أخبار الآن | بريطانيا (الغارديان)

 تسعى بكين عبر منظومتها السياسية المتمثلة بالحزب الشيوعي الحاكم، إلى تحويل كارثة تفشي جائحة كورونا إلى انتصار، من خلال تسخير وسائل إعلام لخدمة ذلك الهدف بعد تصاعد الانتقادات التي طالت الحزب الشيوعي  بسبب سوء مواجهته لتفشي الوباء وخاصة في بدايته.

ووفق صحيفة “الغارديان” البريطانية، تكثف الصين حملاتها الإعلامية الناطقة باللغة الإنكليزية، في محاولة للدفاع عن سوء معالجة البلاد لأزمة كورونا، وتسليط الضوء على ما تعتبره بكين نجاحا يحسب لها، في مقابل فشل دول غربية بمواجهة الفيروس القاتل.

ومن الأمثلة التي أوردتها الصحيفة البريطانية على ذلك، ترويج بكين لصور المساعدة الصينية – التي بات يطلق عليها “دبلوماسية قناع الوجه” – بعد وصلها إلى مطار “هيثرو” في بريطانيا يوم السبت الماضي، بما في ذلك الصناديق التي حملت ملصقات كُتب عليها “حافظ على الهدوء وعلاج فيروس كورونا”.

استخدم بعض “الدبلوماسيين الصينيين” الأصغر سناً تويتر باللغة الإنكليزية، المحظور داخل الصين، لنشر “ادعاءات كاذبة” بأن الفيروس ربما يكون قد أطلقته دول غربية داخل الصين لتشويه سمعة النخبة الحاكمة في البلاد.

ونقلت الغارديان عن البروفيسور “كيري براون” وهو زميل مشارك في برنامج آسيا والمحيط الهادئ في “Thinktank Chatham House” قوله، إن بكين تحاول تحويل كارثة كورونا على المستوى الوطني إلى انتصار… إنهم يحاولون التصدي لأي أخبار أو قصص يمكن أن تدينهم”.

وكانت وكالة بلومبرغ الأمريكية نشرت تقريرا في مطلع شهر أبريل الجاري، كشفت بموجبه أن الاستخبارات الأمريكية أرسلت تقريرا إلى البيت الأبيض يؤكد زيف ادعاءات الصين حول أعداد المصابين بكورونا على أراضيها.

أذرع إعلامية في خدمة الحزب الأوحد

لطالما انتقدت دولة الحزب الأوحد، أي الحزب الشيوعي الصيني، والتي تقع في ذيل مؤشر حرية الصحافة العالمي، التغطية الغربية لأخبار تفشي كورونا في الصين، مدعية أن تلك التغطية غير عادلة على اعتبار أن أغلب التقارير الإخبارية تؤكد أن بكين أخفت حقائق جوهرية عن أعداد المصابين على أراضيها وكذلك طريقة تعاملها مع تفشي الجائحة.

وضمن هذا السياق، صدرت أوامر يُعتقد أن مصدرها الحزب الشيوعي الصيني بطرد صحفيين غربيين موجودين على الأراضي الصينية، وعمد الحزب إلى بث أخبار باللغة الإنكليزية بشكل مكثف، لتحسين صورته أمام العالم عبر أذرع إعلامية صرف عليها الحزب أموالاً طائلة طيلة السنوات الماضية، وكان في طليعة تلك الوسائل الإعلامية، قناة “CGTN” الإخبارية المملوكة للدولة الصينية والتي تبث أخبارا على مدار 24 ساعة، مع توسيع ملحوظ لحجم تغطيتها مؤخرا بعد أن بدأت بالبث من مكتب جديد لها في بريطانيا وتحديدا في غرب لندن، تحت شعار “الأخبار من منظور صيني”.

