أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة ( euronews )
بعد أكثر من سبعين عاماًمن هيمنة الدولار الأمريكي على الاقتصاد العالمي ، يرى خبراء أن سلطته قد تندثر!
و نشر باري إيشنغرين، أستاذ الاقتصاد في جامعة كاليفورنيا، والخبير في أنظمة العملات العالمية، والخبيرين الاقتصاديين أرنود ميل وليفيا تشيو، كتاباً والذي يحمل عنوان “كيف تعمل العملات العالمية، الماضي والحاضر والمستقبل” وقد ناقش فيه الباحثون فكرة أن الفائز يحصل على كل شيء، ما يعني أن هناك طرفا واحدا يهيمن على الاحتياط النقدي. وقد كانت هذه الفكرة سائدة على مدى عقود عندما كان الجنيه الإسترليني مهيمنا قبل أن يتغلب عليه الدولار الأمريكي، وفي المستقبل، يرى البعض بأن الرينمينبي (العملة الصينية) سيتغلب ويهيمن.
بالاعتماد على أدلة جديدة، على احتياطات البنك المركزي في العشرية الأولى من القرن الماضي، وحتى سبعينياته، مع التركيز بشكل خاص على فترة ما بين الحربين العالميتين، وجد مؤلفو الكتاب أن العملات الاحتياطية يمكن أن تتعايش، وعلى سبيل المثال، ففي فترة ما بين الحربين، كان الجنيه الاسترليني والدولار الأمريكي يشتركان في كونهما العملة الاحتياطية، كما كان الفرنك الفرنسي، والمارك الألماني هامين على المستوى الدولي أيضا.
ويرى الكتاب بأن النصف الثاني من القرن العشرين، تغير الوضع بغياب بدائل للدولار، ليحتكر الأخير دور العملة الدولية.
ومما سبق، فمن الممكن أن تنتهي أيام الدولار كعملة احتياطية مهيمنة، عاجلا أم آجلا، حيث ألمح الكتاب إلى أننا في طور العودة إلى زمن تعايش العملات على قدم المساواة في الأسواق الدولية، وسيتقاسم الدولار مع اليوان واليورو على وجه الخصوص هذه المكانة، وسرعة هذه العودة تعتمد على سياسة دونالد ترامب.
ويعني هذا أن أيام الدولار كعملة احتياطية مهيمنة ستنتهي “عاجلاً وليس آجلاً”. يشير الكتاب إلى أننا نتجه للعودة إلى الوقت الذي تعايشت فيه العملات على قدم المساواة في الأسواق الدولية. في المستقبل، سوف يضطر الدولار لتقاسم الصدارة مع اليوان واليورو، على وجه الخصوص. قد تعتمد سرعة التحول على تصرفات دونالد ترامب، حسبما يقول إيتشينجرين.
وبحسب لقاء أجراه معه موقع كوارتز تحدث أيشنغرين عن توقعاته حال خسر الدولار سيطرته على الأسواق المالية العالمية.
وعن جهود الخبراء في كتابهم لدحض نظرية قديمة حول نظام العملة العالمي، والخطأ في هذه النظرية، أشار الخبير إيشنغرين بأن وجهة النظر هذه تعتمد على الفوز بكل شيء، وأن هناك مكانا لعملة واحدة دوليا فقط، والحجة كانت أن طبيعة المعاملات تؤدي إلى احتكار طبيعي، نتيجة استخدام عملة واحدة في كافة المعاملات الدولية، لكن ما نحاول قوله، على حد تعبير الخبير، هو أن التكنولوجيا المالية تطورت ولم تعد تحت تأثير شبكة المعاملات هذه، خاصة مع سهولة تبادل العملات.
وعن إمكانية تدهور وضع الدولار الذي كان مهيمنا منذ عشرينيات القرن الماضي تقريبا، ألمح إلى أن سياسة الحكومات والبنوك يؤثر على ثبات العملات، وهذا يمكن أن يكون تطورا سلسا، لكن وفي حال كان هناك خضات سياسية، فهذا سيؤثر ماليا، كما أن الكونغرس على سبيل المثال قد يفشل في رفع سقف الديون، أو قد يكون نتيجة تأثير حربا تجارية، في هذه الحالة فالتغير سيكون مفاجئا، وهذا أيضا يتوقف على نظرة الناس غلى سندات الخزانة الأمريكية، باعتبارها لم تعد أصولا آمنة، أو مثلا كيف ينظرون إلى الأوراق المالية التي تقيم بالرنمينبي باعتبارها غير آمنة، كون الصين لا تعتبر دولة قانون.
وسيكون الوضع مثيرا للغاية بأن تفقد السندات الأمريكية سمعتها كملاذ آمن، وهذا من شأنه أن يعطل الاقتصاد العالمي، حيث تعتمد التجارة الدولية على الدولار، وفي حال تخلى الناس عن التعامل بالدولار، فما هي العملة التي سيستخدمونها؟ إن الضوابط الرأسمالية الصينية تجعل من الصعب الحصول على الرنمينبي، وسيكون هناك نقص في السيولة العالمية، وهذا سيناريو مخيف كما يقول الخبير.
