أخبار الآن | سرت – ليبيا (محمد عقوب)

الحاجّة "قِسمه"كيف كان لها أن تُطيق البقاء في البيت هي وأبناؤها بعدما اغتيل ابنها مصطفي علي يد داعش منتصف العام 2015 … وكيف لها أن تتحمل كل هذه الآلام بعد أن ظهر لهم داعش بمظهر الإنسان المسالم المنقذ والمساعد وليكونوا أول من يكتوي بناره وبالعنف الذي لم يعرف له حدود وليروي لنا العمّ"امحمّد" بصوته المثقل الحزين قصصا مرعبة لا مجال لنسيانيها.

ويحكي لنا أنّ جلّ سكان مدينة سرت كانوا قد انخدعوا بما كان يفعله داعش مع الفقراء والسكان عندما يبادر لتقديم المساعدات الخيريّة لهم ولفضّ النزاعات والمشاكل الإجتماعيّة التي تحدث بين الناس وكان يلعبون علي وتر الدّين ليوهموا الناس بأنّهم يريديون تطبيق الشريعة وما إلى ذلك.

وبعد أن أصبح داعش يسيطر على جزء كبير من مناطق وسط المدينة وخارجها كشر عن أنيابه وأصبح يمارس في حق مخالفيه العنف حين بدأ بتصفية كل الأشخاص الذين يتواجدون بمقرات حكومية وخاصة الأمنيّة منها مثلما حدث مع ابن العمّ امحمّد الذي اغتيل مع رئيس مديريّة أمن سرت السنوسي كعيبه أمام مقر عملهم بعدها تفطّن الناس وأصبحوا يدركون حقيقتهم وأفكارهم المتطرفة والتي أصبحت زائفة بعد ذلك.

في قلب الأم وذاكرتها مشهد لدخول ابنها مصطفي إلى البيت وهو الذي قضى هو الآخر في إحدى المعارك على داعش يخبرها بأنّه قد تم اغتيال شقيقه الأكبر وأنهم سيخرجون من البيت على الفور حيث قال لها ابنها "مصطفى بأنّهم لم يعودوا قادرين على المكوث أكثر من ذلك وأنّ عليهم مغادرة سرت بعدما أصبحت الحياة فيها مليئة كل يوم بأحداث القتل والاغتيالات التي تطال رجال الأمن والشرطة والقضاة وبعد أن اغتال داعش ابن العائلة الأكبر عبدالناصر عندما كان أمام مقر عمله بمديرية الأمن وسط سرت مع رئيس المديريّة.

دقائق معدودة ـ لم تكن بحجم قصص ومشاهد كانت مليئة بالألم، ومرارة الفقد والفراق عندما تحدثنا إلى أسرة "الشريف" وهي واحدة من بين عشرات بل مئات العائلات من سرت من عاشوا في جحيم داعش وذاقوا ويلاته طيلة العامين وهم يطمحون في نسيان ذكريات أليمة خلّفها في عقولهم. ويأملون في عودة الحياة التي دائما ما تنتصر في نهاية المطاف.  

 

اقرأ أيضا:
داعش يتحرك في ليبيا تحت الأرض

محطات داعش في ليبيا.. الظهور والإندحار