أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة ( وكالات ) 

أمير القاعدة الذي أصبح دجال القاعدة
لطالما كان تنظيم القاعدة في سوريا يتكون من جبهة النصرة تحت قيادة أبو محمد الجولاني. وبعد الإنشقاق المحرج لجبهة النصرة، أصبح الجولاني هو الدجال من وجهة نظر القاعدة. فتح هذا الطريق لظهور جماعة جديدة من القاعدة تطلق على نفسها اسم تنظيم حراس الدين، و قد تم الأعلان عنها في نهاية عام 2017 وبداية عام 2018. ومع ذلك، حتى الآن لا يبدو تنظيم حراس الدين الا منقسما ايضا.

الأردنيون ضد رجال الظواهري
جماعات القاعدة حول العالم تميل إلى الانقسام ، وتنظيم حراس الدين يقوم بإتباع هذه الموجة . فهو أيضاً يعاني من الإنقسامات الداخلية. و يبدو أن الخلاف الرئيسي قد حرض المقاتلين الأجانب الأشد تطرفاً ضمن تنظيم حراس الدين لإدراج الجناح الأردني بقيادة أبو جليبيب الأردني ضد الشخص السوري الذي تم تعيينه من قبل قيادات القاعدة العليا لقيادة التنظيم، ألا وهو فاروق السوري.

 هل تنظيم “حراس الدين” الوجه الجديد للقاعدة في سوريا؟

الخلافات القوية بين هيئة تحرير الشام و حراس الدين
بالإضافة إلى الانقسامات الداخلية بين أفراده، يواصل التنظيم أيضا صد عدوان حليفه السابق هيئة تحرير الشام وزعيمه أبو محمد الجولاني، بينما يسعى الجولاني لتعزيز سلطته والتمسك بالمتطرفين الموجودين في إدلب. الجولاني وفراد  حراس الدين من ضمنهم أبو جليبيب الأردني و سامي العريدي وبلال خريسات كانت تجمعهم علاقة غير مستقرة  منذ اعلان انشقاق الجولاني المحرج عن القاعدة في عام 2016. سوف يتذكر الجميع أن الجولاني حاول عرقلة تشكيل فرع جديد للقاعدة في سوريا في نوفمبر 2017 من خلال سجن أبو جليبيب وافراد آخرين من الجماعة الجديدة. وبعد رد فعل عنيف من قبل المتطرفين في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك التوبيخ العلني من قبل أيمن الظواهري نفسه، اختار الجولاني الإفراج عن أعضاء القاعدة بينما ابقاهم تحت سيطرته التامة.

تعيين أمير سوري على حراس الدين لخداع الشعب السوري‫:

يقيّم المراقبون أن ما يسمى حاليًا “أمير” حراس الدين أبو همام (المعروف أيضًا باسم فاروق السوري) تم تعيينه في منصبه لمجرد أن اصله السوري  يوفر غطاء للتنظيم للتسلل و تسميم  المعارضة السورية، الأمر الذي يسمح للقاعدة بالتسويق لهذا التنظيم ككيان “سوري” بين أوساط الشعب السوري. والسبب في هذا هو معارضة الشعب السوري للمتطرفين الأجانب بالدخول إلى ميدانهم ، خاصةً وأن وجود المتطرفين المرتبطين بالقاعدة وداعش ازداد بشكل مضطرد مع مرور الوقت، وشهد الشعب السوري الفظائع والأيديولوجية المتطرفة التي جلبها هؤلاء الأفراد معهم. فاروق السوري كان الحل الوسط الذي وافق عليه أمير القاعدة أيمن الظواهري وتلميذه الضال في سوريا أبو محمد الجولاني، وكان كشرط مسبق للجولاني، الأمر الذي سمح للقاعدة بالبقاء على قيد الحياة والعمل تحت قيادته في سوريا.

إضافة إلى استرضاء الجولاني، فإن وضع أبو همام على رأس هذا التنظيم الجديد في سوريا يمنح تنظيم القاعدة الفرصة لخداع الشعب السوري عن طريق الادعاء بأن هذه المؤسسة تحمل طابع شامي حقيقي. لكن الحقيقة هي أن فاروق السوري ليس أكثر من أمير “رسمي” يحاول تجميع مجموعة خطيرة من المنبوذين المتطرفين الأجانب والذين هم أساساً موجودون في سوريا لأنهم لا يستطيعون العودة إلى بلادهم أو السفر إلى أي منطقة حرب أخرى.

