في مدينة السليمانية بإقليم كردستان العراق، علقت مجموعة من النساء “حبل غسيل” طويل في إحدى أبرز شوارع المدينة، وعُلقت على الحبل ملابس نساء مُعنفات.

شارع سالم وهو أبرز شوارع مدينة السليمانية، شهد الاثنين تعليق مجموعة ملابس على أعمدة الإنارة، وهذه الملابس عُلقت بطريقة متناسقة وكأنها “نشرة احتفالات”، ليتبين فيما بعد بأنها واحدة من آليات الاحتجاج على العنف ضد المرأة.

فكرت الفنانة تارا عبد الله بالاحتجاج ضد ما يُرتكب من أعمال عُنف ضد النساء، فجمعت ملابس 100 ألف إمرأة ودمجتها مع بعضها في حبل طويل امتد طوله لـ5 كم.

وقالت تارا  لـ”أخبار الآن”، إن “فكرة المشروع جاءت بعد تزايد حالات العنف الأسري ضد النساء في مدينة السليمانية، ولأن المجتمع لم ينتبه لها ولم يُبالي لكل الصرخات والاحتجاجات، قررنا أن نُحدث صدمة له حتى ينتبه لما يُمارس من عنف ضد المرأة”.

وأضافت، أن “هذه الملابس هي ملابس نساء معنفات تعرضن للضرب والتعنيف الجسدي وكذلك النفسي واللفظي، وهذه محاولة منا للفت انتباه السكان لهذه المبادرة”.

وشهد العراق خلال الأشهر الأخيرة تزايداً في حالات العنف الأسري، خاصة مع إجراءات حظر التجوال للوقاية من فيروس كورونا وغياب قانون رادع لمرتكبي العُنف، وعلى هذا الأساس برزت حملات مدافعة للإسراع بتشريع قانون “مناهضة العنف الأسري”.

من جهتها قالت النائبة في البرلمان العراقي وممثلة مدينة السليمانية فيه، ريزان الشيخ، إن “هذه الفكرة مهمة جداً، والنساء يسعين بكل الطرق لمنع العُنف المرتكب ضدهن من قبل أزواجهن أو أو عوائلهن أو حتى في وظائفهن وفي الشارع”.

 

العراق.. "حبل غسيل" بطول 5 كلم في السليمانية لنساء "مُعنفات"

المبادرة تهدف الى لفت النظر لقضة العنف ضد المرأة في العراق

 

وأشارت الشيخ المعروفة بمواقفها المناصرة لقضايا المرأة خلال حديثها لـ”أخبار الآن”، إلى أن “هذا الحبل يجب أن يمتد إلى كل محافظة عراقية، خاصة في هذه الفترة التي تزداد فيها أعمال العُنف وتُرتكب الحماقات ضد النساء”.

وتسبب الحبل الموجود في السليمانية بإحداث جدل كبير في المدينة المعروفة بـ”هدوئها”، وصُدِم السُكان صباحاً وهو يُشاهدون حبلاً طويلاً عُلقت عليه الملابس.

وقالت نارين خوشناو وهي من سكان مدينة السليمانية، لـ”أخبار الآن”: “بصراحة ذُهلت وأنا أشاهد هذا الحبل الطويل، وكنت أفكر: هل هو للتوعية بشأن الفقراء – هل هو عمل فني لمجموعة فنية – هل هو جزء من نشاطات المحتجين في المحافظة”.

وأضافت: “عندما عرفت بأن هذا العمل هو عمل فني لمجموعة من المدافعات عن حقوق المرأة، فعلاً شعرت بالفخر، وتمنيت لو كنت واحدة من المبادرات للمساعدة. سأبحث عن هذا الفريق وأتطوع للعمل معه”.

أكثر من 5 الآف حالة عنف أسري في العراق خلال النصف الأول من العام الحالي

ووثقت وزارة الداخلية العراقية أكثر من 5 آلاف حالة عنف أسري في البلاد خلال النصف الأول من العام 2020، وقال اللواء سعد معن، المتحدث باسم الوزارة، في إحصائية نشرها ، إن، “من بين الحالات الموثقة سجلت 3 آلاف و637 حالة اعتداء من الزوج على زوجته، فيما تم رصد 453 حالة اعتداء من الزوجة على زوجها”.

وبقي مشروع قانون “مناهضة العنف الأسري” يُراوح داخل أروقة مجلس النواب منذ نحو عقد بسبب خلافات بين المجتمع المدني وأحزاب إسلامية ترى في القانون “تفكيكاً” للأسرة، بينما النُشطاء يضغطون باتجاه تشريعه وإنشاء مراكز إيواء وتأسيس محكمة الأسرة، وهذا ما لم تقبل به تلك الأحزاب.

وحاولت حكومة مصطفى الكاظمي الاستجابة لمطالب النشطاء، وأرسلت مشروع قانون “مناهضة العنف الأسري” إلى مجلس النواب للتصويت عليه، في المقابل تسعى أحزاب إسلامية لإيقافه.

ويعتقد مواطنون أن تشريع القانون ضرورة في ظل ارتفاع حالات العُنف الأسري وشبه غياب للمحاسبة من قبل الدولة العراقية، وبين هذا الجدل تزداد حالات العُنف بينما القانون مازال حبر على ورق.