أخبار الآن | اسطنبول – تركيا (أسامة زين الدين)

أرخت القوانين الجديدة في تركيا، التي تتطلب تأشيرة دخول للسوريين، بظلالها على الحياة الخاصة لكثير من السوريين المقيمين أو المترددين بشكل دائم على تركيا. وقد كان لهذا القرار أثره البالغ على مشاريع كثير من العوائل السورية التي اضطرها هذا القرار لتغييرها سواء أكانت مشاريع شخصية أم مهنية. فالمهلة التي أعطتها تركيا لتطبيق القرار الذي دخل حيز التنفيذ في الثامن من الشهر الجاري كانت فترة شهدت فيها مطارات تركيا تدفقا سوريا منقطع النظير، في سباق واضح مع الزمن سعى السوريون فيها لترتيب أمورهم قبل أن تدركهم ساعة تطبيق القرار، وتضطرهم لانتظار القوانين التنفيذية الخاصة بشروط التأشيرة وما يتبعها من قوانين سببت صداعا وحيرة لكثير منهم.

مشاريع الزواج .. أول المشاريع المتأثرة

لم يكن يخطر على بال "محمد" الشاب السوري الذي أتى لتركيا وفي نيته تأسيس عشه الصغير أن يصدر هذا القرار في مثل هذا الوقت، خاصة بعد أن سرت الإشاعات عن تسهيلات للسوريين في تركيا مطلع العام الجديد. "محمد" الذي أتم خطبته على فتاة من دمشق قبل شهر واحد فقط كان ينوي استقدامها لتركيا لإقامة زفافهما نهاية الربع الأول من العام الجديد، إلا أن هذا القرار كما يقول قد قلب مخططاته رأسا على عقب، فالخوف من إغلاق القنصلية التركية في سوريا والتوجس من صعوبة استخراج الفيزا لمخطوبته وصعوبة استقدامها اضطره لأن يتم زفافه على عجل وبدون تحضير كاف، فكان زفافا مصغرا جدا حضره الأقارب من الدرجة الأولى فقط من عدة دول، بعد أن فرقت الأحداث بين العائلة الواحدة وباعدت فيما بينهم.

يضيف "محمد" مازحا أنه لم يكن يخطر على باله يوما أن يكون زفافه افتراضيا على السكايب ولم يتوقع يوما أن تأخذ دوائر صنع القرار التركية دور "حماته" في ترتيب حياته الخاصة.

خطبة إلى أجل غير مسمى

لم يفلح كثير من السوريين في ترتيب زفافهم بسرعة تتماشى مع المهلة السريعة التي أعطتها الدولة التركية لبدء سريان قرار التأشيرة على السوريين، فـ"مروة" التي أتمت خطبتها قبل أسبوع واحد فقط أصابتها الحيرة بعد أن تناهى إلى سمعها القانون الجديد، فخطيبها ناشط في صفوف الثورة ويصعب عليه العودة للداخل لإتمام لزفاف كونه مطلوبا لمخابرات النظام، ولا تعرف ما هو المطلوب حاليا منها أمام إغلاق القنصلية التركية في دمشق، وتتخوف بشدة من أن يكون قرار فرض التأشيرة هو حجة قانونية لمنع قدوم السوريين لتركيا والاكتفاء بمن هم على أرضها مسبقا كما هو حال سوريي مصر، لاسيما وأن الشروط التي تسمع بها شروط قاسية ولا يستطيع كثير من السوريين تأمينها ضمن أوضاعهم الحالية. ولا تدري فيما إذا كان القدر سيكتب عليها البعد عن خطيبها وإلى متى سيكون ذلك.

تعطيل للأعمال وانتعاش لمكاتب الخدمات القانونية

أمام حالة الترقب وانتظار التعليمات التفصيلية لشروط التقديم على التأشيرة في مختلف البلاد التي ينتشر فيها السوريون، سعى قسم كبير من السوريين المقيمين في تركيا لتسوية أوضاعهم واستخراج إقامات نظامية لهم تمكنهم من الخروج والدخول إلى تركيا بدون التقديم على تأشيرة.

"أسامة" ناشط سوري يعمل في منظمة إغاثية مقرها تركيا ويضطره عمله للسفر الدائم، عد هذا القرار بمثابة تضييق على السوريين، وأنه اضطر حاليا لتأجيل عدة أعمال له لعدم امتلاكه لتأشيرة أو إقامة في تركيا، واشتكى من طول الفترة التي تستوجب لاستخراج الإقامة السياحية والتي قد تطول إلى أربعة أشهر مما يعني تعليقا لأعماله طول هذه الفترة.

"عبد الرحمن" مؤسس لأحد مكاتب تعقيب المعاملات الخاصة بالسوريين في منطقة "الفاتح" في إسطنبول صرح "لأخبار الآن" أن الطلب هذه الفترة على الإقامات السياحية، وإقامات الطلبة، ومعاملات تسوية أوضاع المخالفين شهدت انتعاشا ملحوظا فاق كل توقع، وأن الإقبال على هذه المكاتب قد تضاعف عدة مرات بعد صدور قرار التأشيرة، رغم أن تكاليف استخراج هذه الإقامات من المكاتب غال نسبيا، وقد تترواح بين خمسامئة دولار للإقامات العادية إلى ألف وخمسامئة دولار في حال كان الطلب عليها مستعجلا.