إقرأ أيضا: هل يصمد تنظيم حراس الدين بوجه العواصف الداخلية والخارجية؟

الظواهري يفضل القادة الضعفاء لأفرع القاعدة: 
كانت هذه الخطوة مؤشراً على أن الظواهري قد تقبل أخيراً حقيقة أن اسم القاعدة أصبح مكروهاً في سوريا، وأنه كان بحاجة إلى الرضوخ لتوجيهات الجولاني إذا كان يريد المطالبة بأي وجود لتنظيمه في المنطقة. بالطبع، تعلم الظواهري هذا الدرس المؤلم من خلال تمرد الجولاني المحرج عليه والانشقاق عن تنظيم القاعدة. بعد تهديدات الظواهري الفارغة للجولاني في وسائل الإعلام، يبدو أن الظواهري قد استسلم للوضع الراهن، وأن على الظواهري نفسه الآن أن يتلقى الأوامر من تلميذه السابق.

من منظور الجولاني، فإن تعيين فاروق السوري كان مفيداً بسبب أمريين مختلفين. أولاً، مرة أخرى يوفر أبو همام غطاءً سورياً لـحراس الدين، الأمر الذي يمكن الجولاني من مواصلة التعامل معه بشكل علني. الأمر الأخر هو أن أبو همام ضعيف ومرن وقابل للسيطرة بسهولة، وقد عمل أيضاً كقائد في عهد الجولاني فيما سبق، لذلك فهو سيستمر في الخضوع لأميره القديم.

لماذا ثار الأردنيون؟
المتطرفون الأكثر تشدداً في حراس الدين لا يستطيعون تحمّل فاروق السوري. إنهم ينظرون إليه على أنه ضعيف وخاضع للجولاني الخائن، إضافة إلى كونه غير كفؤ لمنصبه. وقد أصبح انشقاقه داخل حراس الدين أكثر وضوحا عندما رفض الجناح المتطرف اتفاق المصالحة في كانون الثاني 2018 بين حراس الدين وتنظيمها الأم السابق هيئة تحرير الشام. بعد أن تم تسريب نسخة من الاتفاقية التي وقعها أبو همام على الإنترنت، قام الجناح المتطرف في حراس الدين بحملة علنية أعلن فيها رفضه، لأنه زعم أن هذه الاتفاقية تجعلهم خاضعين لهيئة تحرير الشام.  لقد كان أمراً مخزياً و مخيبا لأبو همام بعد هذا  الأنسحاب العلني من الاتفاق الذي حمل اسمه. من الجدير بالذكر أنه لا يوجد اتفاق حتى يومنا هذا بين الطرفين، على الأقل ليس علناً. كانت هذه أول هزيمة كبرى لفاروق السوري، والتي كانت من قبل الأجانب الأشد تطرفاً، والذين يشعرون بأنهم الأحق بأن يكونوا قادة لهذا التنظيم.

فاروق السوري جعل حراس الدين بالفعل عبيداً لجبهة النصرة: 
بعد قراءة الاتفاق يصبح من الواضح أن انتقادات الجناح المتطرف في حراس الدين ومخاوفه كانت صحيح، لأن الاتفاقية جردت تنظيم حراس الدين من سلطته بشكل كامل، وجندت التنظيم كفصيل كامل تحت سيطرة الجولاني. جرد الاتفاق تنظيم حراس الدين من الأسلحة التي قدمتها هيئة تحرير الشام له في السابق، وألزم حراس الدين بالإمتناع عن مضايقة الجولاني وجماعته بأي شكل من الأشكال، سواءً عن طريق الإعلام أو غير ذلك. لن يتم إرجاع الأسلحة إلى حراس الدين إلا عندما يقاتل التنظيم تحت قيادة الجولاني وفي الوقت الذي يراه الجولاني مناسباً.

هل كان الجولاني نفسه هو من قام بتسريب الاتفاقية المدمرة؟
من الجدير بالذكر أن مؤيدي القاعدة على الانترنت شعروا أن الجولاني نفسه هو الذي سرب الوثيقة الموقعة في كانون الثاني 2018 من أجل خلق فوضى داخل حراس الدين. في الواقع التسريب فعل ذلك بالضبط من خلال فضح الانقسامات داخل حراس الدين بين أولئك الذين يشبهون أبو همام والذين رأوا التعاون مع الجولاني وبين الفصيل الأجنبي المتطرف الذي ينظر إلى الجولاني كخائن غير قابل للإصلاح. وقد قام تسريب الاتفاقية بتقويض قيادة فاروق سوري بنجاح من خلال فضحه بأنه غير قادر على اتخاذ قرارات نيابة عن التنظيم، وأنه في حقيقة الأمر فاقد للسيطرة على تنظيمه.

