الصفقة تسببت في هبوط سعر الدولار في السوق الموازية

وقعت مصر عقد تطوير مشروع رأس الحكمة في مصر بشراكة إماراتية، باستثمارات 150 مليار دولار خلال مدة تطوير المشروع تتضمن نحو 35 مليار دولار استثمارات مباشرة للدولة المصرية خلال شهرين.

وقال رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، خلال كلمته على هامش مراسم الإعلان عن الصفقة الاستثمارية الكبرى، إن الصفقة الاستثمارية تعد أكبر صفقة استثمار مباشر في تاريخ مصر والخاصة بمشروع تنمية مدينة رأس الحكمة الجديدة في الساحل الشمالي.

وأضاف مدبولي، أن المشروع يتضمن تنمية مجتمعات عمرانية متكاملة على الساحل الشمالي وليس منتجعات سياحية.

وأوضح أن الجانب الإماراتي سيضخ استثمارا أجنبيا مباشرا لمصر بواقع 35 مليار دولار خلال شهرين يتم سدادهم على دفعتين الأولى خلال أسبوع بواقع 15 مليار دولار (تشمل 10 مليارات دولار سيولة من الخارج بالإضافة إلى 5 مليار دولار من الودائع الخاصة بالإمارات لدى البنك المركزي المصري).

وبعد ساعات من الإعلان عن الصفقة تراجع الدولار في السوق السواء المصرية لأكثر من 12 جنيهًا، بعد أن ارتفع خلال الأسابيع الماضية لمستويات غير مسبوقة تجاوزت الـ70 جنيهاً، ثم تراجع قليلاً في حيز الستينات، ليتراجع أكثر مع الإعلان عن الصفقة ويهبط لأقل من 50 جنيهًا، مقابل 30.75 في السوق الرسمي.

هل تحل صفقة "رأس الحكمة" أزمة الاقتصاد المصري؟.. خبراء يوضحون لـ"أخبار الآن"

هل تحل صفقة رأس الحكمة أزمة مصر؟

في هذا السياق ترى الدكتورة وفاء علي، أستاذة الاقتصاد والطاقة، أن العالم أصابته تداعيات سلبية بسبب تشديد الفيدرالي الأمريكي للسياسة النقدية، مما ترتب عليه خروج رؤوس الأموال في العالم من الدول النامية.

وأضافت علي، في تصريح خاص لـ”أخبار الآن“، أنه بسبب ذلك أصبح هناك ماراثون عالمى لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وأن مصر نجحت في ذلك، واصفة صفقة “رأس الحكمة” بأنها صفقة القرن الحقيقية.

وأشارت أستاذة الاقتصاد إلى أن الشراكة جاءت في الوقت المناسب كأحد الجهود والمساعى الجادة لمجابهة العديد من الأزمات التى تؤرق الاقتصاد المصري من خلال ضخ السيولة النقدية التي يحتاجها الاقتصاد.

وعن المشروع، قالت علي إنه يعد واجهة تنموية متكاملة من حيث توافر كافة المقاصد الاقتصادية، واستشهدت بتعليق غولدن مان ساكس بقوله إن الصفقة كافية لسد الفجوة التمويلية المصرية لمدة أربع سنوات مقبلة.

كما أوضحت أن المشروع رسالة لجموع المستثمرين أن من يستثمر فى مصر يربح الآن وسيربح مستقبلاً، وأن الدولة المصرية لديها الجاهزية لتستكمل مشروعها التنموى الاحتوائى المستدام كمشروع عملاق قائم على الشراكة الفاعلة بين مصر ودولة الإمارات العربية المتحدة فى إطار من الشفافية والحوكمة.

هل تحل صفقة "رأس الحكمة" أزمة الاقتصاد المصري؟.. خبراء يوضحون لـ"أخبار الآن"

مردود المشروع

ترى علي أن المردود الإيجابي للمشروع يتمثل في شقين: الشق المالى والشق التنموى، فالأول خاص بالسيولة النقدية التى تحدث نوع من التوازن النقدى فى الأسواق وتضيق الخناق على السوق الموازية من أجل ضبط سعر الصرف وخفض الدين الخارجى برقم معتبر هو ال١١ مليار دولار الوديعة الإماراتية وهذه السيولة حتما سوف تؤدى إلى خفض التضخم ومعه يرتفع معدلات النمو الاقتصادي بالإضافة إلى تحسين التصنيف الائتماني لمصر مما يجلب ما يسمى بعدوى الاستثمارات للكيانات الكبيرة.

أما الشق التنموى، كما ترى علي، فهو وجود استثمارات طويلة الأجل قدرها ١٥٠ مليار دولار على مدار عمر المشروع وذلك من خلال بناء مدينة ذكية، أي مجتمعات عمرانية ليست الرفاهية، وإنما تحتوى على صناعات تكنولوجية و خدمات لوجستية وحى للمال والأعمال من أجل الشراكات العالمية، وأيضا مقاصد سياحية لاستيعاب حوالى ٨ مليون سائح كمرحلة أولى بالإضافة إلى مارينا لليخوت العالمية وبذلك تضع مصر على الخريطة السياحية العالمية.

