أخبار الآن | دبي – الامارات العربية المتحدة (مرصد المستقبل)

باعتبارها المتهم الرئيسي وراء مليون حالة تسمم غذائي و380 حالة وفاة كل عام، فإن السالمونيلا هي بالتأكيد من الأمور السيئة بالنسبة للمعدة.

ولكن ماذا إن كان بالإمكان تحويل السالمونيلا إلى شيء جيد؟ هذا بالضبط ما أراد باحثون من جامعة ديوك تحقيقه عندما قاموا بتعديل إحدى سلالات السالمونيلا وراثياً لتتحول إلى بكتيريا تلتهم أورام الدماغ.

اقرأ أيضا: دراسة: الأسبرين يقي من سرطان القولون والمستقيم

وفي إحدى الدراسات التي نُشرت في مجلة Molecular Therapy – Oncolytic، قام باحثون من جامعة ديوك بتعديل بكتيريا السالمونيلا التيفية الفأرية وراثياً، لا لتهاجم الجهاز الهضمي، بل لتكافح أحد أكثر الأشكال عدوانيةً من سرطان الدماغ والمعروفة للجنس البشري.

ويذكر بأن للورم الأرومي الدبقي وقت قياسي متوسط للبقاء على قيد الحياة والذي يبلغ 15 شهراً فقط، وذلك حتى مع أفضل مستويات الرعاية المتوفرة حالياً. وبالنسبة لأولئك الذين يتمكنون من البقاء على قيد الحياة – حوالي 10 في المئة فقط – فتقدّر مدة حياتهم بخمس سنوات فقط بعد التشخيص.

وعلاوة على ذلك، فإن الحاجز الدموي الدماغي يجعل من المستحيل على العلاج الدوائي أن يهاجم الورم الأرومي الدبقي، كما أن الجراحة لا تستأصله تماماً. ولذلك، فإن هذا المهاجم العدواني يستحق مكافحاً مكافئاً في القوة.

ومن هنا، قام الباحثون باستخلاص حليف غير متوقع من السالمونيلا. حيث تمكنوا مع القليل من التعديلات الوراثية على حمضها النووي من تحويلها إلى نوع من الأسلحة التي تبحث عن السرطان وتقوم بالتدمير الذاتي عميقاً داخل الأورام. وأظهرت الفحوصات المخبرية عند الفئران المصابة بحالات شديدة من الورم الأرومي الدبقي معدّلاً مذهلاً يبلغ 20 في المئة للبقاء على قيد الحياة، وكانت الأورام تتجه نحو الهدوء خلال فترة 100 يوم، وهو ما يساوي تقريباً 10 سنوات عند الإنسان.

اقرأ أيضا: علماء: الدهون هي السبب الرئيسي في توسع الأورام الخبيثة القاتلة

وقال الباحث جوناثان ليون: "بما أن الورم الأرومي الدبقي عدواني جداً ويصعب علاجه، فإن أي تغيير في المعدل الوسطي للبقاء على قيد الحياة يعدّ أمراً عظيماً. ولأن قليل من المرضى يتمكنون من البقاء على قيد الحياة بشكل غير محدد بعد تشخيص الورم الأرومي الدبقي، فإن حدوث الشفاء الفعال بنسبة 20 في المئة هو أمر غير اعتيادي ومشجع للغاية".

التدمير الذاتي

ووفقاً لناليني ميهتا – وهي المؤلفة المشاركة للمشرف على الدراسة – فإن الفريق حصل على سلالة السالمونيلا التي كانت تعاني بالفعل من نقص البيورين، والذي يعدّ مركباً متغاير الحلقات ويوجد بكثرة في الأورام. ولذلك، بمجرد حقن هذه السالمونيلا المعدّلة في الدماغ، اتجهت عميقاً في الأورام وبدأت بالتكاثر بسرعة. في الوقت نفسه، تم أيضاً تعديلها من قبل الفريق لإنتاج مركبين في بيئات منخفضة الأوكسجين، كما هو الحال داخل الأورام. ويدفع هذان المركبان المضافان -Azurian وp53- الخلايا إلى التدمير الذاتي، مما يؤدي إلى القضاء على كل من الأورام والسالمونيلا.

وكما يوضح رافي بيلامكوندا، وهو المؤلف المشارك في الدراسة وعميد كلية برات للهندسة في جامعة ديوك:

من المثير تصميم البكتيريا لتقوم بالحركة بشكل فعال والبحث عن هذه الأورام المتفرقة، وتحرير بروتيناتها المكافحة للأورام في المناطق الورمية الغنية بالبيورين وناقصة الأوكسجين فقط. ولأنه تم إلغاء فعالية سميتها الطبيعية، فإنها لا تسبب حدوث أي استجابة مناعية. وبالجرعات التي قمنا باستخدامها في التجارب، فقد أزيلت هذه البكتيريا بشكل طبيعي بمجرد قضائها على الأورام، وبالتالي تدمير مصدرها الغذائي الخاص بشكل فعال.

وكما هو الحال مع معظم العلاجات التجريبية، فإنه ليس من الواضح حتى الآن وقت خروجها من المختبر ودخولها في التجارب السريرية. ولكن ذلك بالتأكيد يعطي الأمل لمكافحة أحد أخطر الأمراض حول العالم بفضل الهندسة الوراثية.

وبدون شك، فإن العلاجات التي تعتمد على الهندسة الوراثية تقوم بتغيير عالم الطب. فمن الأداة الأكثر فعالية لتعديل الجينات إلى تعديل البعوض لمكافحة حمى الضنك، يبدو أن الهندسة الوراثية تقودنا بثبات نحو مستقبل خالٍ من الأمراض.

اقرأ يضا: 

علماء يطورون تقنية جديدة لقتل الخلايا السرطانية خلال 10 أيام فقط