دس السم بالعسل

تحاول CGTN تخفيف حدة هجومها على الدول الغربية بسبب مواجهتها لتحقيقات مستمرة من قبل المنظم الإعلامي “Ofcom”  حول حيادها وقضايا أخرى تتعلق بالصحافة. فعلى سبيل المثال، قامت القناة الأسبوع الماضي، ببث مجموعة من القصص الفردية “الملهمة” لأطباء صينيين وهم يساعدون الناس في مواجهة جائحة كورونا. وبثت القناة الصينية كذلك مقاطع فيديو للمساعدات الصينية التي تصل إلى الدول الأوروبية والأفريقية، ولقطات عن الاقتصاد الصيني الذي بدأ بالتعافي وفق ما تدعيه تلك القناة.

لاحقا بدأت ” سي جي تي ان” ببث سلسلة من المقابلات مع دبلوماسيين صينيين وعاملين طبيين في جميع أنحاء أوروبا، مع مقدمة تكاد تكون واحدة لجميع الحلقات وتتلخص بـ “كيف أثبتت تجربة الصين في محاربة Covid-19 أنها لا تقدر بثمن بالنسبة للبلدان الأخرى التي تحاول احتواء الأزمة”.

نظرية المؤامرة

أوردت الغارديان مثالا آخر عن سعي بكين الحثيث لتلميع صورتها عبر وسائل الإعلام، هذه المرة عبر دبلوماسي صيني شاب، يدعى “ليجيان تشاو” ويتمتع بمتابعة كبيرة على تويتر، والذي بدأ بنسج قصص عن مؤامرة غربية كبرى حاكتها واشنطن وأدت إلى تفشي وباء كورونا في الصين، وفق معتقداته.

تشاو ينتمي لمجموعة تطلق على نفسها اسم “دبلوماسيو الذئب المحارب”، والتي تعمل على الدفاع عن أفكار الحزب الشيوعي، مع مجموعة من حسابات وسائل الإعلام الحكومية عبر منصات التواصل الاجتماعي، والتي أصبحت أكثر تطرفا في الدفاع عن دور الصين لاحتواء كورونا.

على مدار العام الماضي، انضم المزيد من الدبلوماسيين الصينيين وكذلك وزارة الخارجية إلى تويتر، ودافعوا باللغة الإنجليزية عن أفكارهم وخاصة فيما يتعلق بقضايا انتهاكات حقوق الإنسان في شينجيانغ، وكذلك الحرب التجارية بين الولايات المتحدة الأمريكية وبلادهم.

ووفق الغارديان، قال باحثون في الأمن السيبراني، إنهم “لاحظوا تحولًا واضحًا في خطاب حسابات وسائل التواصل الاجتماعي التي تديرها الصين منذ منتصف فبراير الماضي، عبر تحويل نمط الخطاب من كون الصين مصدرا للوباء إلى رائد في معالجته”.

وتقول الصحيفة، إنه بالفعل وتماشيا مع ما سبق فإن عددا من الصحف الصادرة ببريطانيا بدأت بنشر مقالات عن الأعمال البطولية الصينية عبر صفحات تظهر إعلانات ممولة، قبل أن يتم إلغاء نشر بعض هذه الصفحات.

الصين تصعد حملتها الإعلامية الموجهة للغرب بسبب كورونا

تبرعات طبية من الصين – رويترز

كما بذلت الشركات الصينية قصارى جهدها لتحسين صورة بكين، فعلى سبيل المثال تبرعت شركة “Huawei” عملاق الاتصالات الصيني والتي تواجه دعاوى قضائية دولية، بمبالغ ضخمة إلى بريطانيا، وإن لم تفصح عن ذلك صراحة بسبب مخاوف من تسييس تلك التبرعات.

وتختتم الغارديان تقريرها بتساؤل عن مدى تقبل الجمهور الغربي لذلك الزخم من الدعاية المضادة الصينية، وخاصة أن المؤسسات السياسية في الدول الغربية تعي تماما لمخططات الحزب الشيوعي الصيني، ومن أمثلة ذلك انزعاج فرنسا من محاولات بكين استخدام كورونا كدعاية لتسويق نظامها السياسي. وضمن السياق السابق، حذرت “CAPS” وهي شركة تتبع لوزارة الخارجية البريطانية، من أهداف الصين ومخططاتها بعد تفشي جائحة كورونا.

أقرأ أيضا:

كورونا يفتك بالقارة العجوز والوفيات تتجاوز 40 ألفاً