أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة (جمانة عيسى)

خسارة داعش في الموصل ومن بعدها الرقّة مضمونة لأسباب عدّة ، أوّلها أنّه بني على ضلال، وليس آخرها ممارساته التي نفّرت حتى أغلبيّة من خدع بدعايته بداية ، وانضمّ إليه.

ولكن ذلك ليس جلّ ما يشغل بال السياسيين والمحللين والمتابعين !

إقرا أيضا: رفض الليبيون داعش .. فاندحر

السؤال الأهم ّ هو: ما هو مصير "أطفال الخلافة" الذين ولدوا في السنوات الأخيرة لآباء داعشيّين ، وزرعت في عقولهم بذور الشرّ والتطرّف وعدم تقبّل الآخر ؟

هؤلاء الأطفال لا وطن ولا مأوى ولا جنسيّة لهم ، وكلّ ما يعرفونه عن هذا العالم هو هذه "الدولة" الهجينة الشاذّة التي حدودها من حدود جرائمها .

عملية تحرير الموصل محدّدة الأهداف والنتيجة ، ولكنها غير محدّدة الزمن ، فتاريخ انطلاقها معروف مع إعلان رئيس الوزراء العراقيّ حيدر العبادي في السادس عشر من تشرين الأول/ أكتوبر 2016 انطلاقها ضدّ داعش في المناطق التي احتلّها منذ عام 2014

ويتصدّر الأسئلة المطروحة لمرحلة ما بعد تحرير الموصل، ثاني أكبر المدن العراقية ، المصير الذي يجب أن يلقاه هؤلاء الأطفال، إضافة إلى أسئلة لا تقلّ أهميّة، وهي:

ما المصير الذي سيواجهه عناصر داعش ومن الذي سيحاكمهم طالما أنّ جرائمهم طالت الإنسانية جمعاء ؟ وأين سيقضون فترات عقوباتهم ؟

ما مصير أسرهم ؟ ما مصير القصّر منهم على الأقل ّ؟

البغدادي بين بروباغندا القوة.. وتلقّف ما ومن تبقّى حيا من أعوانه

هناك فئتان لهؤلاء القصّر :

من أتى به والداه إلى الأراضي التي احتلها داعش ، من دون حول له ولا قوّة ،

ومن ولد على هذه الأراضي، وهم الآن من دون هوية ولا جنسيّة، هذه الفئة لا علم للعالم بأسره عن مدى عديدها ، فهم معزولون عن العالم ولا إحصاءات تشير إليهم ، عدا ما أشارت إليه مؤسسة "كيليام" في لندن ، وهي معهد متخصّص بإجراء أبحاث حول المتطرّفين والتطرّف، إلى أنّ 31 ألف امرأة حملت في الأراضي التي احتلها داعش ما بين الأول من آب/ أغسطس  و 9 من شباط/ فبراير 2016

قد تكون هذه الإحصائية صحيحة وقد لا تكون صائبة مئة بالمئة ، ولكنّ المؤكد أنّه وبغضّ النظر عن العدد ، فإنّ داعش زرع فكره المتطرّف في عقول هذا الجيل من أبنائه من خلال التربية في المنازل أو في المدارس التي فرض مناهجه فيها على الطلاب ، ليكونوا بذلك جيلا محضّرا لمتابعة "المسيرة" عسكريا وايديولوجيا ، وما حرصه على إظهار التدريب العسكري للأطفال في فيديوهات نشرها على مواقعه إضافة لعمليات إعدامات نفّذها أطفال بحق مواطنين عراقيين وسوريين أو أجانب ، سوى لترسيخ الفكرة بأنّ الجيل الجديد من داعش جاهز لإكمال هذه "المسيرة" .

بلقيس ويل، الباحثة المختصة في شؤون العراق والشرق الأوسط في منظمة "هيومن رايتس ووتش" ترى أنّ الأكثر تعقيدا في هذه المسألة هو أنّ غالبية هؤلاء الأطفال ولدوا ولا جنسية لهم ، فالتنظيم يسجّلهم في سجلّاته الخاصة!

وبحسب معطيات ، غير موثّقة ، حصلت عليها منظّمات إنسانيّة تنشط في العراق، فإن العديد من الإدارات المحليّة العراقيّة، رفضت تسجيل أطفال عند ولادتهم بحجّة أنّ آباءهم يقاتلون في صفوف داعش .

قد يتهيّأ للبعض انّ هذه مشكلة عراقية صرفة ، ولكن هذا غير دقيق ، على اعتبار أن عددا لا بأس به من المنضوين تحت لواء داعش هم أجانب سواء من جهة الأب أو الأم التي تعطي جنسيّتها لأبنائها في كل الدول الغربية،  

ما يمثّل تحدّيا للأسرة الدولية ، وحسب المفوّض الأوروبي جوليان كينغ فإنّ داعش يضمّ بين صفوفه حوالي 2500 مقاتل أوروبيّ.

 فعلى سبيل المثال لا الحصر ،

قدّرت "مؤسسة كيليام"، عدد البريطانيين الذين التحقوا بمنظمات إرهابية  في سوريا وحدها بما يصل إلى حوالى 1200 شخص ، منهم من بقي حيا ومنهم من قتل،

 وهيومن رايتس واتش

مؤحسب آخر إحصاءات لوزارة الداخلية الفرنسية فإن 689 فرنسيا موجودون حاليا في سوريا أو العراق، في المناطق التي يحتلّها داعش ، 275 منهم نساء و17 مقاتلا قاصرا

والمجموع، نحو 150 أسرة تعيش تحت سلطته.

وفي خطوة استباقيّة لاحتواء أبنائها المضلّلين ، ونظرا لتعقيد الأزمة، نشرت وزارة الداخلية الفرنسية في كانون الثاني/يناير مرسوما من أجل هيكلة عودة هؤلاء الأطفال، الذين يتراوح سنّهم بين أسابيع وثلاث سنوات.

هذا قانونا ، أمّا مسألة احتوائهم نفسيّا واجتماعيّا من أجل تحريرهم من الأفكار الضالة وإعادة الطفولة إليهم ودمجهم في مجتمعاتهم فقد أصبح أيضا مسألة مطروحة.

لائحة الأسئلة الآن التي تشغل بال المتابعين هي :

هل تملك الدول الوسائل والهياكل اللازمة من أجل استرجاع هؤلاء الأطفال؟

هل سيوضع اليتامى في مراكز خاصة؟

هل سيتم إنشاء مراكز خاصة بالأطفال لإزالة التطرّف من عقولهم؟

ويبقى السؤال الأكبر في المقابل ، والأكثر خطورة ، هل يكمّل داعش جريمته النكراء بحق هؤلاء الأطفال ويضحّي بهم ويجعلهم قنابل موقوتة بوجه الجيوش التحريريّة الزاحفة نحوه ؟!

إقرأ أيضا: بين مساكنة إجباريّة وطلاق بالتكفير أو بالتراضي للجماعات المتطرّفة