أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة (علي الأمين)

– 4 عقود مرّت على إنتصار الثورة الإسلامية في إيران، ولم تكن الإيديولوجيا الدينية عنوان انتفاضة الشعب آنذاك.

– قاد الثورة إلى جانب الإمام الخميني عدد من القوى الوطنية واليسارية وشخصيات مستقلة.

– غداة انتصار الثورة، تمّ اقصاء كل القوى الليبرالية واليسارية عن المشهد في عملية إلغاء لكل مظهر ثوري لا ينسجم مع إيديولوجيا قيادة الخميني.

– شعارات عدة رفعتها قيادة الثورة، ووعود كبرى بتقديم نموذج جديد للسلطة الى العالم، هو النظام الإسلامي.

– بدأت عملية تصدير الثورة من خلال اعتبار أن ايران تمثل النموذج الذي يحتاجه العالم الإسلامي للتخلص من التخلف والتبعية

– شكل شعار الموت لامريكا والموت لإسرائيل عنوانين بارزين من عناوين تمدّد النفوذ الإيراني في المنطقة العربية والإسلامية.

– النظام الإيراني ساهم في صناعة شرخ بين المسلمين على إمتداد العالم الإسلامي ورسخ الوعي المذهبي.

– بعد 40 عاماً على الثورة، انكشف الواقع الداخلي في ايران، على مزيد من الأزمات.

–  في إيران فشل في التنمية والاقتصاد، إلى جانب تفشي الفساد الذي انهك الدولة هناك.

– الهزيمة التاريخية للنظام الإيراني تكمُن في الفشل ببناء اقتصاد إيراني متماسك.

– الدكتاتورية والقبضة الأمنية هما مصدر قوة للنظام الإيراني المعتمد عى الإيديولوجيا المتمثلة بولاية الفقيه.

– أسس النظام فصائل له في لبنان مثل “حزب الله” وأيضاً في فلسطين، وهدف من خلالها السيطرة على ورقة المقاومة والمساومة عليها في لعبة الأمم لصالح الأيديولوجيا الإيرانية.

– ساهمت إيران في ضرب الهويات الوطنية وشاركت في تدمير العديد من الدول العربية.

– المشروع الأيديولوجي الإيراني في خواتيمه المدمرة حضارياً لمحيطه العربي وللداخل الإيراني.

إليكم التفاصيل: 

أربعة عقود مرت على انتصار الثورة الإسلامية في ايران، فالثورة التي قامت ضد حكم الشاه محمد رضا بهلوي واسقطته في العام 1979، اتسمت في بداياتها بأنها ثورة شعبية، لم تكن الأيديولوجيا الدينية عنوان انتفاضة الشعب، الذي خرج جزء كبير منه الى الشوارع، داعيا الى اسقاط “النظام البهلوي”.

قاد الثورة في إيران الى جانب أنصار الامام الخميني، عدد من القوى الوطنية واليسارية والشخصيات المستقلة، كحزب تودة الشيوعي، ومجاهدي خلق، اضافة لعدد كبيرمن الشخصيات الوطنية كمهدي بازركان وإبراهيم يزدي وجلال الفارسي وأبو الحسن بني صدر، وغيرهم من القوى السياسية التي كانت تطمح الى الانتقال الى دولة تتسع فيها دائرة الحريات، وتحسين شروط الحياة الاجتماعية والاقتصادية، خصوصا أن قسماً كبيراً من نخب الثورة الإيرانية كان يطمح الى بناء دولة حديثة على النمط الديمقراطي الغربي.

ماذا جرى غداة الثورة؟
لكن ما جرى غداة انتصار الثورة، هو أن قائد الثورة آنذاك الامام الخميني كان له رأي آخر، فقد جرت عملية اقصاء كل القوى الليبرالية واليسارية عن المشهد، في خطوة بدت أنها عملية الغاء لكل مظهر ثوري ووطني لا ينسجم مع الأيديولوجيا التي عبرت عنها قيادة الخميني في نظام ولاية الفقيه، الذي مثل في الجوهر انتقالا من حكم زمني مطلق عبّر عنه نظام الشاه، الى حكم ديني وزمني قاده الخميني الذي امسك بالسلطة المطلقة، بحيث ان الصيغة الجمهورية لنظام الحكم بدت في كل سلطاتها الدستورية، مجرد مؤسسات شكلية في خدمة القائد او ولي الفقيه الذي يمتلك السلطة الكاملة التي تفوق كل السلطات في الدولة.

