أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة

يقول الماهاتما غاندي :” حياتي هي رسالتي” و سأحاول بدوري استكشاف البعض من جواب شخصية غاندي الغير معروفة على نطاق واسع و تفسير الماهاتما ” من منظوري الخاص. اكتسب المحامي موهانداس صفة الماهاتما أي ” الروح العظيمة” بعد التجربة التي مر بها في جنوب إفريقيا حيث عانى، في بداية حياته، العنصرية وواجه شتى أنواع التمييز العنصري. و من ثمة بدأ غاندي بتفعيل مبدأ الساتياغراها وهي “فلسفة اللاعنف” أو “قوة الحق” باستعمال (العصيان المدني اللاعنفي) كوسيلة للتعبئة الجماعية و المقاومة وهي الأداة التي جلبت الإمبراطورية البريطانية العظمى إلى ركبها بقيادة رجل واحد عازم و مؤمن بالسلم و اللاعنف شعارهم شعار رجل واحد يهتف بأن “القوة لا تأتي من القدرة الجسدية” بل تأتي من الإرادة التي لا تقهر”.

قاد غاندي حركة التحرر و ركز جهوده على تخليص الهنود من عقدة الخوف و انعدام الأمن و كان يدعو للقوة الذهنية و المغفرة قائلا:” الضعيف لا يغفر، فالمغفرة من شيم الأقوياء”.

خسرت الإمبراطورية البريطانية ” جوهرة التاج البريطاني” – الهند – سنة 1947 مما أفضى إلى إنهاء الاحتلال بجميع المستعمرات في آسيا و أفريقيا.

نحن اليوم نتحدث عن التنوع الثقافي والحاجة إلى الانفتاح والقيم العالمية، مذكرا إياكم بما قاله المهاتما غاندي: “لا يمكن لحضارة العيش إذا كانت تحاول أن تكون حصرية”. فهو يعتقد في الثراء الفطري لكل ثقافة ومجتمع وعرق و تعلم احترام الاختلافات و تقبلها دون إصدار أحكام قيمية مشددا على التعلم من تجارب الآخرين وتشرب الأفضل من “الآخرين” لإثراء ما نسميه “بالنحن”.يقول غاندي: “لا أريد أن يكون منزلي محاطًا بالجدران من جميع الجوانب وأن تكون نوافذي محشوة، أريد أن تنثر ثقافات جميع الأراضي حول منزلي بأكبر قدر من الحرية لكنني أرفض أن يقتلعني أيا كان من جذوري”، فإيمانه بالخير الفطري لدى البشر يتجلى في مقولته: “لا تفقد الثقة في الإنسانية فالإنسانية محيط إذا كانت بضع قطرات من المحيط قذرة، فإن المحيط لن يصبح قذرًا”. دعت سياسة المهاتما غاندي المتمثلة في “سارفودايا” إلى إنهاء الفقر في كل قرية. اليوم عندما تكون الهند من أكثر الاقتصاديات نمواً في العالم، فلا يمكن ضمان تقدمنا إلا عندما يحصل الأفقر والأكثر حرمانًا على فوائد هذا النمو. هذا أيضًا جانب من جوانب سياسة رئيس الوزراء مودي» « Modi عندما يقول”SabkaSaathSabkaVikasSabkaVishwaas” (نحن مع الجميع، التنمية للجميع، ثقة الجميع).

كان مهاتما غاندي من كبار المدافعين عن حقوق الإنسان، لكنه تحدث فيما سبق عن حقوق الحيوان. وقال “يمكن للمرء أن يقيس العظمة والتقدم الأخلاقي للأمة من خلال النظر في كيفية تعاملها مع حيواناتها”. في وقت لم يتم فيه الاعتراف بحقوق الإنسان و في حين شهدت الحربان العالميتان الأولى والثانية أسوأ الفظائع، لم يفكر غاندي فقط في حقوق الإنسان بل في الرفق بالحيوان ايضا. كان مناصرا للبيئة! “علينا تسليم الأرض والهواء و التربة والمياه إلى أطفالنا على الأقل كما سلمت لنا من قبل”. ألا يسمى هذا بالتنمية المستدامة؟: “ألا يتعلق الأمر بالتصدي للتحديات التي يمثلها التلوث وتغير المناخ وارتفاع درجات الحرارة في العالم؟ قال ماهاتما غاندي المتعلم في الحياة: “عش كأنك ستموت غدًا، تعلم كأنك ستعيش للأبد”.

يجري الاحتفال في جميع أنحاء العالم بالذكرى المائة والخمسين لميلاد المهاتما غاندي الذي جاء برسالة – السلام و اللاعنف – لما تتسم به من أهمية في عالم تشوبه الصراعات والتوترات، إذ اعتبره العديد من قادة العالم والنشطاء في مجال الحقوق المدنية وغيرهم نموذجا يحتذى به بدءاً بمارتن لوثر كينغ و نيلسون مانديلا و الرئيس باراك أوباما وصاحب السمو الملكي الدالاي لاما إلخ. لقد قال أينشتاين عنه:” ” بالكاد ستصدق الأجيال القادمة أن رجلاً مثله بهذا الجسد والدم سار يوما على هذه الأرض”.

صممت تونس طابعًا بريديًا لماهاتما غاندي سنة 2018. وقد كرمته جامعة منوبة بنصب تمثال نصفي له، كما ستقوم جامعة جندوبة أيضًا بوضع تمثال نصفي لغاندي في حرم الجامعة، ووضعت المدرسة الوطنية للإدارة ركنا للكتاب باسم غاندي، و خصصت بلدية أريانة ركنا يحمل اسم غاندي.

استنتج المؤرخ أرنولد توينبي قائلا: “إن الجيل الذي كنت قد ولدت فيه ليس فقط جيل هتلر في الغرب وستالين في روسيا: بل هو أيضًا جيل غاندي في الهند، ويمكن التنبؤ بشئ من الثقة.