الجزائر.. قدماء صيادي ولاية وهران: مهنة الصيد لم تعد تراعي الآن الضوابط والشروط المتّفق عليها عالمياً

  • يستعمل الصيادون مادة الديناميت الممنوعة بهدف الربح السريع.
  • يقول محتصون إن العديد من الأصناف البحرية هجرت السواحل الجزائرية.
  • عبر أصحاب المهنة على أن ”تشديد الرقابة بات أكثر من ضروري”

أكد قدماء صيّادي ولاية وهران أقصى غربي الجزائر، بأن الثروة السمكية بالشريط الساحلي أصبحت في خطر، جرّاء الطريقة السلبية المتّخذة من طرف نسبة كبيرة من الصيّادين الذين استغلّوا غياب الرقابة أثناء تأدية مهامهم في عرض البحار، لاستخدام متفجّرات الديناميت بغرض اصطياد أكبر كمّية من الأسماك بطريقة سهلة ومربحة في آن واحد، دون بذل جهد كبير مثلما هو الحال باستعمال الطريقة التقليدية، وهو ما أثّر بشكل كبير على الموارد البحرية بالساحل الجزائري.

حيث هلكت العديد من الأصناف البحرية فيما هجرت أخرى المناطق المتضرّرة جرّاء تلك المادة القاتلة باتجاه مناطق آمنة·

الجزائر.. قدماء صيادي ولاية وهران لأخبار الآن: "الثروة السمكية في خطر، وعلى الدولة تشديد الرقابة"

السفن المستخدمة لاصطياد السمك في ميناء وهران

أكد أحد أقدم ممتهني الصيد البحري بميناء وهران، محمد جبلي، في مقابلة مع مراسل عيش الأن، أن مهنة الصيد لم تعد تراعي الآن الضوابط والشروط المتّفق عليها عالمياً بالجزائر، بعدما استغل العديد من ممتهني الصنعة غياب الرقابة على المجال، أين عاثوا في الساحل الجزائري فساداً، عن طريق استخدام أبشع الطرق المحرّمة عالمياً لاصطياد أكبر كمّية من السمك في وقت قصير، وذلك من أجل الرّبح الوفير على حساب الطبيعة والبيئة، “وهو ما يفسّر الغلاء الفاحش الذي تشهده أسعار الأسماك بمختلف أنواعها وأصنافها، خاصّة “السردين” الذي وصل سعره السقف في السنوات الأخيرة.

في حين يباع في الأسواق هذه الأيّام بأكثر من 350 دينار” يقول جبلي، وهو الأمر الذي اعتبره المتحدّث دليلاً قاطعاً على فظاعة الأوضاع التي وصفها ب”الكارثية”، في ظلّ استمرار تعنّت الصيّادين الذين يفضّلون الرّبح السريع والاسترزاق حاضراً دون التفكير في الأجيال اللاّحقة ممّن ستمتهن الصيد مستقبلاً، وذلك باستخدام طريقة منهى عنها عالمياً بتفجير مادة الديناميت في عرض البحر، وبعد انتظار مدّة تطفو الأسماك فوق السطح بكمّيات هائلة ويهرع الصيّادون إلى جمعها ليعاودوا الكرّة من جديد في منطقة غير بعيدة عن الأولى، وهكذا إلى أن يعودوا إلى الموانئ بمنتوج وفير تحصّلوا عليه بطريقة سهلة وسريعة، عكس ما كان معمولا به في السابق أين كانت الشبكة التقليدية من بين أهمّ الوسائل المستعملة للصيد، غير أنها تأخذ وقتا كبيرا ومتعبة في ظلّ انعدام العمل بالوسائل الحديثة المعمول بها عالميا، والتي تعدّ مكلّفة جدّا بالنّظر إلى سعرها المعروض.

مختصون ”العديد من الأصناف البحرية هجرت الساحل الجزائري”

وهو ما دفع بالعديد من صيادي الولايات الساحلية إلى اختراق القوانين المعمول بها في هذا المجال، وبالتالي اللّجوء إلى التجاوزات التي يشهدها القطاع في ظلّ انعدام الرقابة حيث يكون الديناميت والشبكة المتنقّلة هي أهمّ الوسائل المستخدمة في الإبحار وعملية الصيد في عرض البحار، التي أضحت حالتها اليوم كارثية ،حسب شهادات بعض الصيّادين الذين أكّدوا أن العديد من الأصناف البحرية هجرت الساحل الجزائري خاصّة منها المنطقة الغربية ،بسبب مادة الديناميت الهالكة التي قضت على الحشائش البحرية وحتى الغذاء الذي يأكل منه السمك ممّا جعل أفواجا كبيرة من أصناف الأسماك تهجر السواحل الجزائرية نحو الدول المجاورة.

ويضيف عبد القادر سالمي، أحد صيّادي ولاية وهران ممّن امتهنوا الصيد منذ القديم، “إنه وبحكم مهنته تمكّن من الوصول إلى الحدود التونسية واكتشاف أن الصيد هناك أكثر وفرة عمّا هو موجود في السواحل الجزائرية”، التي تعرّضت للانتهاكات في حقّ الطبيعة والبيئة دون تدخّل الجهات الوصية لوضع حدّ لمثل هذه الممارسات غير الشرعية·

الجزائر.. قدماء صيادي ولاية وهران لأخبار الآن: "الثروة السمكية في خطر، وعلى الدولة تشديد الرقابة"

غياب الرقابة أثناء تأدية مهام الصيد في عرض البحار

السردين لمن استطاع إليه سبيلاً

و يقول محمد باديس، أحد سكان ولاية وهران، لمراسل أخبار الآن بالجزائر: “يبدو أن الأمور لا تبعث على الارتياح بقطاع الصيد البحري، فالبرغم من الأرقام التي تقدّمها السلطات والمشاريع الاستثمارية المبرمجة وقوانين تسنّ من حين إلى آخر ورغم طول الساحل الجزائري، والأصناف البحرية التي يتميّز بها شريطه، غير أن الواقع يعكس تماماً ما هو موجود، حيث يعاني المواطن الجزائري ومنذ سنوات ليست بالبعيدة من أزمة حادّة في اقتناء مختلف منتوج الأسماك”.

وإن كان صنف السردين من أبخس الأنواع وأكثرهم استهلاكاً لدى عامّة النّاس، أصبح اليوم من الصّعب على العائلات الجزائرية اقتناؤه، بسبب غلائه الفاحش حيث وصل في المدن الساحلية إلى أكثر من 350 دج للكيلوغرام الواحد، في حين تعدّى بقليل في بعض المناطق الأخرى، أمّا الأصناف الأخرى التي كانت تباع بـ 1500 دينار فقد ارتفع سعرها إلى أكثر من 2500 دينار للكيلوغرام الواحد مثل “الباجو” وغيره.

في حين وصل الكيلوغرام الواحد للجمبري إلى 4000 دينار جزائري، أمّا الصنف الرديء فيباع بأكثر من 2000 دينار، وهو ما يستدعي تدخّل الجهات الوصية لوضع حدّ لمثل هذه الممارسات غير الشرعية التي يقترفها أغلب الصيّادين في أداء مهنتهم التي هي اليوم مهدّدة بالزوال من أيّ وقت مضى بدليل الندرة الكبيرة في الأسماك بعرض السواحل الجزائرية، مقارنة بجارتيها تونس والمغرب اللتين انتعش قطاعهما أكثر في السنوات الأخيرة، بالنّظر إلى الخبرة الحديثة المستعملة والطرق السليمة في أداء المهنة.