وقالت أستاذة الاقتصاد والطاقة إن المشروع يتسع  لملايين من الأيدى العاملة، ويساهم في إدارة عجلة الإنتاج لتلبية احتياجات المصنعين والمنتجين وعودة انسيابية للإنتاج.

وأشارت إلى أن المشروع يمثل شهادة ثقة كفيلة بإحداث عملية الاستقرار النقدى وهدوء عواصفج التضخم وإلغاء المضاربات واحداث نقلة نوعية لمصر التى تقفز على السنوات.

النتائج معلقة على سلوك الحكومة

من جانبه يرى الدكتور عمرو الهلالي، الخبير الاقتصادي، أن صفقة رأس الحكمة خطوة جيدة جدًا نحو حلحة الوضع الاقتصادي المصري لكنها أيضا ليست حاسمة للمشكله الاقتصادية المصرية الحالية بشكل كامل، حيث أن الاحتياجات التمويلية لمصر شهريا حوالي 9 مليار دولار، كما أعلن وزير المالية المصري سابقا، لسداد اقساط الديون الخارجية وتوفير التدفقات الدولارية المطلوبة لدخول البضائع والسلع عبر الموانئ المصرية.

وأضاف الهلالي، في تصريح خاص لـ”أخبار الآن“، أن الصفقة وإن كانت مهمة وتوقيتها أيضًا مهم فستظل نتائجها معلقة على سلوك الحكومة المصرية والبنك المركزي في حجم السيولة التي سيُسمح بنزولها للأسواق من العملة الأجنبية خلال الشهرين القادمين، مستبعدًا أن تسمح الحكومة بتبديد المبلغ لضخه كاملاً في السوق.

هل تحل صفقة "رأس الحكمة" أزمة الاقتصاد المصري؟.. خبراء يوضحون لـ"أخبار الآن"

وقال الهلالي إنه من المتوقع أن تختار الحكومة والبنك المركزي بعض السلع خاصة الغذائية والعاجلة لضخ مبالغ معتدلة من النقد الاجنبي لعبور بضائعها داخل البلاد، وليس كل السلع مثل السيارات على سبيل المثال، مما يعني أن الانخفاض المتوقع في السلع لن يطول إلا عدد محدد ومحدود من السلع فقط.

وأضاف الهلالي إن الحكومة ستلجأ لتوفير مبلغ من الصفقة لزيادة الاحتياطي النقدي المصري ليلامس حاجز الأربعين مليار دولار، وتسديد بعض أقساط الديون التي جاء وقتها، مع تهدئة السوق الغذائي في مصر خاصة ونحن على أعتاب شهر رمضان، واستغلال هذه الصفقة لإتمام الاتفاق مع البنك الدولي للحصول علي القرض الجديد الذي يمكن أن يصل الي عشرة مليات دولار، ومن بعده الأموال التي وعد الاتحاد الاوروبي بإعطائها لمصر بقيمة عشرة مليارات أخرى، والذي لن يحدث بدون خطوة تحريك ستقوم بها الحكومة المصرية لسعر الدولار ليصل إلى سعر مرن جديد ربما في نهاية الأربعينيات مقابل الجنيه المصري، مما سيساعد مرة أخرى في إحداث شئ من التوازن في الاقتصاد المصري ويمنحه برهة من الوقت وفرصة جديدة.

أهمية الصفقة

ويرى الهلالي أن أهمية صفقة رأس الحكمة تأتي من واقع أنها نفذت عدد من الخطوات التي طالما طالب بها خبراء الاقتصاد، وأولها استبدال الديون بالمشروعات والشراكات بين الدائنين ومصر،  وهو ما حدث في هذه الصفقة التي تم استبدال قيمة وديعة الإمارات في البنك المركزي المصري بجزء من صفقة الاستثمار، والخطوة الثانية هي عمل شراكات حقيقية استثمارية وليس مجرد بيع للأصول، وهو ما حدث في هذه الصفقة بانشاء شركة مساهمة مصرية بنسب بين مصر والامارات وبنسبه عواىد تصل إلى 35٪ من الارباح لمصر.

واختتم الهلالي: “إن صفقة رأس الحكمة كما وضحنا لن تكفي لاستعادة الاقتصاد المصري كامل حيويته وستحتاج الحكومة المصرية إلى إعلان مشروعات أخرى خلال النصف الأول من هذا العام مثل إتمام بيع بعض الشركات المطروحة من فترة للبيع أو مشروعات بالمثل مع السعودية على ساحل البحر الأحمر، واستعادة مواردها الدولارية من قناة السويس بإنهاء حرب غزة وعودة السياحه بهدوء الأوضاع، لتستطيع على مشارف العام القادم أن تستقر بها الحالة الاقتصادية المتأزمة”.