وعن فرص حدوث هذه الفكرة في الواقع ألمح الكاتب إلى أن هذه الفكرة كانت مستبعدة قبل عامين، لكن مع انتخاب ترامب، فمن الضروري على حد قوله التفكير بجدية في إمكانية حدوثها، وعلى سبيل المثال علينا التفكير بمختلف المسببات، فمثلا الدول التي تحميها الولايات المتحدة تحتفظ باحتياطاتها بالدولار أكثر من الدول التي لا تحتاج الولايات المتحدة، وهذه وسيلة لإبلاغ الولايات المتحدة بأن هذه الدول في صفها، وهي بنفس الوقت دليل على أن الولايات المتحدة تحتفظ بهذه الدول كرهائن، وقال:”لنتخيل أن اليابان أو كوريا الجنوبية قررتا أن الولايات المتحدة لا تستطيع ضمان أمنهما، وأن عليهما تطوير قدراتهما الدفاعية الخاصة، هذا سيقلل من علاقتهما بالدولار”.
وأشار إلى أن هنالك قيمة اقتصادية كون الدولار عملة مهيمنة، تعود على البنوك والشركات، لإمكانهم القيام بأعمال تجارية دوليا بعملتها الخاصة، ناهيكم عن أن الدولة بحد ذاتها هي ملاذ آمن، وعندما يحدث خللا في الاقتصاد العالمي، فالجميع سيندفع إلى أسواقك المالية، حتى لو كنت سبب هذا الخلل، تماما كما كانت الحالة في الأزمة المالية بين عامي 2007 – 2008.
وعن تراجع قوة بريطانيا على الساحة العالمية، كمصدر للعملة الدولية المهيمنة، وإمكانية أن تلحق بها الولايات المتحدة، قال أيشنغرين:”آمل أن تكون بريطانيا حالة خاصة، فاقتصادها كان يعاني بعد الحرب، مع ديون ومشاكل مالية، فنسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي تزيد عن 200%، أي أكثر بمرتين مما هو عند الولايات المتحدة، وهذا ما منع الجنيه من الاستمرار بهيمنته”. وأكد الخبير أن الولايات المتحدة ليست في نفس الموقف، لكن النقطة هنا هي أن هذا التحول يعتمد على الإدارة الاقتصادية الجيدة أو السيئة، والسياسات غير المسؤولة ستعرض الوضع لخضة مالية.
وعن احتمالات تحول الرنمينبي إلى عملة احتياطية، أكد أن العملات العالمية تاريخيا كانت عملات دول ديمقراطية أو جمهوريات سياسية، كالبندقية وفلورنسا وجنوا في القرنين الرابع عشر والخامس عشر، والصين تدرك على حد تعبيره أنها بحاجة إلى إصلاح سياسي لتعزيز حكم القانون، وبالتالي هنالك حاجة لديمقراطية، لدعم عملتها، وهنا يجب القول أن هذه الخطوة تحتاج إلى حكومة قوية وموثوقة تضع خططا وتنفذ سياسات يمكن التنبؤ بنتائجها، واستصعب الكاتب أن تتمكن الصين من هذه الإجراءات، وأردف قائلا:”حاليا الولايات المتحدة تقوم بأمور متهورة، كما أن هناك حكومات تحاول التعاون في اتحاد أسواق المال، وقد تكون الصين مصدر جذب”.
وأكد أيشنغرين بأن هنالك 4 عوامل تحتاجها الدول لتصبح عملتها لاعبا مؤثرا، وهي الحجم والاستقرار والسيولة والأمان، واقتصاد أوروبا بحاجة إلى نمو مستمر، كما أن المنطقة تحتاج إلى المضي باتحاد أسواق رأس المال ليصبح سوقا أكثر سيولة، وألمح إلى أن الكتاب متفائل باليورو أكثر من قبل، فقد حققت أوروبا تقدما في رسم خططها رغم أزمتها، والاقتصاد فيها ينمو.
وأشار إلى أن المستقبل المحتمل للعملات العالمية قد يعتمد على ثلاث عملات، الدولار واليورو والرنمينبي، إلا أن هذا السيناريو بمسار بطيء.
وعن عملة الكريبتون ومآلها ألمح إلى أننا نستخدم المال للدفع والحساب والادخار، والعملات الرقمية واعدة من حيث تكاليف المعاملات، وهي وسيلة دفع أكثر كفاءة، لكن مشكلتها أنها لا تحافظ على قيمتها، لكثرة تقلباتها، لذا فهي بحاجة إلى حكومة داعمة، كما يحدث مع أي عملة أخرى تاريخيا.
اقرأ أيضاً :