أخبار الآن | لبنان – (منى علامي)

يبدو أن المشهد الجهادي في سوريا يواجه نقطة تحول رئيسيّة بعد أن باتت المجموعتان اللتان تنتهجان ما  يسمى  بالجهاد  في وضع حرج في المنطقتين الشمالية والشرقية اللتين تعتبران معقلا "لهيئة تحرير الشام"  النصرة  سابقا المنبثقة عن القاعدة ولتنظيم الدولة (داعش) على التوالي. فهل يكون هذا التحوّل بداية النهاية لما يعرف بالجهاد في سوريا؟ 
 
تجد "هيئة تحرير الشام" اليوم نفسها أمام ضغوطات متزايدة بعد سلسلة الاغتيالات التي استهدفتها وكان آخرها اغتيال واحد من أبرز قادتها السعودي المعروف "بأبو محمد الشرعي" في محافظة إدلب في شمال غرب مدينة سراقب، وفق الشيخ حسن دغيم المتخصص بالحركات الاسلامية في سوريا.     
 
تسارعت وتيرة الانشقاقات في الهيئة على أثر تسريب حديث بين قادتها انتقدوا فيه أعضاء مجلس شورى المجموعة، وقد كان لانشقاق الداعي الجهادي السعودي الشيخ عبد الله المحيسني الوقع الاكبر عليها؛ تلقت الهيئة صفعة أخرى بانشقاق "جيش الأحرار" عنها وهي الجماعة التي كانت تنتمي سابقاً إلى أحرار الشام، أضف إلى ذلك، انفصال حركة نور الدين الزنكي في تموز/ يوليو.   
 
من ناحية ثانية، ترى الهيئة اليوم نفسها أمام خطر عملية عسكرية واسعة النطاق ناجمة عن الجولة السادسة من مناقشات أستانا. فوفقا للخبير السياسي السوري، سنان حتاحت من مركز عمران للدراسات تشير المعلومات المتداولة في تركيا إلى إمكانية تقسيم ادلب إلى منطقتين: الاولى منطقة في الجنوب الشرقي تخضع للنفوذ الروسي الإيراني، والثانية في شمال غرب المحافظة تسيطر عليها قوة مشتركة تشمل الفصائل الثورية والقوات التركية، على غرار ما   حصل في عملية درع الفرات، والهدف من نشر هذه القوات وضع حد لسيطرة "هيئة تحرير الشام" على المحافظة. 
 
أما داعش من ناحيته فيبدو في موقف أسوأ بعد بحيث يواجه التنظيم عدوا مزدوجا يتألف في الشمال من القوى الديمقراطية السورية المدعومة من التحالف الأمريكي، فضلا عن تقدم ميليشيات موالية للنظام في دير الزور شرق سوريا باتجاه مدينتي بوكمال والميادين، وفق مصدر عسكري في ميليشيا حزب الله.  

إقرأ أيضا: بعد إحتواء خطر داعش هل لبنان على موعد مع الذئاب المنفردة؟
 
وفي رسالة على تويتر نشرها مؤخرا بريت ماك غورك، المبعوث الأمريكي الخاص إلى التحالف ضد داعش اعتبر "أن إرهابيي داعش لم يعودوا يسيطرون إلا على عدد محدود جداً من الأحياء في الرقة". وفي السياق نفسه قدر الخبير العراقي المتخصص في الحركات الجهادية هشام هاشمي في تغريدة على تويتر "أن أعضاء التنظيم بلغوا 1000 في الرقة السورية و9000 في منطقة الفرات السورية."  
 
فهل ينبئ تسارع الأحداث هذا بنهاية الجهاد في سوريا؟ بالرغم من أن تجربة الجهاد فشلت في سوريا مع ظاهرة داعش التي كان لها وقعها المرير على السكان بالإجمال، إلا إن الديناميكيات المحلية تنبئ ببقاء شكل من أشكال التمرد الراديكالي.  
 
ففي دير الزور بالتحديد، إن الإطاحة بالنظام ستفتح الباب واسعا لعودة القاعدة إلى المحافظة التي شكلت في مرحلة من المراحل أحد أهم معاقلها في سوريا. ويقول الباحث السوري حسن حسن في مقابلة نشرت في ديوان أن على خلاف الرقة والحسكة، نجح فرع القاعدة في دير الزور في الحفاظ على تماسكه ولم يندمج ضمن الدولة الإسلامية حيث لا يزال يضم مئات العناصر، ويملك شبكة أوسع خارجها يمكن أن يستعملها لكي يفرض نفسه من جديد كقوة منظَّمة ضد نظام الأسد. 
 
و يرجّح أن يعتمد داعش مستقبلا اسلوب الهجمات السرية والاستمرار في تقويض الأمن والاستقرار عبر العنف والعمليات المرحلية التي تسبب خسائر بشرية كبيرة. اما قضية "هيئة تحرير الشام" فأصعب بكثير، بما أنها تتمتع بقاعدة شعبية كبيرة وأظهرت براغماتيتها في كثير من الأحيان. فمحاولاتها الأخيرة للتسلل ضمن المجالس المحلية تعتبر مؤشرا قويا لرغبتها بتصويب الأمور من جديد. والأهم من ذلك، إن التوترات الخارجية في سوريا بين اللاعبين الإقليميين والمحليين، أضف إلى ذلك استمرار هيمنة الرئيس بشار الأسد، الشخصية غير المحبوبة من كثيرين والمشجعة بحد ذاتها على الانقسام، تشكل كلها عناصر مغذيِّة لإبقاء فتيلما يسمى بالجهاد في سوريا مشتعلا.

المزيد

لبنان: إحباط هجمات بعد تحذيرات من سفارات أجنبية

لاجئة سورية في لبنان تحول النفايات لمنتجات فنية رائعة