صدف المحار يعاد تدويره ليعود الى مياه البحر

في مطعم لثمار البحر في هيوستن، كبرى مدن ولاية تكساس الأميركية، تتلذّذ زبونات بطبق محار محلّي الصنع، من دون أن يخطر على بالهن أن حياة جديدة تكتب لصدف هذه الرخويات.

وتحت شجرة نخيل في باحة المطعم الأمامية وسط حرارة تلامس 20 درجة مئوية في هذا اليوم الشتوي، تتناول السيّدات سندويشات محار مقلي بالكعك مع المايونيز. لكن في الباحة الخلفية للمطعم، تسعى شابة إلى تحويل صدف المحار إلى حاجز في خليج غالفستون على بعد 10 كيلومترات.

وبعيدا من الأنظار، تحمّل شانون بات المتعاونة مع جمعية “غالفستون باي فاوندايشن” في مقطورتها سبع سلال فيها 80 كيلوغراما من النفايات مليئة بصدف المحار وأيضا المياه والشوكات المنسية والحامض. وهي تجوب المطاعم المتعاقدة مع جمعيتها طوال السنة لتجمع منها أيّام الاثنين والأربعاء والجمعة هذا النوع من المخلّفات.

وتقول الشابة البالغة 33 عاما إن “الناس يستهلكون المحار عادة في الأشهر الممتدّة من أيلول/سبتمبر إلى نيسان/أبريل. ونحن الآن ضمن هذه الفترة، لكن عدد المحار ليس كالعادة بسبب وباء كوفيد-19”.

ويؤكّد توم توليت مدير مطعم “توميز سيفود ريستورنت أند أويستر بار” حيث جمع الصدف للمرّة الأولى في إطار هذه المبادرة في آذار/مارس 2011 إن “الزبائن يريدون أن يعرفوا من أن يأتي المحار وأين ينتهي به المطاف”.

وتوسّعت الجولات على مرّ السنين لتشمل اليوم نحو 10 مطاعم في محيط الخليج تشارك في هذا البرنامج. وتوضّح رسوم ورموز في هذه المؤسسات للزبائن مآل صدف المحار الذي سيعود بكلّ بساطة إلى المياه حيث تشكّل لتستقرّ عليه المزيد من الرخويات وتنمو.

 

 

ويشكّل خليج غالفستون، لؤلؤة تكساس، نظاما بيئيا غنّيا بثمار البحر بفضل نوعية مياهه حيث تمتزج مياه الأنهر العذبة بتلك المالحة في خليج المكسيك.

وفي العام 1845، عندما ضُمّت تكساس إلى الولايات المتحدة، كانت مدينة غالفستون تتمتّع بحانتها الخاصة للمحار.

غير أن إعصار “آيك” الذي ضرب الولايات المتحدة في أيلول/سبتمبر 2008 وأودى بحياة 113 شخصا قضى على أكثر من نصف مساحة موطن هذه الرخويات، طامرا الرصيف الصخري بالرواسب.

وبغية إعادة تشكيل هذه البيئة الطبيعية، ترمى الأصداف في الربيع على صخور في قاع المياه حيث طاقة المدّ والجزر ضعيفة. وفي المواقع التي يشتدّ فيها التيّار، تجمع الرخويات في شباك تنصب على شكل حاجز.

وتشكّل هذه المنشآت موئلا جديدا للمحار وهي تكسر الموج، ما يساعد على الحدّ من خطر تعرية التربة. فتصبح المياه أكثر هدوءا ومؤاتية لنموّ النبات.

وتقول هالي ليجا المسؤولة عن الترميم في جمعية غالفستون “إنها وسيلة ابتكرتها جمعية في فلوريدا هي +تامبا باي ووتش+… تختلف كثيرا عن الحواجز الصلبة المنصوبة لحماية السواحل”.

وتشير الجمعية إلى أنها ساعدت على حماية أكثر من 30 كيلومترا من السواحل ورمّمت 20 هكتارا من المستنقعات المالحة. وجمعت 54 طنّا من الصدف في 2012 و125 في 2019 و111 في 2020، وذلك بالرغم من الأزمة الصحية.

وعندما يصبح الصدف في قاع المياه يشكّل ملجأ مؤاتيا لنموّ الكائنات، مساعدا في الحفاظ على التنوّع البيئي.

ولتنمية أعداد المحار منافع أخرى، فكلّ حيوان من هذا النوع يصفّي بشكل طبيعي كمّية من المياه قد تصل إلى 190 ليترا في اليوم.

لكن قبل إنزال الصدف في المياه، لا بدّ من إخضاعه لـ “جلسات عناية” في أرض شاسعة في باسادينا، بين هيوستن والساحل.

فتفرز شانون بات النفايات مزيلة الشوك وتبسط الصدف على الأرض لمدّة ثلاثة أشهر في الهواء الطلق قبل أن تقلبه على جانبه الآخر ليمضي ثلاثة أشهر إضافية تحت أشعة الشمس، ما يسمح بتطهيره والقضاء على البكتيريا فيه.