أخبار الآن | دبي – nytimes

ساهمت أزمة فيروس “كورونا” المستجد في ضرب معدلات النمو الاقتصادي في أوروبا، وقد سجل الناتج المحلي الإجمالي الأوروبي أسوأ انخفاض له على الإطلاق في الربع الثاني من العام 2020.

وتشير البيانات إلى أنّ “اقتصاد الاتحاد الأوروبي انكمش بنسبة 11.9%”، وفقاً لتقدير أولي نشره مكتب إحصائيات الاتحاد الأوروبي “يوروستات”، وهذا هو أسوأ انكماش منذ أن بدأت السجلات في عام 1995، وذلك بعد تأسيس الاتحاد الأوروبي في نوفمبر/تشرين الثاني عام 1993.

وفي الربع الأول من العام 2020، تراجع اقتصاد الاتحاد الأوروبي بنسبة 3.2%، ومن بين أعضاء الاتحاد الأوروبي، سجلت إسبانيا أكبر تراجع بنسبة 18.5%، تلتها البرتغال بنسبة 14.1%، فرنسا بنسبة 13.8%، وإيطاليا بنسبة 12.4%

بوادر واعدة للانتعاش

ورغم هذه الأرقام، فإنّ أوروبا تكشف عن بوادر واعدة للنهوض والانتعاش الاقتصادي على الكثير من المستويات. فألمانيا شهدت انخفاضاً في أعداد العاطلين عن العمل، ووجدت الاستطلاعات دليلاً على الثقة المتزايدة وسط التوسع في إنتاج المصانع، في حين استمر اليورو في الانتعاش مقابل الدولار مع تدفق الاستثمارات إلى الأسواق الأوروبية.

ولهذا، فإنّ كل هذه المعطيات تشكل علامات تحسن ومعنويات مهمّة وبوادر للإنتعاش. ومع لا يمكن إغفاله أبداً هو أنّ قدرة الحكومات وسيطرتها على الوباء المستجد يساهم إلى حدّ كبيرٍ في تعزيز كل عوامل الانتعاش. وفعلياً، فإن الحكومات الأوروبية التي سيطرت بشكل أكثر كفاءة على انتشار الفيروس، اكتسبت ثقة أكبر من مواطنيها والمستثمرين أيضاً، مما جعل اقتصاداتها في وضع أفضل للتعافي.

ويقول أنجيل تالافيرا، كبير الاقتصاديين في منطقة اليورو لدى “أكسفورد إيكونوميكس في لندن”: “لا يوجد انتعاش اقتصادي من دون وضع صحي محكم”.

ومع هذا، فإن تعزيز الثقة الأوروبية قد حصل من خلال اتفاق قادة الاتحاد الأوروبي خلال يوليو/تموز الماضي، على صندوق انتعاش اقتصادي حجمه 750 مليار يورو لمواجهة تداعيات “كورونا”.  كذلك، أبرزت تجربة أوروبا مع “كورونا” مزايا برامج الرعاية الإجتماعية، بما في ذلك أنظمة الرعاية الصحية الوطنية. فهناك، وفرت الحكومات للمواطنين نظاماً قائماً على الرفاهية، وهو الأمر الذي يجعل الناس أقل خوفاً وأكثر ثقة. أما في الولايات المتحدة، يضظر الناس للذهاب إلى العمل حتى في الأماكن الخطرة، لأن الكثير منهم يفتقرون إلى إجازة مرضية مدفوعة الأجر. ومع هذا، فإن الكثيرين يشعرون بالضغط لتجنب المتاجر والأماكن المزدحمة لأنهم يفقترون إلى التأمين الصحي، وفي حال مرضهم فإن كلفة الاستشفاء عالية.

وفي الوقت الراهن، أصبحت لحظة الثقة في أوروبا واضحة، وأبرزها في ألمانيا، أكبر اقتصاد في القارّة. وعلى الرغم من انكماش الاقتصاد الألماني بنسبة 10.1% من مارس/آذار إلى يونيو/حزيران، انخفض عدد العاطلين عن العمل رسمياً في يوليو/تموز، ويرجع ذلك جزئياً إلى البرامج الحكومية التي دعمت الشركات المتضررة مالياً والعمال، وأبرزها كورازربيت.

ويستهدف هذا البرنامج دفع الشركات المتضررة من صعوبات مالية لخفض ساعات العمل المدفوعة للموظفين بدلاً من تسريحهم نهائياً من العمل، بينما تتكفل الحكومة بتعويض الموظف عن جزء كبير من الدخل المفقود. فمثلاً، إذا أثبتت شركة ألمانية عدم قدرتها على سداد نصف رواتب الموظفين، فإنها ستمنح العاملين لديها 50% من الأجر مقابل نصف عدد ساعات العمل المتفق عليها، بينما ستتكفل الحكومة بمنح الموظفين 60% من باقي الأجر ترتفع إلى 67% في حال كان لديه أطفال وقد تصل لنحو 87% بداية من الشهر السابع لتنفيذ البرنامج.

وكانت فرنسا، ثاني أكبر اقتصاد في أوروبا، مدعومة بالإنفاق الحكومي المكثف. فقد حشد الرئيس إيمانويل ماكرون أكثر من 400 مليار يورو (476 مليار دولار) على شكل مساعدات طارئة وضمانات قروض منذ بداية الأزمة، ويستعد لحزمة خريفية بقيمة 100 مليار يورو أخرى.

ودفعت هذه الأموال الشركات إلى عدم تسريح العمال، مما سمح لأكثر من 14 مليون موظف بالاستمرار في الإجازة المدفوعة والبقاء في المنازل وتجميع مدخرات متواضعة ومواصلة الإنفاق. كذلك، فإنّ المواعيد النهائية المتأخرة للضرائب التجارية ومدفوعات القروض أنقذت الشركات من الانهيار. ومع هذا، أظهرت الخدمات والنشاط الصناعي وإنفاق المستهلكين علامات تحسن. 

فيروس كورونا يسبب أكبر أزمة اقتصادية في العصر الحديث

حذر تقريرٌ جديد أصدرته منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) من أن خسارة الوظائف بسبب كوفيد 19 هي أسوأ بعشر مرات من الذي حصل بسبب الركود الاقتصادي عام 2008. وذكر التقرير أن “ساعات العمل كانت أقل بعشر مرات في بعض البلدان ، مقارنة بالأشهر الأولى من الأزمة المالية لعام 2008”.