شعارات عدة رفعتها قيادة الثورة، ووعود كبرى بتقديم نموذج جديد للسلطة الى العالم، هو النظام الإسلامي، فالى جانب وعود بتقديم نموذج للاقتصاد الإسلامي في مواجهة النظامين الليبرالي والاشتراكي المسيطران على العالم، برزت الدعوات الى التبشير بمشروع الوحدة الإسلامية، وبدأت عملية تصدير الثورة من خلال اعتبار أن ايران تمثل النموذج الذي يحتاجه العالم الإسلامي للتخلص من التخلف والتبعية، هذه الشعارات الهبت خيال كثير من الفئات على امتداد العالم الإسلامي في ذلك الحين. وشكل شعار الموت لامريكا والموت لإسرائيل عنوانين بارزين من عناوين تمدّد النفوذ الإيراني في المنطقة العربية والإسلامية.

الرئيس الإيراني: نواجه أصعب أزمة اقتصادية

النظام الإيراني: 4 أسباب للفشل

بعد أربعين عاماً على قيام الثورة، ينكشف الواقع الداخلي في ايران، على مزيد من الأزمات، فشل في التنمية وفي الاقتصاد، تفشي الفساد الذي انهك الدولة الإيرانية، ورغم محاولات النظام إحالة الازمات الى أسباب خارجية كالعقوبات الدولية أو الأمريكية، فان الخطاب الرسمي الإيراني أقرّ بأن الاقتصاد الإيراني يحتاج الى إعادة هيكلة، وأن الازمات الاقتصادية ليست ناشئة فقط من العقوبات بل من سوء الإدارة والتخلف البنيوي على صعيد استثمار طاقة الشعب الإيراني وثرواته، فالبطالة في اعلى نسبها، فيما العنوان الوحيد الذي يعتمده المسؤولون الإيرانيون لاثبات نجاح الثورة هو عدم سقوط النظام الإسلامي.

سبب الفشل الأول: صناعة شرخ بين المسلمين

اعتبر المرشد الإيراني علي خامنئي أن عدم سيطرة واشنطن إلى طهران دليل على هزيمتها، هذا الموقف يمكن إدراجه في سياق الخطاب الذي يهدف إلى شدّ أزر مناصري النظام في إيران، وينطوي على ذخيرة الأيديولوجيا التي شكّلت وتشكّل السلاح الوحيد الذي يمكن من خلاله إضفاء صورة نضالية للنظام الإيراني، الذي يعاني ليس من الضغوط الأميركية، بل من الفشل التاريخي لنظام قدّم نفسه قبل 40 عاما باعتباره نظاماً يهدف إلى نقل الشعب الإيراني من جحيم الفقر إلى جنة البحبوحة. فشل للنظام الإيراني الذي قدّم نفسه على أنه نواة الوحدة الإسلامية ونموذج لوحدة المسلمين، فأنتج كارثة غير مسبوقة في التاريخ الحديث، عندما ساهم في صناعة شرخ بين المسلمين على امتداد العالم الإسلامي، فرسّخ الوعي المذهبي كما لم ينجح أحد في ترسيخه.

– سبب الفشل الثاني: عدم القدرة على بناء اقتصادٍ متماسك

الهزيمة التاريخية تكمُن أيضا في الفشل الذريع في بناء اقتصاد إيراني متماسك يقارع النظامين الاقتصاديين الرأسمالي والاشتراكي، الذي طالما ردد أركان النظام ومنذ انتصار الثورة الإسلامية أنهم ينجزونه، لكنهم وصلوا إلى ما هو أسوأ من النظامين، إذ ليس لدى إيران اليوم غير الوقوف على أعتاب موسكو وبكين وطوكيو والاتحاد الأوروبي لطلب العون، فيما نظّرت الأيديولوجيا الإيرانية لمقولة “لا شرقية ولا غربية.. جمهورية إسلامية”، وهي شعارات لم ينل الإيرانيون منها إلا الفقر والعوز والفساد، ولم ينل منها المسلمون القريبون لإيران والبعيدون عنها، إلا المزيد من التفرقة وتدمير المجتمعات والكيانات التي ينتمون إليها، فسادت التفرقة على حساب الوحدة.

الفشل أو الخديعة الكبرى التي انطلت على كثير من العرب والمسلمين، هي تحرير فلسطين واستنقاذ القدس، ونصرة المستضعفين في الأرض، فها هي فلسطين تتهوّدُ في زمن الانتصار الإيراني وتمدده، بل في ظل وجوده الفاعل على حدود فلسطين المحتلة، في لبنان وغزة وجنوب سوريا.

– سبب الفشل الثالث: العجز عن تقديم أي حلول جدية 

مشكلة النظام الإيراني بعد أربعة عقود على قيامه، تكمن في ان مصدر قوته الوحيد إزاء المشكلات التي تواجهه في الداخل، هو الدكتاتورية والقبضة الأمنية وبراعته في القمع، هذه هي مصادر قوة النظام الإسلامي وهي مقتله في آن. فهذا النظام اعتمد على الأيديولوجيا المتمثلة بولاية الفقيه، التي فقدت بريقها لدى الشعب وهي عاجزة عن تقديم أي حلول جدّية لأزمات الدولة والشعب، والشعب الإيراني الذي أعطى النظام فرصا عديدة من أجل إنجاز مشروعه الإنمائي في الداخل، وصل إلى قناعة على ما تظهر الوقائع الميدانية أنّه أمام دولة فاشلة اقتصاديا وإنمائيا، ينهش شعبها الفقر والبطالة على الرغم من الثروات الدفينة والظاهرة ما لا يعد ولا يحصى، الأيديولوجيا الإيرانية رفعت لواء القدس وتحرير فلسطين، وروّجت لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي، عبر خلق جماعات موالية لإيران بالدرجة الأولى.

