أخبار الآن | دبي – الامارات العربية المتحدة ( جمانة عيسى)

 من العاصمة الفرنسيّة باريس، وفي مؤتمر صحفيّ مشترك مع الرئيس الفرنسيّ إيمانويل ماكرون ، وتعليقا على الاتفاق النوويّ الإيرانيّ ، حذّر وليّ العهد السعوديّ الأمير محمّد بن سلمان من أنه لا يريد تكرارا لمعاهدة 1938 التي أدّت إلى نشوب الحرب العالمية الثانية .

ولكن ، هل تتذكّرون أو تعرفون ما هي هذه الاتفاقيّة؟

 إنّها “اتفاقيّة ميونيخ” أو “إملاء ميونيخ” كما يحلو للسلوفاك والتشيك تسميتها بعدما استبعدتا عنها ، والتي وقّعت في الثلاثين من سبتمبر / أيلول 1938 بين ألمانيا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا، وافقت فيها القوى العظمى على إشباع أطماع أدولف هتلر التوسّعية في أوروبا وكان بنتيجتها أن تمّ بموجبها تقسيم تشيكوسلوفاكيا بين ألمانيا والمجر وبولندا، وحجة الفوهرر  آنذاك كانت الغالبيّة العدديّة للألمان الذين يقطنون منطقة حدوديّة بين ألمانيا وتشيكوسلوفاكيا  وتسمّى سوديتينلاند؛ متذرّعا بتعرّضهم للتمييز من قبل الحكومة التشيكوسلوفاكيّة وبعدم حصولهم  على حقوقهم كاملة وبوجوب أن يتبعوا لألمانيا حيث هم في أراضيهم.

اعتبر التشيكوسلوفاكيّون ما جرى طعنا بالظهر لهم، بعدما توقّع رئيس جمهورية تشيكوسلوفاكيا آنذاك إدوارد بينش، وهو قائد حركة الاستقلال في بلاده وثاني رئيس جمهوريّة فيها، أنّ اتفاقيّة الدفاع المشترك التي تربطه بفرنسا وبالتالي تربط فرنسا بإيطاليا ستعزز موقف بلاده في النزاع الدائر على سوديتينلاند غير أن موقف الحلفاء جاء مخيّبا له فسمّيت الاتفاقيّة “خيانة ميونيخ”.

 جدير بالذكر والتذكير، أن هذه المنطقة  كان يقطنها 800 ألف تشيكي و 2,800,000 شخص من أصل ألماني. كانت مساحتها حوالي 28,500 كم² وتضم أغلب المراكز الصناعية والاتصالات والمراكز العسكرية والدفاعات الطبيعية الحيوية في تشيكوسلوفاكيا.

الدول الثلاث الموقّعة على الاتفاقيّة اعتقدت أنّها بها ضمنت أن تحمي نفسها ودولا أوروبيّة أخرى من طمع ألمانيا النازيّة لإيقاف تمدّدها ، خصوصا وأنّ المعاهدة تضمّنت وعدًا من ألمانيا بإنهاء توسُّعاتها، واعتبرتها بريطانيا وفرنسا محاولة لتجنّب الحرب، ولكن ألمانيا النازيّة نقضت الاتفاقية وجرَّت أوروبا نحو بداية الحرب العالمية الثانية (1939 – 1945م).

 لم يدم وعد هتلر سوى ستّة أشهر بعد التوقيع، إذ نكث وعده وأمر الفيرماخت بالاستيلاء على بقية تشيكوسلوفاكيا. فقد الاتحاد السوفييتي ثقته بقدرة بريطانيا وفرنسا على حفظ السلام وعقد اتفاقًا مع ألمانيا، لتجنُّب الحرب. اعتقد هتلر أن بريطانيا وفرنسا لن تلتزما بتعهدهما بحماية بولندا، فشنَّ هجومًا عليها في سبتمبر عام 1939م. بعد اربعة أيام من الهجوم على بولندا أعلنت بريطانيا ثم فرنسا الحرب على ألمانيا وبدأت الحرب العالمية الثانية التي كبّدت العالم  ملايين القتلى والجرحى والمشرّدين وخسائر ماديّة فادحة.

 إسقاط وليّ العهد السعوديّ الأمير محمّد بن سلمان المثال ، على الاتفاق النوويّ مع إيران ، جاء كهزّة أرضيّة لمثال تاريخيّ على عدم جواز استخدام سياسة الاسترضاء والتنازل، خصوصا وأنّ اتفاقية ميونيخ هي مثال صارخ على أنّ إبرام الاتفاقيات مع الدول العدوانية هو دعوة للحرب وليس سببا لمنعها.

المزيد:

تطابق رؤية الرياض وباريس بشأن مكافحة الإرهاب والتطرف