عرف السوق الأسبوعي حد الدرى (أحد درعة) في إقليم الصويرة بالمغرب استئنافاً تدريجياً للنشاط الاقتصادي، الأسبوع المنصرم، بعد أن توقف لعدة شهور جراء جائحة فيروس كوفيد 19.
 
فقد ظل دخول سوق حد الدرى ممنوعاً على الباعة والزبائن كإجراء احترازي ضمن الاجراءات المتبعة في البلاد للحد من انتشار الفيروس.

السوق يعتبر أكبر سوق أسبوعي بإقليم الصويرة بالنظر إلى مساحته التي تبلغ أزيد من خمس هكتارات، فضلاً عن المنتوجات التي يعرضها.
 
إذ يعرض السوق أزيد من 200 صنف من المبيعات، ويتوزع على عشر فضاءات؛ فضاء بيع الخضار والفواكه، وفضاء بيع المواشي، وفضاء بيع الحبوب والقمح، وآخر لبيع مواد البناء، وفضاء بيع الملابس والأواني وغيرها.
يستقطب السوق الذي يعقد كل يوم أحد، الباعة من مختلف الأقاليم المجاورة للصويرة، يقصدونه لعرض منتوجاتهم بالنظر للرواج الكبير الذي يعرفه والسمعة الجيدة التي يحظى بها، إذ أن عدد زوار حد الدرى خلال يومه الأسبوعي يضاهي 3000 زائر من جميع الجماعات الترابية التابعة لإقليم الصويرة.
سوق حد الدرى ينتعش بعد شهور من التوقف بسبب كوفيد 19

سوق حد الدرى ينتعش بعد شهور من التوقف بسبب كوفيد 19

واعتباراً لكون إقليم الصويرة ثاني أكبر إقليم في المغرب من حيث عدد الجماعات، فإن جماعة حد الدرى (أحد درعة) تعتبر مركزاً اقتصادياً هاماً داخل الإقليم، ما شكل ضرراً كبيراً لجميع الجماعات الأخرى جراء توقف حركة المبادلات التجارية.
 
وقد أدى توقف حركة المبادلات التجارية إلى تفاقم وضعية التجار، خصوصاً وأن أغلبهم لا يستفيد من تغطية صحية، ولا من ضمان اجتماعي، ويبقى عملهم اليومي مصدر دخلهم الوحيد.
 
فتح السوق من جديد أعاد الحركية الاقتصادية ومعها الأمل لجميع العاملين داخله، ليس فقط للتجار، وإنما للمشرفين على التنظيم والحرفين ومهنيي قطاع النقل الذين يعرفون رواجاً ملحوظاً خلال فترات السوق.
سوق حد الدرى ينتعش بعد شهور من التوقف بسبب كوفيد 19

زوار سوق حد الدرى أكثر من 3000 زائر من جميع الجماعات الترابية التابعة لإقليم الصويرة

أما دخول السوق فعليه قيود صارمة تمثلت أساساً في إلزامية ارتداء الكمامة، وعدم التجمع حول البائعين، والحرص على قضاء الأغراض بشكل دقيق دونما التجول.
أثناء توجه مراسل “تطبيق خبّر” الميداني بالمغرب يوسف أسكور لزيارة السوق، استقل وسيلة نقل عمومي أو ما يصطلح عليه محلياً ب”النقل المزدوج”، وهي عبارة عن حافلة صغيرة تُقل 16 راكباً.
 
واستغل أسكور المناسبة ليحاور سائق الحافلة إبراهيم المتوكل حول أهمية عودة نشاط السوق.
 
قال المتوكل، وهو أربعيني ينحدر من دوار (قرية) المزيلات، لمراسل “تطبيق خبّر” الميداني إن عائدات عمله خلال يوم السوق الأسبوعي تفوق عائدات الأسبوع بأكمله، إذ يقوم بأزيد من 10 رحلات خلال يوم واحد.
سوق حد الدرى ينتعش بعد شهور من التوقف بسبب كوفيد 19

سوق حد الدرى أكبر سوق بالصويرة بمساحة تزيد عن 5 هكتارات

وأضاف إبراهيم أنه توقف عن العمل بعد أن فرض فيروس كوفيد 19 إغلاق السوق بجميع محاوره، وعبر إلزام السلطات الصحية أصحاب حافلات النقل العمومي من الحجم الصغير بتوقيف تنقيل الأفراد بين الدواوير (القرى).
 