الجولاني يستخدم نفس اللعبة التي استخدمها ضد أبو الخير المصري:

سوف يتذكر أولئك الذين يتابعون شؤون القاعدة كيف تمكن الجولاني من التلاعب بنجاح بالقائد الكبير أبو الخير المصري بطريقة مماثلة عندما كان الجولاني يسعى إلى قطع علاقاته مع القاعدة في منتصف عام 2016. تم اتهام الجولاني بتلاعبه ببراعة بأبي الخير المصري عن طريق إرغامه على إصدار بيان علني يمنح النصرة الإذن بالانفصال عن القاعدة. لازال من غير الواضح حتى الآن كيف قام الجولاني بلي ذراع أبو الخير المصري واجباره على هذا التنازل. قبل أن يتمكن الظواهري وغيره من قادة القاعدة من الرد، تحرك الجولاني بسرعة وقام بتغيير تسمية تنظيمه، وقُتل أبو الخير المصري بغارة جوية بعد فترة وجيزة، ولم يتمكن من تفسير منحه الإذن للجولاني بالانفصال عن القاعدة. في جميع الحالات، هذا مجرد توضيح لطريقة الجولاني في العمل مع حلفائه المزعومين. طريقة العمل التي يستخدمها حاليًا هي تفكيك حراس الدين بشكل بطيء.

الجولاني يصرخ: “الإرهابيون الحقيقيون هم حراس الدين!” 
أخر ضربة رخيصة قام بها الجولاني وهيئة تحرير الشام ضد حراس الدين كان الفيديو الأخير لهيئة تحرير الشام والذي صدر في 18 يونيو عبر “شبكة أخبار إباء”، حيث استنكر مقاتلو الجولاني وصف هيئة تحرير الشام بالتنظيم الإرهابي، وأشاروا بأصابع الاتهام إلى حراس الدين، حيث قاموا باتهام التنظيم بالاسم باعتبار أنه الممثل للقاعدة في المنطقة، وأنه الذي يجب أن يتم توجيه كل قوى مكافحة الإرهاب نحوه. كان هذا بمثابة انتقاد واضح للقاعدة، خاصة وأن الظواهري لم يعلن بعد عن تعيين حراس الدين كممثل للقاعدة بشكل رسمي. وقام مؤيدو القاعدة على الإنترنت بانتقاد الجولاني بسبب ما اعتبروه نزاعًا سابقًا لأوانه مع حراس الدين

حراس الدين غير قادرين حتى على حماية أنفسهم:
بينما يقوم الجولاني باستغلال الانقسامات الموجودة بين أعضاء حراس الدين بدلاً عن توجيه التنظيم وقيادته، فليس هناك أي شك بأن هذا التنظيم الممزق لن يستطيع الصمود. وربما كان المصير غير المؤكد للتنظيم هو السبب في أن التنظيم لم يعلن عن ولائه لأيمن الظواهري علناً حتى الآن. من الممكن أن الظواهري ليس مستعدًا لأن ينتهز الفرصة مع تنظيم أخر نصفه تابع لـجبهة النصرة، الأمر الذي سيؤدي ببساطة إلى كسر وتوجيه ضربة أخرى إلى صورة القاعدة الممزقة بالفعل

هل سيتمكن تنظيم حراس الدين من التحمل؟ كيف ستنطلق الديناميكية الداخلية بين فاروق السوري وشخصيات قيادية متشددة في الفصيل الأردني المتطرف مثل أبو جليبيب، سامي العريدي، بلال خريسات، وأبو قسام الأردني؟

ومن الجدير بالذكر أن العديد من الشخصيات البارزة في حراس الدين لها علاقات قديمة مع مؤسس داعش أبو مصعب الزرقاوي، مثل الملقب بأبو جليبيب والذي أمضى بعض الوقت مع الزرقاوي في أفغانستان وأبو قسام الذي يُشار إليه حتى الآن باسم “نائب الزرقاوي”. تعرف هذه الجماعة في داعش بالتشدد الكبير في الفكر والممارسات، وهذا هو الفكر الذي يحمله عناصر القاعدة الأردنيون الموجودون في سوريا. بالإضافة إلى ذلك، فقد عرف أبو جليبيب والذي كان يسمى أمير درعا بقمعه الشديد للسوريين وقيامه بالعديد من الفظائع بحق السكان المحليين في سوريا في عهد الجولاني، الأمر الذي دفع الجولاني من إقالته قسراً.

الناس العاديون يدفعون الفاتورة دوما :
على هذا النحو، اندلع صراع مميت آخر بين المتطرفين والمتطرفين الأكثر تشدداً في سوريا. وكالعادة، فإن أكثر من يعانون هم بالتأكيد ليسوا الظواهري أو الجولاني أو أبو همام أو أبو جليبيب. في حين أن هؤلاء الإرهابيون يستمرون بالاختباء ويقضون أيامهم في جمع التبرعات لملئ جيوبهم وخلق تصريحات إعلامية تحريضية توقد النيران في سوريا، فإنه الشعب السوري نفسه هو الذي يستمر في معاناته.

المزيد:

كيف وصل تنظيم القاعدة للواقعة التالية”القاعدة تدعم الإخوان”؟

مقتل 7 مسلحين من القاعدة بغارة من دون طيار في شبوة

اعتقال 13 من قادة داعش بينهم مفتي شمال غرب الموصل