أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة (مرصد المستقبل)

في ثلاثينيات القرن التاسع عشر حط قوم رحالهم في أحد موانئ الخليج العربي والذي كان معروفاً بصيد اللؤلؤ، أولئك الناس الذين لم يزد عددهم عن 800 شخص شكلوا نواة لمركز حضري مهم بلغ عدد سكانه 20000 مطلع القرن العشرين، أما مطلع القرن الحالي فقد أصبح هذا الميناء من المدن الرائدة على مستوى العالم وهي مدينة دبي عاصمة إمارة دبي والتي أصبحت اليوم مركزاً يؤمه رجال الأعمال والسياسيين والسياح من مختلف دول العالم، ومكاناً لالتقاء كافة الفعاليات التنموية، الإقليمية منها والدولية، وكان آخرها قمة على مستوى حكومات العالم.

اقرأ أيضا: الإمارات الأولى عالميا في السياحة الحلال

دبي المستقبل

حيث انطلقت في 12 فبراير 2017، الدورة الخامسة لـ"القمة العالمية للحكومات" بمدينة جميرا في دبي، واستمرت على مدى ثلاثة أيام، بمشاركة واسعة تضم 150 متحدثاً في 114 جلسة، وحضور أكثر من 4000 شخصية إقليمية وعالمية من 139 دولة. وشهدت القمة مشاركةً بارزة وفعالة لـ"مؤسسة دبي للمستقبل"، حيث أطلقت عدة مبادرات هامة وكشفت النقاب عن أهم مخططاتها لمستقبل البلاد.

أما باكورة هذه المبادرات فهو "متحف المستقبل" والذي افتتحه الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي وهو أحد أهم الفعاليات الرئيسية المصاحبة لـ"القمة العالمية للحكومات" في دروتها الحالية.

وقد ركز القائمون على المتحف خلال مشاركتهم في "القمة العالمية للحكومات" على تحديات التغيير المناخي في محاور رئيسية ثلاثة، وهي المياه والغذاء والمدن، ويحوّلها إلى فرص ملموسة، حيث تشير أحدث الدراسات إلى أن دولة الإمارات تقوم بتحلية 80% من المياه الصالحة للشرب في الوقت الذي يتزايد الطلب عليها باستمرار، بينما من المتوقع أن تكون نسبة المياه إلى أقل بنسبة 40% من حاجة العالم بحلول 2030.

كما قدّم المتحف تصوراته للهندسة البيولوجية التي ستنتج المياه العذبة، وهي قناديل البحر وأشجار القرم المعدلة وراثياً، حيث سيأخذ زوراه في جولة إلى أعماق البحار للتعرف على هذه الطريقة المبتكرة في التغلب على تحديات تحلية المياه، ويعتبر قنديل البحر من أكثر المخلوقات امتصاصاً للمياه كما هو الحال بالنسبة إلى جذور أشجار القرم.

كذلك قدمت هذه المبادرة فكرة "أدوات المدينة" وهو حلّ روبوتي ذاتي البناء يعتمد على التكنولوجيا الحيوية والروبوتية المتطوّرة لإنشاء المباني من حوله. ويوفر النظام المواد المستدامة لبناء المدن بنسبة 100% في غضون أسابيع قليلة، بحيث يستخدم الموارد المحلية لتشييد البنى التحتية وإنتاج الطاقة وزراعة المحاصيل الغذائية. كما يمكن لهذه التقنيات أيضاً بناء المدن الجديدة أو ترميم المدن التي تضررت من الكوارث الطبيعية كالفيضانات أو العواصف. فمثلاً، قام خبراء من جامعتي "أوكسفورد" و"هارفارد" و"متحف المستقبل" في دبي ببناء نسخة من "قوس النصر" الذي تدمّر بمدينة تدمر الأثرية في سوريا في مايو 2016 وذلك باستخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد، وتم نصب هذه النسخة في ميدان الطرف الأغر في لندن لثلاثة أيام، قبل أن تم نقله إلى عدة مدن، منها نيويورك والآن دبي.

وقد صرّح الشيخ محمد بن راشد الأهداف التي يسعى متحف المستقبل لتحقيقها بقوله: "إن متحف المستقبل متحف دائم لاختراعات المستقبل، ومنصة مثالية وعالمية لاختبار الأفكار وتطوير الحلول التقنية، وحاضنة للابتكار، ومنصة عالمية تحدد أبرز الاتجاهات المستقبلية في المجالات العلمية والتقنية، كما يعتبر مساهماً رئيساً في صياغة توجهات استشرافية تسهم في بلورة سياسات واستراتيجيات يمكن من خلالها لحكومات العالم الاستفادة المثلى من تقنيات المستقبل وما تتيحه من إمكانيات".