بيّن المتوكل لمراسل “تطبيق خبّر” الميداني يوسف أسكور أن “ذلك دفعني إلى العمل في بعض الحقول الفلاحية بشكل مؤقت لأجل ضمان رغيف اليوم لأسرتي المكونة من 7 أفراد”.
بعد دخول السوق، يشعر الزائر بحركية عادية مرفوقة باحتياط خفي تشي به كمامات يضعها الجميع من باعة وزبائن وأصحاب المقاهي. وهي تؤكد التزاماً بتعليمات السلامة التي قد يؤدي تطبيقها إلى إعادة إغلاق السوق، وهو ما يخشاه الجميع، نظراً لكلفته الكبيرة.
سوق حد الدرى ينتعش بعد شهور من التوقف بسبب كوفيد 19

يعرض سوق حد الدرى أزيد من 200 صنف من المبيعات موزعة على 10 أقسام

خلال جولة مراسل “تطبيق خبّر” في السوق، حاور سعيد بكيش وهو بائع خضار وفواكه ينحدر من منطقة تافتاشت، الذي أخبره أنه مرّ من أزمة مالية خانقة خلال الشهور الماضية، كلفته الاستدانة بعد أن كان له رأس مال يتاجر من خلاله في أسواق عديدة في المغرب.
وأضاف بكيش أن شح الأمطار خلال السنوات الثلاث الماضية فاقم الوضع سوءا لأن أن النشاط الفلاحي الذي كان يشكل مورداً مالياً مساعداً لم يعد ينتج حتى قيمة مصاريف الزراعة والحرث. وبيّن أن شجر الزيتون والأركان قل إنتاجه بشكل كبير جراء توالي سنوات الجفاف.
وجواباً عن سؤال من أين يحصل عن الخضروات والفواكه التي يعرضها للبيع، قال سعيد إنه يتعامل مع الضيعات الفلاحية الكبرى بمدينة أكادير.
 
ولفت النظر إلى أن أكادير تعتمد على السقي بدل الأمطار، وتوفر له المنتوجات التي يطلبها قبل موعد السوق، ليتسنى له عرضها وبيعها بإضافة نسبة من الأرباح.
سوق حد الدرى ينتعش بعد شهور من التوقف بسبب كوفيد 19

ميلود، حرفيّ تصليح أحذية عانى من الكساد خلال شهور الإغلاق بسبب الجائحة

مباشرة أمام سعيد، التقى مراسل “تطبيق خبّر” السيد ميلود، وهو رجل ستيني، حرفيّ إصلاح الأحذية. قال ميلود إنه ورث هذه الحرفة عن أبيه، إلا أنها عرفت كساداً كبيراً خلال فترة الحجر الصحي، خصوصاً وأنه يعتمد على السوق بشكل كامل لأجل تقديم خدماته.
وأضاف أنه بالرغم من التطور الكبير الذي عرفه عالم الأحذية، فإنه لا يزال هناك إقبال على حرفته بالنظر إلى التضاريس الصعبة للقرى التي تؤثر بشكل كبير على وضعية الحذاء.
 
وختم ميلود حديثه وهو باسم المحيا قائلاً، “وأنا كانخدم”، بمعنى أنه يشتغل، بسبب ذلك.
يبقى سوق حد الدرى (أحد درعة) التابع ترابياً لإقليم الصويرة، سوقاً بطابع بدوي وبلمسة خاصة تجعل ساكنة المدن يقصدونه لأجل عيش تجربة فريدة بين المقاهي المتنقلة التي تقدم وجبات مميزة ولذيذة تغري بمعاودة زيارته.