أخبار الآن | دبي – وكالات

فرضت أزمة فيروس “كورونا” المستجد تغييرات جذرية على حياتنا، وجعلت الكثير من الأنشطة والعادات تتبدّل بقوّة. وفعلياً، فإن الكثير من الخطط والإتجاهات والأنماط التي تقوم بها البشرية قد تغيّرت، سواء كان ذلك في الأعمال أو في نمط الحياة ككل، كما أن التحوّل الكبير سيفرض نفسه أيضاً على التصاميم الهندسية المرتبطة بالمنازل ومكاتب العمل أو بالأماكن العامّة.

ويعدّ “الحجر الصحي” هو الطريق الأساسية والأولى والأبرز لمواجهة “كورونا”، وقد ساهمت عمليات الاغلاق حول العالم في إبطاء تفشي الفيروس إلى حدّ كبير، وهذا ما تؤكده العديد من الدراسات. غير أنّ الأمرَ الأهم يبرز في المرحلة التاليّة، ويتعلّق بالاتجاهات التي ستأتي بعد الوباء الذي قد يعيشُ معنا إلى الأبد، وهذا أمرٌ يستوجب تحركاً واسعاً، ويفرضُ علينا اتخاذ قرارات جديدة ستواكب حياتنا دائماً.

تغييرات مستقبلية

ومما لا شكّ فيه أنّ أماكن سكننا وعملنا ستشهد على تغييرات جديدة تتلاءم مع الواقع القائم، وستكون أمام تغييرات مستقبلية. فـ”كورونا” مهّد لتفكير جديد بشكل كلّي.

1- المنازل

بكل تأكيد وبدون أي منازع، يعدّ المنزل مكاناً آمناً لجميع الناس في ظلّ تفشي الوباء. غير أن تصميم منازلنا يلعب دوراً مهماً خصوصاً على صعيد الحجر الصحي. مع السنوات، أصبحت الكثير من المنازل أشبه بصناديق فارغة.

وقد تعيد جائحة “كورونا” النظر في تصميم المباني المرتفعة التي يتشارك السكان فيها المرافق الداخلية كالصرف الصحي والدرج والمصعد والمداخل، وقد يتم التشجيع على تصميم المنازل المستقلة. كذلك، سيكون التوجه بالنسبة للكثير من المصممين نحو تبني مفهوم “البناء الصحي”، وذلك من خلال استخدام الضوء الطبيعي، وتحسين التهوية، وعدد أقل من مكونات البناء والديكور السامة، ودمج النباتات والمواد الطبيعية الأخرى.

والأهم من ذلك هو أنّ التصاميم المرتبطة بجعل المنزل مفتوحاً على بعضه قد يتمّ الاستغناء عنها، كما أنّ الانتقال للعمل عن بعد يحتاج إلى مساحة مخصصة لذلك. ولهذا، فإنّ أمر استحداث مكاتب منفصلة داخل المنزل قد يكون ضرورياً.

وقد يبادر المصممون والمهندسون لتطبيق إستراتيجيات مقاومة للجراثيم، مثل أسطح البوليمر المضادة للميكروبات وفائقة الالتصاق، وأسطح النحاس التي تقتل الجراثيم والفيروسات بشكل تلقائي، كما أنه يمكن أن تكون المصابيح فوق البنفسجية أيضاً تقنية جديدة يتم دمجها في المنزل، من أجل القضاء على البكتيريا والفيروسات.

2- المكاتب

مع بداية أزمة “كورونا”، انتقل الكثير من الموظفين إلى العمل عن بعد. ومع أنّ العديد من الشركات حول العالم باتت تفكر جدياً في إغلاق مكاتبها والانتقال إلى العمل عبر الإنترنت بشكل كلي، لما في ذلك من إيجابيات عديدة لناحية تقليل النفقات، فإنّ هناك الكثير من الأعمال والوظائف تستوجب حضوراً إلى المكاتب والمباني. وهنا، فإنّ أمر إبقاء المكاتب مفتوحة على بعضها البعض في ظلّ “كورونا” لن يبقى جائزاً، خصوصاً أن الوقاية من الفيروس تستوجب تباعداً اجتماعياً بالحدّ الأدنى.

ولهذا، فإنّ التغيير على صعيد تصميم المكاتب ضروري، ويتمثل ذلك في إستحداث مقصورات صغيرة مصفوفة إلى جانب بعضها البعض، على أن تكون كل واحدة مستقلّة ويجلس بداخلها شخصٌ واحد فقط. وفي حال لم يكن هناك إمكانية لذلك، أو في حال كانت تكلفة هذه التصاميم مرتفعة، فإنه بإمكان الشركات فصل المكاتب عبر ألواح بلاستيكية أو زجاجية شفافة. فالمهم في الأمر هو إضفاء نمط للتباعد الاجتماعي، وتكريس حماية الموظفين قدر الإمكان.

ومع هذا، فإنه من الضروري الانتباه إلى الأماكن ضمن المكاتب التي قد تشهدُ تجمعاً للموظفين، خصوصاً في غرف الاجتماعات. ولذلك، فانه من الضروري تقليل عدد الكراسي في هذه الغرفة، وأيضاً اعتماد نمط يساهم في تقليل الازدحام داخل المكاتب، مع إيلاء أمر تبديل الهواء أولوية قصوى وبارزة.

3- المطاعم

مؤخراً، قال تقرير حديث للمراكز الأميركية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها “CDC”، إن “تناول الطعام في المطاعم أو الذهاب إلى المقاهي قد يضاعف مخاطر إصابة الشخص بفيروس كورونا المستجد”. وتعدّ المطاعم مكاناً أساسياً لتجمع الناس، كما أن إمكانية انتقال الفيروس هناك بين الناس مرتفعة، خصوصاً أن الرواد يضطرون لخلع الكمامات من أجل تناول الطعام والشراب.

وفي الكثير من الدول، بادرت الكثير من المطاعم إلى اتباع نمط جديد وآمن يوفر التباعد الاجتماعي والحماية للناس، وقد تمثل ذلك بإنشاء أكشاك بلاستيكية أو زجاجية حول كل طاولة، تجعل الأشخاص المتواجدين في المطاعم منفصلين عن بعضهم البعض. الأمرُ هذا يجب أن يوفّر فكرة أساسية لأصحاب المطاعم للانطلاق منهما، والعمل على تغيير التصاميم داخل تلك الأماكن وجعلها صحيّة أكثر.