العلم أساس المستقبل

ولأن الدراسات والأبحاث هما المحرك الأوحد لمدن المستقبل فقد أعلنت "مؤسسة دبي للمستقبل" خلال القمة بالشراكة مع "معهد الآثار الرقمية البريطاني"، التابع لـ"جامعة أكسفورد"، وبالتعاون مع "جامعة هارفرد"، إطلاق "مركز تصميم المستقبل"، وهو مبادرة استراتيجية عالمية تسعى من خلالها المؤسسة لتحقيق أهداف استراتيجية في المجالات عديدة، بما فيها الدراسات المستقبلية، والتكنولوجيا ثلاثية الأبعاد، والفيزياء الحديثة.

وسيوفّر المركز الذي سيتخذ من حرم "جامعة أكسفورد" مقراً، برامج أكاديمية وفصول دراسية ومختبرات مستقبلية، كما سيعمل على إيجاد قنوات لتمويل البحوث العلمية، وسيوفر برامج تخصصية في مستقبل التكنولوجيا والسياسات العامة، ومختبرات مجهزة للبحث والتطوير في مجال التكنولوجيا ثلاثية الأبعاد، كما سيتيح لمنتسبيه إمكانية الاشتراك في برنامج "فوكس" بدراسات المستقبل لربط الطلاب بالعلماء والموارد العلمية.

كما ستعمل "مؤسسة دبي للمستقبل" من خلال هذه المبادرة بشكل وثيق مع "معهد علم الآثار الرقمي" في "جامعة أكسفورد" بالعديد من المجالات التي تسهم في تحقيق رؤيتها المستقبلية، بما فيها إيجاد تمويل للمشاريع التي ستستخدم التكنولوجيا ثلاثية الأبعاد ومشاريع البحث. وبدروها، ستصمم "جامعة أكسفورد" برامج أكاديمية وتدريبية مستقبلية متميزة، بالتعاون مع "أكاديمية دبي للمستقبل"، وستطرح برنامجاً تعليمياً وتدريبياً متكاملاً على أسس مستقبلية تتيح لطلبة الجامعة فرصة استشراف مستقبل القطاعات الاستراتيجية، وتسهم في تعزيز قدرتهم ومهاراتهم على وضع الاستراتيجيات ورسم السيناريوهات المستقبلية.

دبي السباقة

وسعياً من إمارة دبي لتقديم أنموذج لمدن المستقبل فقد وجه الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، الجهات الحكومية في دبي، بأن تطبق ما ستطبقه مدن العالم الأخرى بعد 10 سنوات، وذلك تحت قيادة الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي رئيس مجلس أمناء "مؤسسة دبي للمستقبل"، والشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم، نائب حاكم دبي. وتعرف هذه المبادرة بمبادرة "دبي X10".

وهي مبادرة تسعى لتحقيق التعاون مع الجهات المعنية في حكومة دبي، لتبني نماذج جديدة لحكومات المستقبل، بإحداث تغيير شامل في منظومة العمل الحكومي، ووضع خطط مستقبلية تعيد دور الحكومة في خدمة المجتمعات وصناعة المستقبل.

وتعتزم دبي من خلال المبادرة، أن تسبق مدن العالم بـ10 سنوات، ومن هنا تأتى تسمية المبادرة بالرقم 10، في الوقت الذي يرمز حرف X إلى التفكير المستقبلي خارج الأطر التقليدية، وبالتالي فإنه، من خلال هذه المبادرة، تطبق دبي الآن ما سيطبقه العالم بعد 10 سنوات.

وقد أكد الشيخ محمد بن راشد أن هذه المبادرة ستسهم في تنفيذ رؤية دبي لتكون مدينة المستقبل، وذلك من خلال آليات عمل جديدة تحاكي المستقبل، وتسهم في استدامة تنافسية دبي، كما تجعل من دبي أكبر مختبر للتجارب الحكومية المستقبلية في العالم"، مشيراً إلى أن "عمل الحكومات لا يقتصر على تقديم الخدمات وتطويرها، بل يشمل إحداث التغيير في نظم وآليات العمل".

اقرأ أيضا: 

 دبي تحافظ على جاذبيتها للاستثمارات وتستقطب 16800 شركة جديدة في 2016

أكثر من 111 بليون دولار قيمة الاستثمارات الأجنبية التراكمية في الإمارات