– سبب الفشل الرابع: ضرب الهوية الوطنية لأي مشروع مقاوم

جماعات طالما كانت وظيفتها السياسية ضرب الهوية الوطنية لأيّ مشروع مقاوم كما حصل في لبنان عبر حزب الله، وعبر بعض الجماعات الأصولية الفلسطينية في غزة وفي الشتات الفلسطيني، والهدف كان السيطرة على ورقة المقاومة والمساومة عليها في لعبة الأمم لصالح الأيديولوجيا الإيرانية، هذا ما يمكن ملاحظته في فضيحة خطف الرهائن الغربيين بين العام 1983 و1988 في لبنان، حيث تمّ استخدام الرهائن الأميركيين والفرنسيين والبريطانيين، من أجل ابتزاز الغرب ليس في سبيل الضغط على إسرائيل لإجبارها على الانسحاب من لبنان على سبيل المثال، أي من أجل قضية لبنانية محقة، بل استخدم هؤلاء في عملية ابتزاز إيراني للغرب من أجل صفقات أسلحة لصالح إيران خلال حربها مع العراق.

إيران: تدمير للعالم العربي
المشروع الإيراني في المنطقة العربية الذي توسّل شعار “الوحدة الاسلامية” مع انتصار الثورة الإسلامية في العام 1979، وتوسّل أيضاً عنوان القضية الفلسطينية وشعار تحرير القدس، وتوسّل قبل ذلك شعار لا شرقية لا غربية في إشارة إلى مشروع مواجهة النموذجين السوفييتي والأميركي، خلص اليوم إلى حقيقة مرة وقاسية على العالم العربي، فإسرائيل ازدادت قوة وهيمنة ونجحت بفضل السياسة الإيرانية في اختراق الدول العربية وتعزيز حضورها وسيطرتها على كامل فلسطين، أما الوحدة الإسلامية فمع المشروع الإيراني باتت مشروعاً منفراً ومرفوضاً لدى الشعوب العربية قبل حكامها، والمذهبية تفاقمت لتفجر العديد من الكيانات الوطنية فيما مقومات الدول العربية المادية أصبحت نهباً للروس والأميركيين، بالتأكيد ذلك لا يمكن أن تتحمل إيران مسؤوليته وحدها، من مئات الآلاف من القتلى وتدمير الدول وتدمير المجتمعات العربية لا سيما على امتداد هلال الممانعة، فالدخول الإيراني إلى المنطقة العربية لم يحمل في طياته إلا التدمير ولم يدخل إلى دولة إلا وزاد من أزماتها، وفكك من عناصر وحدتها، وعزز من شروط الانقسام فيها.

“حقيقة فاضحة”
الحقيقة الفاضحة اليوم أنّ إيران بعد أربعين عاما على ثورتها الاسلامية استكملت مهمتها عملياً، من خلال دورها في ضرب الهويات الوطنية ومشاركتها في تدمير العديد من الدول العربية، ومشاركتها الفعالة في ترسيخ الانقسام المذهبي، استنفذت كل طاقتها أو معظمها، لتجد نفسها اليوم أمام الحقيقة، ها هي إسرائيل تضرب أذرعها وتحاصرها في لبنان وسوريا، وهذا الشيطان الأكبر يسرح ويمرح في العراق وداخل سوريا وكل المنطقة، وهذه روسيا تحوّلت إلى المنقذ من الضلال والحامي لإيران، وتحول معظم العرب إلى أعداء لإيران، وهذا هو الشعب الإيراني بقضه وقضيضه يئن من النموذج الأيديولوجي الإسلامي الإيراني ويحلم بنموذج “الشيطان الأكبر”.

هذه النهاية كفيلة بأن تجعل الأيديولوجيا الإيرانية أداة طيّعة بيد روسيا والشيطان الأكبر، وكفيلة بأن نقول أنّ المشروع الأيديولوجي الإيراني في خواتيمه المدمرة حضارياً لمحيطه العربي وللداخل الإيراني وليس أقل من ذلك، في حين ان أعداءهم من الاميركيين والاسرائيليين يزدادون قوة ونفوذا.

مصدر الصورة: france24

للمزيد:

ما هو الأداء الإقتصادي الإيراني منذ ثورة 1979؟