أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة (نورا آغا)

منذ إطلاقها مطلع آذار/مارس الماضي، نجحت مبادرة "صناع الأمل" في اجتذاب عدد كبير من المشاركات من شباب وشابات من مختلف أنحاء العالم العربي يتطلعون إلى المساهمة في نشر الأمل وصنع تغيير إيجابي. حتى اليوم، تلقت مبادرة "صناع الأمل" أكثر من 65 ألف قصة أمل من أفراد ومجموعات، لديهم مشاريع ومبادرات، يسعون من خلالها إلى مساعدة الناس وتحسين نوعية الحياة أو المساهمة في حل بعض التحديات التي تواجهها مجتمعاتهم.

اقرأ أيضا: 20 ألف قصة أمل خلال 48 ساعة على إطلاق "صناع الأمل"

سعياً لمشاركة الناس هذه القصص كي تكون مصدر إلهام للآخرين الذين يتطلعون إلى تغيير مجتمعاتهم نحو الأفضل، نستعرض بعض قصص صناع الأمل التي تفتح نافذة أمل وتفاؤل وإيجابية في عالمنا العربي من المحيط إلى الخليج.

القصة الأولى:
أطلقتها الشيماء الظاهري لدعم الأسر المتعففة في السعودية
"انصُر أخاك" مبادرة تصنع الأمل باسترداد الحقوق القانونية لأصحابها

الشيماء الظاهري فتاة سعودية أحبت القانون فدرسته، وأرادت أن تكون شعاع أمل في المجتمع لفئة تعاني ضعف القدرات المالية ما قد يتسبب في ضياع حقوقها. سخَّرت الشيماء مواقع التواصل الاجتماعي لخدمة فئات المجتمع المحتاجة "الأرامل والمطلقات والأيتام وذوي الدخل المحدود والاحتياجات الخاصة" وذلك من خلال تمكينهم من نيل حقوقهم القانونية عبر دعمهم بالاستشارات والتقاضي دون مقابل.

أطلقت الشيماء مبادرة "انصُر أخاك" في يوليو 2015، مستهدفةً من لا يستطيعون تحمل التكاليف المالية الباهظة للاستشارات القانونية، أو عملية الترافع أمام القضاء. حظيت المبادرة باهتمام وتفاعل كبير في المجتمع السعودي، ووجدت إقبالاً في جميع أنحاء المملكة. ومنذ انطلاقها، استقبلت المبادرة عشرات القضايا والطلبات والاستشارات عبر آلية تهدف لضمان تحقيق العدالة من خلال تعبئة الراغبين نموذج طلب الخدمة، قبل التحقق من صحة بياناتهم ووضعهم المالي، ليتم بعدها تقييم القضية لدى شعبة خاصة مكونة من أعضاء هيئة التدريس لقسم الأنظمة والشريعة لتقرر إحالتها لشعبة القضايا، أو قد يتم التعامل معها كاستشارة قانونية.

في حال تحويل القضية إلى شعبة القضايا، يتم إعداد ملف كامل عن القضية يحتوي على الرأي القانوني، قبل أن تُحال أخيراً إلى محامي "انصر أخاك المتطوع" والمتاح في منطقة المستفيد، ليعمل على تحصيل الحقوق لأصحابها. علاوة على ذلك وإلى جانب القضايا والاستشارات التي تقوم بها المبادرة مجاناً، فإن فريق عملها يسهم في رفع مستوى التوعية القانونية للفئات المستفيدة بلغة مبسطة ويسيرة وبكافة الوسائل المقروءة والمسموعة والمرئية.

ينضوي تحت المبادرة عدد كبير من المحامين ممن يمتلكون تصاريح رسمية للترافع أمام الجهات القضائية، إلى جانب عدد من المستشارين وأعضاء هيئة تدريس وعدد من طلبة الجامعات كجامعة الملك سعود، وجامعة دار العلوم، وجامعة الملك عبد العزيز، وجامعة الأميرة نورة، وجامعة طيبة، والجامعة الإسلامية، وجامعة الملك فيصل، وجامعة الأمير محمد بن فهد.

وقد أنجزت المبادرة أكثر من 105قضية و170 استشارة و12حملة ميدانية، كما سمحت لعشرات الطلبة بالتدرب عملياً على الممارسة المهنية، والاطلاع على الإجراءات القانونية وآليات تقديم الاستشارات.

"انصُر أخاك" مبادرة أسهمت، ولا تزال، في صناعة الأمل لعشرات الأسر والأفراد من الأرامل والمطلقات والأيتام وذوي الدخل المحدود والاحتياجات الخاصة عبر تحقيق العدالة لهم من خلال خدمة متميزة دون أجر.

القصة الثانية: 
أسس صفحة على الفيسبوك لتحسين واقع الحياة في مدينته 
الفقير محمد يطلق حملة "قلوب دافئة" لتوزيع الملابس والأغطية على الأسر الفقيرة وتوفير العلاج لهم

الفقير محمد، شاب إعلامي وناشط اجتماعي، من مدينة تارودانت بالمغرب، اتخذ من العمل التطوعي نهجاً له في حياته من خلال المشاركة في العديد من المبادرات والحملات، كما أسس مع مجموعة من الشباب صفحة "تارودانت العالمة تبتسم"، وهي صفحة اجتماعية على منصة "فيسبوك" نجحت في تنفيذ العديد من المبادرات بهدف خدمة المدينة والعمل على تنميتها وإبراز جماليتها والجوانب السياحية فيها.

