أخبار الآن | درعا – سوريا (عبد الحي الأحمد)

لم تمض سوى أيام معدودة لتنتهي حالة الجدل التي أخذت حيزا من حديث أهالي درعا حول عملية مبهمة الملامح رسمت علامات الاستفهام لدى ثوار الجنوب السوري، ألا وهي دخول عشرات المقاتلين برفقة عوائلهم وعتادهم الكامل إلى مدينة "إزرع" صباح يوم السبت 15 الشهر الجاري وتسليم أنفسهم إلى قوات النظام،  ليتضح بعد أيام أن هؤلاء المقاتلين هم من تنظيم "جبهة النصرة" وكان على رأسهم شرعي التنظيم "أبو ماريا القحطاني" وعدد من أمراء النصرة إضافة لمقاتلين معظمهم من محافظة "دير الزور" عبروا من درعا في أقصى الجنوب السوري مرورا بالمناطق التي يسيطر عليها النظام ووصلوا إلى محافظة إدلب ضمن اتفاق لم يشأ التنظيم الإفصاح عن بنوده وعمل على إتمامه بسرية.

تفاصيل اتفاق النصرة مع النظام

تنظيم جبهة النصرة لم يدلِ بأي تصريحات أو توضيحات عن تفاصيل هذا الاتفاق، إلا أن وصول "أبو ماريا القحطاني" إلى إدلب وصدور قرار بعزل أمير القطاع الجنوبي "أبو إياد الطوباسي" الملقب أبو جليبيب الأردني وتعيين "أبو أحمد أخلاق" أميرا للتنظيم في الجنوب وهو سوري الجنسية فتح الباب أم التأويلات المختلفة.

مصدر مقرب من جبهة النصرة، رفض الكشف عن هويته لأسباب وصفها "بالأمنية"، أفاد لمراسل أخبار الآن بأن عملية نقل المقاتلين إلى محافظة إدلب تمت بعد تنسيق عالي المستوى مع أحد ضباط جيش النظام والذي رافق رتل سيارات التنظيم بدءا من مدينة إزرع وصولا إلى محافظة حماة.

كما تحدث "المصدر" أن من بنود هذا الاتفاق دفع مبلغ مالي قدره مائة ألف دولار إضافة لتسليم أسرى إيرانيين كانوا محتجزين لدى التنظيم، كما أن معظم السيارات التي انتقل من خلالها مقاتلو التنظيم وعوائلهم كانت مفخخة وجاهزة للتفجير كإجراء إحترازي خوفا من غدر النظام السوري بإجراءات تأمين عملية العبور.

أسباب انتقال القحطاني ومقاتليه إلى الشمال

لم يكن انتقال شرعي النصرة "أبو ماريا القحطاني" ومقاتليه إلى الشمال عبثيا، فكثيرة هي الأسباب التي قد تدفع النصرة لإبرام اتفاق من هذا النوع مع قوات النظام لعل من أبرزها الخلافات التي عصفت بالتنظيم في الجنوب منذ قدوم "القحطاني" إلى درعا واتهام عناصره بتنفيذ سلسلة اغتيالات بحق شخصيات؛ منها من اتهم بمبايعة تنظيم داعش، إضافة إلى وجود مئات المقاتلين من أبناء المنطقة الشرقية في الشمال السوري يعتبر ولائهم للقحطاني كبيرا، فضلا عن سلسلة خلافات في البيت الداخلي للنصرة ظهرت جليا بقرار عزل أمير القطاع الجنوبي "أبو جليبيب" بعد وصول القحطاني إلى الشمال السوري.

من هو أبو جليبيب الأردني؟

أبو جليبيب أو" أبو إياد الطوباسي" هو أحد أعمدة جبهة النصرة في سوريا، عمل مع أبو مصعب الزرقاوي مؤسس تنظيم داعش في العراق سابقا وكان مقربا منه آنذاك.

تم تعيينه مسؤولا عسكريا لتنظيم جبهة النصرة في درعا بعد اندلاع الثورة السورية ودخول تنظيم القاعدة إلى ساحة الصراع، وبعد عدة أشهر تم تعيينه أميرا لقطاع البادية ومن ثم أقر "الجولاني" بعودته بناء على طلبه وتم تعيينه أميرا للقطاع الجنوبي نهاية العام 2012.

وصف تفكير "الطوباسي"  بالغلو وبسياسته الإقصائية التي تسببت في حدوث الكثير من الخلافات في صفوف القطاع الجنوبي للتنظيم، وعلى الرغم من عشرات الشكاوي التي رفعت بحقه إلا أن "الجولاني" رفض عزله لأسباب أهمها وقوفه إلى جانبه عندما اندلع الخلاف مع أبو بكر البغدادي أمير تنظيم داعش في أبريل من العام 2013.

وجدير بالذكر أن أبو جليبيب تعرض لمحاولة اغتيال قبل نحو أسبوعين، ونفى التنظيم الأنباء التي تناولت خبر مقتله أو إصابته.