الرنتيسي زعيم حماس سابقاً. 

قبل هذا بيوم، نشر المقدسي تعليقاً مطولاً على بيان القاعدة الذي أشاد بقادة حماس الذين قضوا في القصف الإسرائيلي. السواد الأعظم من أنصار القاعدة لم يعجبهم أن القيادة المركزية تنعى قادة حماس. المقدسي كفّر حماس. وهذا واضح من الفتاوى المنشورة في موقعه والتي فصلناها في حلقة سابقة. قد يقول إنه كفّر الحكومة وليس الحركة. فكيف يميز الرجل بين الحكومة والحركة إذا كانت حماس نفسها لا تميز. 

نقاط الخلاف مع حماس: حماس تمجّد إيران وبشار الأسد، وشاركت في انتخابات كشكل من الديمقراطية. والأهم أن حماس قتلوا جماعة أبي النور المقدسي الذي أعلن إمارة في غزة في ٢٠٠٩ وطلب من حماس التسليم. كتائب القسام التابعة لحماس قتلوه في المسجد. 

وهكذا فإن تعليق المقدسي مهم لأنه بكل بساطة يبرهن على هوة تتسع بين القاعدة الأم والقواعد. عندما يسأل المقدسي: “هل تَغيّر المنهج ؟ أم تَسلّل إلى صفوف القاعدة مَن لا يقيمون لنقاء المنهج اعتباراً؟”، هذا سؤال خطير. يتابع المقدسي: “فخطأ القاعدة التي لازالت تُعلن تبنى منهج التوحيد والجهاد؛ ليس كخطأ بعض المشايخ والدعاة الذين تذبذب منهجهم. فالمفروض أنّ القاعدة مازالت تنكر على دعاة الإسلامقراطية؛ وتبرأ من منهجهم؛ فكيف تنعى موتاهم؟” … وتُمجّد قادتهم العسكريين.” 

مع هذا التخبط، يخرج بعض أنصار القاعدة بالتسليم بما تقوله القيادة المركزية، لأنهم ببساطة يدركون الخطر الواقع هنا. كتب أحدهم: “إننا جنود لدى قاعدة الجهاد لهم منا السمع والطاعة فى المنشط والمكره ، وألا ننازع الأمر أهله ، فهم سادتنا وقيادتنا وأعلم منا، ومن الأدب إلا يتجاوز الجندى أميره.” ويضيف: “لا أدعو لقداسة الأفكار إنما لمراجعة الأمور فما تظنه غير صائب هو فى رأسك أنت بعيدٌ عن الحقيقة بمجال.” يوقع هذا بأنه لا يمثل إلا نفسه. والحقيقة هذا موقف كثيرين ممن يبدأون كلامهم: “باسم رب القاعدة.” وهنا نسأل أنصار القاعدة: كيف يختلف هذا عن موقف علماء السلاطين مثلاً الذين “لا ينازعون الأمر أهله .. ولا يتجاوزون أمراءهم.” إلى هذه الدرجة وصل التخبط في أوساط القاعدة. 

تقرير حالة طالبان

أصدرت الأمم المتحدة التقرير الثاني عشر المتعلق بتتبع نشاطات طالبان. أهم ما جاء فيه: 

– ملاحظات على أن عملية السلام الأفغانية لم تتطرق إلى قضية المخدرات في أفغانستان حيث تشكل أكبر مصدر دخل لطالبان. في ٢٠٢٠، وصل الدخل من الأفيون إلى ٤٦٠ مليون دولار.

– نائبا قائد التنظيم هيبة الله أخوندزاده، وهما الملا محمد يعقوب العمري وسراج الدين حقاني، يعارضان محادثات السلام ويؤيدان الحل العسكري. وعليه، فإن الهدف المعلن لطالبان هو تأمين كل ما يلزم لاعتراف دولي بأنهم الحكومة الشرعية لأفغانستان، ولكنهم سيواصلون السعي إلى التفوق العسكري لزيادة الاستفادة من التنازلات المقدمة من حكومة أفغانستان. 

– عُيّن الملا محمد يعقوب قائد اللجنة العسكرية في طالبان في مايو ٢٠٢٠؛ ويحتل المرتبة الثانية بعد سراج الدين حقاني، نائب الأمير أخوندزادة. يعقوب هو ابن مؤسس طالبان الملا محمد عمر وعلى الأرجح يطمح إلى زعامة الجماعة.

– توتر بين القيادة السياسية وبعض القادة العسكريين يجسد استمرار الخصومات الداخلية والانقسامات القبلية والخلافات الناشئة حول توزيع إيرادات طالبان.

– طالبان لا تزال ترعى القاعدة ومقاتلين أجانب. في سبتمبر ٢٠٢٠، حصل المحققون الأمميون على وثيقة تتضمن توجيهات بالإشراف على المقاتلين الأجانب وتدريبهم ورفاهيتهم. لكن وثيقة أخرى ظهرت في وسائل التواصل الاجتماعي في فبراير ٢٠٢١ تفرض حظراً على جميع هؤلاء. 

في الأثناء، يتركز مقاتلو حزب تركستان الإسلامي مثلاً في بدخشان شمال البلاد قرب الحدود مع طاجيكستان. حاجي فرقان نائب قائد الجماعة وهو أيضاً نائب قائد في تنظيم القاعدة مسؤول عن تجنيد المقاتلين الأجانب.

وتزامناً مع نشر التقرير، بث حزب تركستان الإسلامي فيديو قصيراً من خراسان (أفغانستان) بعنوان “مقاتلو الحقيقة” يتضمن تدريباً لقناصة رفيعي المستوى. 

شيكاو

حتى ساعة إعداد هذه الحلقة، لم يتحدث داعش الرسمي عما يحدث في ولاية غرب إفريقيا منذ يوم ١٨ مايو عندما تناقلت الصحافة النيجيرية أن داعش قتل أبا بكر شيكاو زعيم بوكو حرام. هذا الأسبوع، نقل موقع Humangle النيجيري أن تسجيلاً صوتياً نُسب إلى أبي مصعب البرناوي، الذي يعتقد أنه زعيم ولاية غرب إفريقيا، يؤكد فيه قتل شيكاو ويصفه بأنه “زعيم العصاة” وأنهم قتلوه لأنه ارتكب “إرهاباً لا يمكن وصفه؛” وأن هذا التحرك ضد شيكاو جاء بأوامر من “أمير المؤمنين” أي خليفة داعش المزعوم. وفي التسجيل، يحذر البرناوي أفراد بوكو من القتال ويطلب منهم الاستسلام. ينقل الموقع أن مئات لا يزالون يناصرون شيكاو في منطقة حوض بحيرة تشاد بقيادة رجل يُدعى (باكورا) الذي لم يخضع بعد لداعش.  

 ثمن العنابي 

عرضت الحكومة الأمريكية جائزة قدرها سبعة ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عن أبي عبيدة العنابي، أمير القاعدة في المغرب الإسلامي. العنابي تولى الإمارة خلفاً لدروكدال الذي قتلته فرنسا في يونيو ٢٠٢٠.