 من خلال هذه الصفحة، أطلق محمد مبادرة إنسانية لامست قلوب أبناء منطقته حملت اسم "قلوب دافئة"، نفذت للمرة الأولى في العام 2015، وهي حملة شعبية لجمع الملابس الشتائية والأغطية سواء المستعملة أو الجديدة، وذلك بغرض مساعدة الأسر الفقيرة في مدينة تارودانت ونواحيها والمناطق الجبلية القريبة من المدينة التي تعاني من التهميش والعزلة في فصل الشتاء وفي موجة البرد القارس وتساقط الثلوج، كما عملت الحملة أيضاً على جمع التبرعات المالية بهدف مساعدة المحتاجين لعمليات جراحية مستعجلة وتغطية نفقات العلاج والمتابعات الطبية.

لقيت الحملة في دورتها الأولى رواجاً وتفاعلاً كبيراً، ونجحت في مساعدة أكثر من 30 عائلة فقيرة في مدينة تارودانت، كما ساهمت في تقديم مساعدات لثلاث جمعيات خيرية واجتماعية منها الهلال الأحمر بتارودانت، الأمر الذي دفع بمحمد وزملائه إلى تنفيذ الحملة مرة أخرى في دورتها الثانية لدعم قافلة أناروز لجمعية شباب الأطلس تارودانت، حيث استفاد من خدماتها أكثر من 60 قرية في إقليم تارودانت ومناطق أخرى من المملكة. وقد استمرت الحملة لغاية منتصف ديسمبر الماضي 2016.

محمد، ومن خلال صفحة الفيسبوك، تمكن من خلق بيئة تفاعلية وحلقة وصل بين أبناء مدينة تارودانت في الداخل والخارج. وبفضلها قدم أبناء المدينة في المهجر عدة مساعدات متتبعين مسارها بكل شفافية عبر الصفحة لضمان وصولها إلى مستحقيها. واليوم يتابع الصفحة أكثر من 37 ألف شخص يتشاركون مع محمد حب المدينة وأهلها ويسهمون بشكل مباشر في تحسين حياة الناس فيها.

محمد يمثل نموذجاً للشباب الرافض للاستسلام لواقع الحياة الصعبة بكل ما تحمله من تحديات، فهو ومن معه من الشباب يحدوهم الأمل في غد أفضل لمدينتهم وعائلاتهم وأبنائهم.

القصة الثالثة: 
أطلق مبادرة "ذاكرة السرو" استجابة لعاصفة ثلجية مدمرة
فؤاد خصاونة يعيد الجمال للأشجار الميتة عن طريق الفن

حين اجتاحت العاصفة الثلجية أليكسا الأردن وعدداً من دول بلاد الشام في ديسمبر من العام 2013، جرفت كل ما هو جميل في طريقها، فدمّرت البيوت والطرقات واقتلعت آلاف الأشجار، بعض هذه الأشجار جذورها ضاربة في عمق التاريخ.

تداعيات العاصفة طالت أجزاء ومناطق كثيرة في العاصمة الأردنية عمان، من بينها نحو 2000 شجرة من أشجار السرو والصنوبر المعمّرة، عدد منها في حرم الجامعة الأردنية. من هنا بدأت فكرة أستاذ الفنون فؤاد خصاونة ومعه إدارة الجامعة والأساتذة والطلبة لتحويل حطام وجذوع الأشجار، شبه المقتعلة، إلى تحف فنية تفيض بالألوان وتعجّ بالحياة وتضفي جمالية من نوع خاص في حدائق الجامعة من خلال مبادرة "ذاكرة السرو".

وتُوِّجت المبادرة، الهادفة إلى حفظ الأشجار في ذاكرة الأجيال، بإنجاز أكثر من 30 عملاً فنياً ونحتياً تم نصبها في أكثر من موقع، لتشكل معرضاً فنياً نحتياً مكشوفاً، ولتظل جذوع الأشجار حية في وجدان طلبة الجامعة وخريجيها ومرتاديها. واستمرت المبادرة على مدار الأعوام التالية، بل وأصبحت من متطلبات التخرج في الجامعة الأردنية غرس شجرة في حرم الجامعة لتعويض ما خسرته الجامعة من ثروة خضراء في تلك العاصفة الثلجية، فقيمة الشجرة وجدانية مرتبطة بتاريخ الإنسانية.

وتوسعت المبادرة لتكون الفعالية الرئيسية لملتقى النحت العالمي السادس الذي حمل عنوان "ذاكرة السرو"، والذي نظمه كل من المتحف الوطني الأردني للفنون الجميلة وكلية الفنون والتصميم في الجامعة الأردنية بدعم من أمانة عمان الكبرى، حيث تم تنفيذه بمشاركة عالمية لفنانين من فرنسا وألمانيا وإسبانيا والمغرب والبحرين وفلسطين والعراق وسلطنة عمان والأردن. ويعدّ ملتقى النحت العالمي واحداً من أهم الفعاليات على المستويين المحلي والدولي، حيث يهدف إلى إيجاد نوع من التفاعل بين الفنانين الأردنيين والعرب والأجانب، ما ينعكس إيجاباً على أداء الفنانين بالإضافة لدوره الفاعل في تجميل ساحات وحدائق العاصمة الأردنية وباقي مدن المملكة.

لقد أسهمت مبادرة "ذاكرة السرو" في إحياء الجمال في الأشجار وخلق لوحات ومنحوتات فنية مبتكرة، ما يبرهن بأننا نستطيع أن نصنع الجمال من الدمار وأن نبني الأمل من المعاناة، وأن نترك للبشرية إرثاً متجدداً من الإبداع والعطاء.
اصنع أملاً… اصنع فرقاً 

اقرأ أيضا:

 محمد بن راشد يتوج "صانع الأمل" العربي 18 مايو بمليون درهم