منافسة اليورو والدولار

  • تخلى عدد كبير من الأوروبيين في 12 دولة عن عملتهم الوطنية من فرنك وليرة ودراغما
  • تداول أكثر من 2100 مليار دولار فيما 60 % من احتياطي العملات الصعبة في المصارف المركزية هو بالدولار

قبل عشرين عاما تخلى ملايين الأوروبيين في 12 دولة عن عملتهم الوطنية من فرنك وليرة ودراغما،  لاعتماد اليورو في حدث اعتبر الرئيس الفرنسي جاك شيراك آنذاك أنه “انتصار لأوروبا” التي تؤكد بذلك “هويتها وقوتها”.

وطرحت العملة الجديدة وهي رمز للوحدة الأوروبية، لتكون أيضا منافسا للدولار الأمريكي القوي.

الدولار لا يزال ملكا متوّجا

لكن مع مرور عقدين من الزمن لا يزال الدولار ملكا متوجا وأكثر العملات أمانا في العالم.

فعندما توقفت عجلة الاقتصاد العالمي مع انتشار جائحة كوفيد-19 تهافت المستثمرون على تحويل أصولهم إلى العملة الأمريكية ما عزز قيمة الدولار.

ويتم راهنا تداول أكثر من 2100 مليار دولار فيما 60 % من احتياطي العملات الصعبة في المصارف المركزية هو بالدولار.

ويشكل اليورو حوالى 20 % تقريبا من هذا الاحتياطي على ما يفيد البنك المركزي الأوروبي.

ومع أن العملة الأوروبية الموحدة لا تهدد بتاتا هيمنة الدولار الأمريكي إلا انها أصبحت منافسا يحسب له حساب.

اليورو بخطر

أتى اليورو ثمرة تسوية مؤلمة بين ألمانيا التي قبلت بالتخلي عن المارك الألماني رمز نهوضها في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية في مقابل دعم فرنسا لإعادة توحيد البلاد بعد سقوط جدار برلين.

وفي بداياته استند اليورو إلى المارك الذي كانت أولويته المحافظة على الاستقرار في ألمانيا التي لا تزال تسكنها هواجس ازمات التضخم الحادة في عشرينات القرن الماضي وسبعيناته.

ويرى غونترام فولف مدير مركز بورغل للابحاث ومقره في بروكسل “في تلك الفترة كان جعل اليورو عملة دولية من الطراز الأول طموح فرنسا ربما، لكن ليس الألمان بالتأكيد”.

ويوضح الخبير الاقتصادي “عندما بدأ البنك المركزي الأوروبي العمل استلهم بشكل واسع من نظام المصرف المركزي الألماني مع اعتماد الحياد في هذه المسألة”.

لكن مهما كانت تطلعات هذا الفريق او ذاك، تحطم حلم الوصول إلى عملة أساسية بعد عشر سنوات على ذلك بسبب أزمة الديون في منطقة اليورو فيما كافحت العملة الأوروبية لاستمرارها.

تأثير ترامب

وعادت فكرة جعل اليورو أداة قوية لسياسة اقتصادية تكون في خدمة القارة الأوروبية لتطرح مع وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في الولايات المتحدة.

عندما انسحبت الولايات المتحدة العام 2018 من الاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني وإعادة فرص العقوبات على طهران، باتت الشركات الأوروبية التي استثمرت في إيران في مرمى العقوبات الأمريكية.

واستحدثت أوروبا يومها آلية لكي تفلت من هذه العقوبات إلا ان المستثمرين تراجعوا خوفا من إثارة غضب واشنطن. واشترطت دول عدة أعضاء من بينها فرنسا إعادة طرح النقاش حول الدور الجيوسياسي للعملة الأوروبية من دون أن يفضي ذلك إلى نتيجة تذكر.

تباينات

ومنذ مغادرة ترامب للسلطة، فقدت المسألة بعضا من اهميتها فيما قال مسؤول أوروبي مطلع على هذا الملف “في أي حال عندما نتحدث عن دور اليورو على الصعيد العالمي إنما نتحدث عن كل شيء ولا شيء في آن واحد”.

وأكد أن “الجميع متفقون على أن يضطلع اليورو بدور أكبر  على الساحة الدولية ولكن ثمة تباينات حول طريقة التوصل إلى ذلك”.

وثمة عنصر حيوي غائب في هذه المعادلة هو نظير باليورو لسندات الخزانة الامريكية التي أصبحت منذ الحرب العالمية الثانية ملاذا للمستثمرين في حال حصول اضطرابات في الأسواق.

وأعيد طرح فكرة سندات دين أوروبية “يوربوند” خلال مفاوضات الدول الاعضاء في الاتحاد بشأن خطة التحفيز لمرحلة ما بعد كوفيد-19 التي استحدثت مديونية مشتركة للتكتل الأوروبي.

إلا انها اصطدمت بموقف الدول الثرية وتلك التي تعتمد نهجا “متقشفا” مثل المانيا وهولندا وترفض إضفاء طابع دائم على قروض قد تفيد أكثر الدول مديونية مثل إيطاليا وفرنسا وإسبانيا واليونان.

ويرى غونترام فولف أن مفتاح النجاح لليورو مرتبط في المقام الأول بالنمو الاقتصادي.  ويؤكد “إذا كان الاقتصاد يتمتع بالحيوية فهو سيستقطب الاستثمارات إلى أوروبا ما سيعزز اليورو أيضا”.